عرض مشاركة واحدة
قديم 01-15-2017, 11:02 PM
المشاركة 85
مؤيد عبد الله
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ المبدع ايوب صابر المحترم
شكرا لما تقدمونه من الاخبار الممتعة والمعلومات المفصلة ، المثيرة للعجب والمحفزة للذهن والمحركة للقلب ليمتلأ اعجابا واحساسا بعظمة الخالق تعالى وقدرته المطلقة وحكمته الظاهرة في كل شيء تراه العيون وكل أمر يخطر على البال ...
وصدق من رأى ان تقدم العلوم ومكتشفاته ، وتعمقه في سبر اغوار الظواهر والمخلوقات والوقوع على آلياته وتفاعلاته ، ينحّي دعاوى التشكيك عن دائرة الفرضيات ، ويثبت في القلوب حقائق الايمان والاطمئنان بالله سبحانه ..
عندما ظن الناس ان الدنيا صغيرة وبسيطة التركيب ، وان السماء قبّة عالية وهواء وكرات تدور ، كل جسم حي فيها اشبه بدمية مصنوعة من طين ، لا تعقيد عسير على الفهم ولا نسيج فائق الدقة ولا تفاعلات معقدة ولا اوردة دم راجعة ولا شعيرات دقيقة تتساوق مع انساغ الدم الصاعدة من القلب والراجعة اليه متشابكة مع اعضاء الجسم وخلاياه في عملية هي لوحدها معجزة لا قبل للعقل البشري على صنع مثيل لها او ابداع جهاز مشابه .. ظن ان الامر سهل وميسور ، ولا حاجة ليد الاله الخالق المدبّر ، وان المادة ابدية قائمة ومكونات الجسم الحي منتشرة ، من الممكن ان اجتمعت في بيئة مناسبة وامتزاجات متوائمة ان تنتصب واقفة وتتخذ طريقها على الارض سربا ..
لكن الحال قد اختلف ، ونظرتنا الى العالم لم تعد كما كانت ، فما في الكون ظواهر عجيبة لا تحيط بها العقول ولا تدركها الا في معادلات يراها منطقية ولا قبل له ان يراها لا في جهاز متطور او انبوبة اختبار ، فالسماء ممتدة لا لمتر او مترين ، بلل لو انطلق الضوء بسرعته المعروفة لاحتاج الى مائة مليار سنة حتي يبلغ منتهى السماء ، ويكون قد ارتد الى نقطة انطلاقه ، ويقولون ان هذا كون واحد من اكوان اخرى لاعلم لنا مالذي فيها واي قوانين فيزياء تعمل هناك .. وان ارضنا وشمسنا ذرات صغيرة ليس لها ذكر اذا ما قورنت باحجام الشموس والسدم ، وان في الكون مادة واخرى نقيضة ، وان في السماء مقابر وثقوب سوداء تكنس ما يدنو منها وتبتلعه ، وان ثقبا بحجم تفاحة قادر على ابتلاع نجم بحجم شمسنا فيضيع في بطنه او يلفظه الى عالم آخر وكأن الشيء لم يكن ... !!
وما قلته استاذنا الكريم عن الروبوت والادمغة الصناعية وما تحمله من الامكانات العجيبة الخارقة ، وان صنّاعها ماضون الى اضافات اخرى وتطويرها لتبلغ آفاقاً غير محدودة مستهدين بتراكيب الدماغ البشري ( المعجز ) وان البون لا زال شاسعا وواسعاً بين التركيبين ، الدماغ والروبوت .. الا يضعنا في موقف انبهار وانكسار وخضوع وخشوع امام تجليات ربنا وعظمته وسرمديته وقدرته وحكمته وتصرفه .. السنا امام المطلق من الحدود ..!!
وهل من تعليل للكثرة في التنوع ، وتوافر القوانين المناسبة اللازمة لبزوغ الاجرام والافلاك والمعادن ومكونات الاخلاط ومستلزمات دبيب الحياة في الخلايا وتكوين ابسط انواع الاحياء ..؟؟
لقد رأى مفكرونا ومنهم علماء ، ان العقل والتدبير قد اخترق النسيج الكوني كله ونافذ فيه ، وليس في الكون مكان الا ويشهد لله خالقه ((يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ )) انها مقاربة لا تفسير..
اما ما ذهب اليه البعض الاخر من العلماء من ان اجتماع كل هذا الخليط اللازم في كوننا الذي نحن فيه كان محض صدفة واحتمال وارد ، نظرا لان الوجود اشبه بمرجل ماء يغلي يقذف فقاعات ( اكوان مشابهة ، منها ما هو بحجم كوننا البالغ مائة مليون سنة ضوئية او ربما اكبر) متتاليه لا نهاية لها في الزمن ولا عدد يحده حد ، ولعمري ان في التعليل هذا – ان تقبله البعض - تصوير حي للمطلق الذي ينشد فهمه كثير من طالبي الدعائم والايات على قدرته تعالى وتدبيره ورحمته بنا ولطفه ...
لقد قرب العلم لنا – بقصد او غير قصد - مفاهيم العقيدة والدين ، وسياتينا في قادم الايام والمستقبل ، عندما تتزايد الدراسات والاكتشافات وسبر اغوار المكونات ، بما تنشرح له صدور المؤمنين وتطمئن له قلوب الورعين ، فامامنا آيات وآيات ، وسيرينا الله تعالى آياته في الافاق وفي انفسنا حتى يتبين لنا انه الحق ...
ارجو من الله التوفيق والعودة الى المقاربة بين الروبوت والدماغ ، وهل في الامكان صنع اجهزة لها حرية الاختيار .. اعني الحرية بمعناها الميتافيزيقي ، تلك التي دافع عنها المفكر الفيلسوف ( كيركجارد ، ان صح الظن ) حينما انتفض محتجا على الجبرية في فلسفة التاريخ عند فيلسوف آخر قائلاً (( لست من مملكتك )) ..
لقد تأسف الفيلسوف ( سارتر ) لأن الله تعالى غير موجود ( بحسب ظنه ) ففرضية وجوده مستحيلة ، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان حرية الانسان تعني عدم قدرة احد على معرفة ما سيختار ويعمل وهذا يتعارض مع علم الله بما سيختاره الشخص ويفعله ،.. وقد رد على هذه الشبهة الفيلسوف المعاصر المتوفى ((الاستاذ الدكتور زكريا ابراهيم )) صاحب سلسلة المشكلات الفلسفية – اظنه في كتاب مشكلة الحرية - بان الحرية التي قصدها سارتر مستحيلة ان لم تكن لها دعامة ميتافيزيقية ، فصارت شبهة سارتر حجة عليه وليست له .. ولقد ابدع مفكروا الفلسفة وعلوم الفيزياء في ان التتالي والتوالي الجاريين على السلوك مرهونتان بالزمن وان الزمن داخل في نسيج المادة ، والله تعالى ليس بمادة ولا يحدّه زمن ، انه (( عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ)) .. اننا بحضرة المطلق من الحدود وليس لنا الا ان نخر سجدا ونسبح بحمده ولا نستكبر (( ليت اساتذتنا ممتهنو الفلسفة وطلّابها وكذالك علوم الفيزياء ونظرياتها اغناء المقال بما يثريه .. ))

ولا بد من الاعتراف بالخجل والتواضع فقد اقحمت نفسي بمجالات لا علم لي بمضامينها ولا خبرة .. وكل الذي وفقني اليه الله تعالى جمل وكلمات وقعت عليها عيني في مطالعات سابقة وبقيت عالقة في الذهن ولا اكثر من ذلك

ونحن بانتظار جديدك استاذنا المبدع