عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
4952
 
مشعل بن عبدالله
من آل منابر ثقافية

مشعل بن عبدالله is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
31

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Nov 2012

الاقامة

رقم العضوية
11732
02-27-2013, 01:16 AM
المشاركة 1
02-27-2013, 01:16 AM
المشاركة 1
افتراضي دموعٌ على سلام هتلر..
كانت قد ألحّت عليه في آخر رسالة تطلب مقابلته في حفلة زفاف جيرانهم,وذلك عبر رسائل الجوال التي ما فتئت ترسلها إليه بين الحين والآخر على الرغم من تجاهله لتلك الرسائل.
وبعد فراق دام سنين التقى العاشقان في ليلة بلّلها الرذاذ,اقتنصا الفرصة في سكرة الحاضرين وانشغالهم بمجريات العرس,وعلى الدوام هناك من هم على استعداد لتأمين لقاء العشّاق,وفي ركنة بعيدة عن الأنظار جلسا متجانبين على عتبة مستودع خلف المنزل وأخذا يختلسا اللحظات من جعبة الزّمن..
أمسك بكفها وقال: أتشعرين ببرد أناملي؟
قالت معاتبة: عجباً كيف تسأل عن مدى إحساسي ببرد أناملك وأنت الذي لم تشعر باحتراقي منذ سنين؟!
أدرك أنها تقصد عدم ردّه على رسائلها..حبيبتي كنت قد أخبرتك في يوم زواجك بأنني سأكتفي بكِ حلماً جميلاً أنغمس فيه كلما أضناني الحنين,وطلبت منك حينها أن تتهيئي للعيش في عشٍّ تختلف أعواده عن تلك التي جمعناها من حقول الأمنيات.
بدأ قلبيهما يضخان الدم الدافئ بغزارة في أطرافهما الباردة..
العاشقة: حبيبي أحتاجك بشكل لا تتخيله.
العاشق: ليست حاجتك إليّ بأكثر من حاجتي إليك,ولكن القدر لا يأبه لاحتياجنا.
هي: إنّ حياتي تذبل في غيابك وآمالي تموت.
هو: أخذ نفساً عميقاً ..وأنا ما يزال خدّي ندّياً بعد زفافك المشئوم,لكنّه النصيب ..لا تنكئي الجراح واخبريني عن أيامك كيف تمضي في معيّة زوجك وأبنائك؟.
اغرورقت عيناها بالدموع..حبيبي أشعر في بعدك بالضياع, إنّني أتبعثر في فراغٍ رهيب ولا أحد سواك في هذه الدنيا العريضة يمكنه احتوائي,أرجوك رطّب تشققات روحي بما تجود من غيثك,ولا تحرمني زخّات حنانك بين الحين والحين ..ساعدني وقل لي ما عساي أن أفعل؟ هل أطلب الطلاق؟هل أنتحر..هل..ثم اختفت كلماتها في عبرةٍ خانقة..
تزايد الرذاذ وبدأ ينفذ إلى عضديها من خلال مخمل أسود شفّاف..
هو: حبيبتي الكلمات تزدحم في خاطري والوقت بدأ يداهمنا..اسمعي وأمسك بخصلةٍ من شعرها: أعلم أنّ بكِ مسحة من الجمال الأزلي, وكم وددت لو ألتهمكِ دفعة واحدة,لكن غضاضتك لن تسدّ جوعي,وحبكِ لن يملأ قلبي,أتعلمين لماذا؟..لأنّ روحي هي الجائعة! ..قد تستغربين لو قلت لكِ إنني سعيد بافتراقنا وابتعادنا عن بعضنا..رمقته بنظرة فيها تحيّر واستهجان..استطرد قائلاً: لأنّ الفراق وحده كفيل بأن يُبقي جذوة حبنا متّقدة.
حبيبتي..الحب أجلّ وأسمى من فهمنا الضيّق له,فنحن مجرّد موجتا طينٍ رشحتا في جدار الهواء,وعمّا قريب سينحسر بحر التراب وتختفي الموجتان من جديد..
هي: لابد أن سنين الفراق قد قلبت مفاهيمك فلم أعد أفهم ما تقول..حبيبي يجب أن أذهب الآن ..حاول أن تتغلب على هلوساتك وتتصل بي هذه الليلة فلدي الكثير والكثير أقوله لك..سأذهب..ثم قالت بنبرة تطفح غنجاً وأنوثة: ألا تريد أن تقبلني؟ ..ساد الصمت برهة..وقفت مشدوهةً من برود حبيب لم تعتده إلّا متلهفاً لتقبيل وجنتيها وشمِّ شعرها..
هو:حبيبتي لا يمنعني عن تقبيلك وضمك إلاّ أنّني أخشى أن تلتصق روحي بروحك المسجونة في عمقكِ المظلم,فلم يعد يفصل بينهما سوى بشرتك الرقيقة!.
ارتسمت على وجهها ابتسامة خجولة: وماذا عن بشرتك السمراء الغليظة..
هو: إنّ روحي أصبحت تطفو فوق جسدي, ولهذا بدأت أرى حقائقاً كان يواريها خلفه.
هي: إذاً فالتسمح لجسدي بأن يعانق روحك..ثم ارتمت في حضنه..
في تلك الأثناء كان العروسان يُزفّان على موسيقى سلام هتلر الملكي..وعلى إيقاعها أجهشت بالبكاء وأخذت تذرف دموعها الدافئة على نحره,فبادر بتهدئتها..حبيبتي أخذتني دموعك إلى ضحايا حرب هتلر المجنونة,فكأني أسمع صرخات اليتامى ونواح الأرامل..,لا أعلم كم امرأة أفقدها ذلك الطاغية أحبّتها؟
وبصوت فيه نشيج قالت: لكل منّا في حياته هتلر يسحق أحلامه ويدكّ حصون سعادته,أرجوك لا تدقّ المسمار الأخير في نعشي بصدّك وهجرانك فأنا أحبّك..أحبّك..أحبك
وكأن نبرتها المبحوحة قد أيقظت مارد الحب القديم في أعماقه,ذلك الحب الذي حاول أن يذيبه في هموم الحياة اليومية وانهماكات العيش لكي يخفّف من وطأته,كما حاول أن يفلسفه بطريقة تقلّل من شأنه وتحدّ من سطوته على نفسه,ولكن الفشل كان حليفه في كل محاولاته..حبيبتي ..بالأمس افترقنا بفعل النصيب,أمّا اليوم فإنّ افتراقنا ضرورة يوجبه علينا الخُلق والدّين,لا أدري ما أقول لك..ولكن كوني قريبةً منّي ولا تكوني..كوني بجنبي ولا تكوني..لا تدعيني أرى عينك ولكن أشعريني بأنّها تراني على الدوام..ثم انسكبت تلك الدمعة التي كان يحبسها خشية أن تفضح ضعفه وهشاشة روحه..أعدكِ بأن أحملكِ في قلبي وأبحر في لُجج النسيان..
غادرت تكفكف دمعها بيد وتلوح له بالأخرى:أحبـــــــــــــــك
هو: أحبـــــــــــــــُّ........