عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2016, 07:16 PM
المشاركة 3
مؤيد عبد الله
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
[justify]قد لا يحتاج الشاعر الى اكثر من الانكفاء المؤقت على النفس ، مع اغلاق منافذ الوعي والانتباه المفتوحة على الخارج ، واستحظار ذكرى الامر العظيم الذي مر به والخطب الجليل الذي آلمه او المناسبة السعيدة التي هو فيها او مشاعر الحب التي تغمر قلبه ، حتى تنثال على قلبه خطرات الالهام المنهمرة وكأنها رسائل تبعثها ربات الشعر يبعثنها اليه من فوق ، فتلتمع في راسه رؤى وافكار لم تكن لتمر عليه لو كان دائرا مع الاخرين في سورة التعامل والانشغال بما تتطلبه الحياة في المجتمع ، وقد لا يحتاج الاديب المفكر اكثر من قلم وورقة ليسطر عليها بيراعة المتمرس رائعة من روائع الادب وتضحى خالدة يتناقلها القراء جيلا بعد جيل .. كل هذا جائز .. ولكن عند من ..؟ انها عند تلك الطبقة المتميزة ، تلك التي حباها الله تعالى بقدرات وصفات لن نجدها عند غيرهم الا في مستويات هي اقرب الى ادنى درجات السلم .. انهم اصحاب عقول متفتحة ومستويات شعور واسعة وخزائن معلومات كبيرة وارصدة معلومات تغطي مساحات شاسعة ، اذهانهم متوقدة وسيالات التفكير عندهم تمضي على عجل ولهم قلوب نابضة وعواطف جياشة ....
ولنا ان نحسب مجموعة اخرى من المبدعين على انها منهم ايضا ، فيهم اعلام فكر وادب ولهم محبون ومتابعون ولهم ابداعات ونتاج يدور بين المثقفين .. لكنهم يقفون على كفة اخرى مقابلة ومختلفة .. والاختلاف بين المجموعتين ، اختلاف طبع وتركيب جسمي فسلجي عصبي .. ذاك الاختلاف الذي يقربنا الى فهمه عالم النفس( هـ ج ايزنك ) في كتبه - منها المترجم بعنوان الحقيقة والوهم في علم النفس - والدكتور المرحوم ( سامي الدروبي ) في مؤلفه علم الطباع المدرسة الفرنسية . فللاولى صفات نفسية وجسمية كثيرة منها سرعة التيار العصبي المنطلق من الدماغ نحو الخارج وانتقاله من عقدة عصبية الى اخرى ، وكذلك تداعي الافكار والمعاني على ذهن صاحبها بسرعة مطردة كلما اشتد انفعال الشخص ازداد التدفق وتوالت الافكار وازدادت حدة .. والعكس صحيح عند المجموعة الاخرى المقابلة نعني ان دفقات المعاني والافكار قد تتلكأ وتعجز عن اسعاف صاحبها كلما ازداد انفعاله حدة وشدة (( المطالعات قديمة ومن وحيها جاء الذي تقدم ذكره )).
قد تقدّم المجموعة الاولى اعمالا ابداعية تشهد لهم بالتفوق والتفرد دون التوقف طويلا عند مراحل الابداع التي اسهب في وصفها علماء النفس لما يتميزون به من السرعة في التفكير وفي استدعاء الذكريات والاحساس العميق بالمواقف المتازمة والسعة في ساحة الشعور ، لكن الامر غير ذلك عند المجموعة الثانية ، فهم بحاجة الى المكوث طويلا عند محطات الانتاج الادبي او الفكري المبدع ، واحوج الى استجماع الموارد المفيدة في تقديم حلول ملهمة تشهد لهم بالاصالة في التفكير .. فلو طلب من احدهم كتابة مقال عن موضوع ما من المواضيع ، فسيسارع الى اقرب مكتبة او مركز انترنيت لتوفير المراجع التي تخدمه في كتابة المطلوب ، وهذا قد لا نجده عند اصحاب المجموعة الاولى ولعل منها تلك الاعمال التي اطلقنا عليها تسمية ادب السجون ..
يتبع باذن الله

وشكرا للاستاذ القدير ايوب صابر المحترم[/justify]