عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2012, 01:54 AM
المشاركة 183
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
.... أنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ ....

قال ابن الكلبي : كان من حديث النذير العريان أن
أبا دُوَاد الشاعرَ كان جاراً للْمُنْذِر بن ماء السماء ،
وأن أبا دُوَاد نازَعَ رجلاً بالحِيرة من بَهْراء يقال له رقبة
بن عامر ، فقال له رقبة : صالحني وحالفني ، قال أبو
دُوَاد : فمن أين تعيش أبا دُوَاد ؟ فوالله لولا ما تصيب
من بَهْراء لهلكت ، ثم افترقا على تلك الحالة ، وإن أبا
دُوَاد أخرج بَنِينَ له ثلاثةً في تجارة إلى الشام ، فبلغ ذلك
رقبة ، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو دُوَاد عند
المنذر ، وأخبرهم أن القوم وَلَدُ أبي دُوَاد ، فخرجوا إلى
الشام فقتلوهم ، وبعثوا برؤوسهم إلى رقبة ، فلما أتته
الرؤوس صنَعَ طعاماً كثيراً ، ثم أتى المنذر فقال له :
قد اصطنعت لك طعاماً فأنا أحب أن تَتَغَدّى ، فأتاه
المنذر وأبو دُوَاد معه ، فبينا الجِفان تُرْفَعُ وتوضعُ إذ
جاءت جَفْنةٌ عليها أحد رؤوس بني أبي دُوَاد ، فقال
أبو دُوَاد : أبَيْتَ الَّلعْنَ إني جارُكَ وقد ترى ما صُنِع
بي ، وكان رقبة جاراً للمنذر ، قال فوقَع المنذر منهما
في سوأة ، وأمر برقبة فحبس ، وقال لأبي دُوَاد : ما
يرضيك ؟ قال : أن تبعث بكتيبتيك الشَّهباء والدَّوْسَر
إليهم ، فقال له المنذر : قد فعلْتُ ، فوجَّه إليهم الكتيبتين
قال : فلما رأى ذلك رقبة مِنْ صُنْعِ المنذر قال لامرأته :
الحَقِي بقومك فأنذريهم ، فعمدت إلى بعض إبل البَهْرَاني
فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرّفت ، ثم قالت :
أنا النَّذِيْرُ العُرْيَان ، فأرسلتها مثلاً ، وعرف القومُ ما
تريد ، فصَعَدوا إلى علياء الشام ، وأقبلت الكتيبتان فلم
تصيبا منهم أحداً ، فقال المنذر لأبي دُوَاد : قد رأيتَ ما
كان منهم ، أفَيُسكِتُكَ عني أن أعطيك بكل رأسٍ مائتي
بعير ؟ قال : نعم ، فأعطاه ذلك ، وفيه يقول قيس بن
زهير العبسي :


سأفْعَلُ مَا بَدَا لِيَ ثُمَّ آوِي
إلى جارٍ كَجَارِ أبي دُوَادِ


وقال غيره : إنما قالوا " النذير العريان " لأن الرجل إذا
رأى الغارة قد فَجَأَتْهم ، وأراد إنذار قومه تجرَّد من ثيابه
وأشار بها ليعلم أنه قد فجأهم أمر ، ثم صار مثلاً لكل
أمر تُخَاف مفاجأته ، ولكل أمر لا شبهة فيه .