عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2010, 06:26 PM
المشاركة 89
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (25)



من وحي مهرجان أبي الفداء



أغفتْ على ساعد الأقدارِ حالمةً
تصبي الزمان بما يُغري ويُصبيها


كأنَّها غادةٌ ضجَّتْ لفتنتها
كل البلاد وودَّتْ لو تُجاريها


لكنَّها وليالي الأنس عامرةٌ
حيناً .. وحيناً تعاني من لياليها


ترفَّعتْ وسمتْ عن كلِّ شائنةٍ
وباتَ يروي جذورَ المجدِ " عاصيها "*


كانتْ ولمَّا تزلْ مهدَ الجمالِ على
مرِّ العصور وصرحاً في تعاليها


تظلَّمَ السِّحرُ لمَّا أن رأى عَجَباً
من سحر فتنتها .. من طيب أهليها


وازورَّ يندبُ حظاً عاثراً عجزتْ
منه الطلاسم في حسنٍ تباهيها


فللنَّواعير أذكارٌ مموسقةٌ
ترقى إلى الله من محرابِ واديها


تستقبل الشمس تحناناً بأدمعها
حتى إذا غربتْ ناحتْ سواقيها


وللصباح تثنٍّ في خمائلها
وللمساء هيامٌ في روابيها


والطيرُ تصدح والأفنان راقصةٌ
مع النسائم تصبيها وتشجيها


فاستلهمِ الوحيَ من محراب عزَّتها
ومتِّعِ الفكرَ في دنيا نواديها


واستوحِ ما شئتَ من آياتِها سوراً
واستنطقِ الصخر ينطقْ بالفدا فيها


واجلسْ إلى " الدهشة "* الممراحِ مستمعاً
لقصةٍ عن " بني أيوب " ترويها


هنا بنينا صروح المجد في زمنٍ
كانت يد الغدر تمضي فيه تشويها


هنا على ضفة العاصي سما علمٌ
عاشتْ حماة بها نُعمى أمانيها


ألقتْ إليه مقاليد الأمور بما
يُرضي العلى والندى والمجد يجريها


" أبو الفداء " " عماد الدين " فانكفئي
يا عصبة الشرِّ قد سلَّتْ مواضيها


ولينقشعْ مدلهمُّ الليل عن بلدي
فالعلم والنور فيضٌ من أياديها


حنا على الفكر كالأجفان يحرسه
بكل ثاقبةٍ في الرأي يُدليها


وأرهفَ السيف باسمِ الله فانتزعتْ
روحٌ ..وروحٌ به قد راح يُحييها


" أبو الفداء " فغنِّي يا عُلى طرباً
وزغردي يا جراحي في الحِمى تيها


* * *

هلَّا أقمتمْ له صرحاً يُذكِّركم
بباذخِ المجدِ يا أحفادَ ماضيها


هلَّا وقفتم سويعاتٍ بحضرته
تستلهمون فنوناً من معانيها


هلَّا أفضتمْ إليه كلما ازدحمتْ
مصائبُ الدهر واربدَّتْ دياجيها


قضيتُ سبع مئينٍ في تذكُّره
أسامر البدر والأمواهَ تمويها


لكنني وفؤادي دائرٌ أبداً
يسقي الحياة رحيق الحبِّ ترفيها


أقول والدمع يروي قصةً عجباً
لمَّا يزلْ ثأرُنا في القدس يمليها


حتى نُعِدْ لهمُ " حطين " ثانيةً
فيوم " تشرين " بعضٌ من تساميها


* * *

لبيكِ .. لبيكِ .. يا " أمَّ الفدا " وصحتْ
منابرُ العزِّ .... واهتزَّتْ نواحيها


وقام كلُّ بليغٍ ماردٍ لَسِنٍ
يروي مآثرَ حاميها وحاديها


من كلِّ حدبٍ إلى " أمَّ الفدا " وفدوا
فلليراع بها همسٌ يُناغيها

وللقوافي على قيثارها نغمٌ
كأنَّ " داود " يشدو في معانيها


هذي الحضارة من كشفٍ ومخترعٍ
لولا العروبة لم تسطعْ دراريها


نحن الهداة وقرص الشمس موردنا
وهم ظلالٌ لنا نجري فَنُجريها


ما غيَّر الدهرُ منا شيمةً عُرِفتْ
نحن الصفيُّون للأخلاق نعليها


والدهر ملعبنا لم نخلِ ساحتَه
إلا لنوسعَ فكرَ الكون توجيها


فإن بغوا باسمها حيناً بلا رَشَدٍ
فللحضارة فينا ما يُعزِّيها


* * *

أستغفر الله يا " أمَّ الفدا " أَبِقتْ
مني الحياةُ .. وحسبي لا أداجيها


فاستغفري الله لي يا جنَّتي فأنا
شادٍ على الأيكِ أشعاري أُغنِّيها


واسلَمْ على شفةِ التاريخ يا وطني
أغرودةً تُسكر الدنيا ومن فيها




حماة 1-12-1974



* العاصي .. نهر يشطر مدينة حماة
وتقوم عليه عشرات النواعير
* الدهشة .. اسم الناعورة التي تجاور
ضريح أبي الفداء