عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-2011, 06:56 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قرءاه نقدية مغايرة ومعمقة لقصة "الظل" لكاتبها مبارك الحمود ومحاولة لفكفكة الغموض في القصة واستخراج عناصر الجمال منها :

في الفقرة الثالثة من القصة نجد أن القاص مبارك الحمود يستمر في تصعيد حدة التشويق، والإثارة والشد في القصة، من خلال استخدام كلمات تثير في نفس المتلقي مثل هذا الشعور. حتى أننا نجد بأن القاص يزيد على اسم البطل اليتيم، وهو الشخصية المحورية الثانية في القصة (نقيض البطل) كلمة (زيد) ففي المرة الأولى اسماه ماجد المازني فقط، وهنا اسماه ماجد زيد المازني، وبما يوحي بالزيادة في حدة التشويق حتى من خلال الإضافة على الاسم باستخدام كلمة توحي بالزيادة. لكننا نجد بأن هذه الفقرة تشتمل على عدد بارز من عناصر الجمال التي تجعلها ذات اثر كبير ووقع مهول:


و ذلك ما جعل ماجد زيد المازني يتحدى الجميع على أن يعرف مكان سكنه, وأن يجلبه لهم بين يديهم في وضح النهار, بشرط أن تكون له مكافاة مالية على ذلك قدرها ثلاثة أكياس من الدقيق الأبيض.. كان ماجد مشهور بين أهل المدينة بنشاطه وجده, و لذلك حين اشترط عليهم تلك الشروط وافقوا فورا.. فراقبه ساعات طويلة, وكان وقت المغرب حين رآه فجأة.. كان الظل ينظر لعائلة النجار من خلال نافذتهم المفتوحة, والشاب يراقبه بحذر و خوف.. أحس الشاب بملامح حزن تبدو على الظل, هناك ألم خفي يشعُره بذلك السواد الفاحم.. ومرت الأيام وهو على هذه الحالة, و لكن لم يستطع أن يعرف مكانه, فالظل خفيف المسير وسريع الخطى, وسرعان ما يختفي في وسط أحشاء الغابة كالشبح.


ونجد أن القاص في هذه الفقرة يبرز الصراع من جديد بين شخصية الفتى اليتيم ( ماجد زيد المازني ) وشخصية الظل الأسطورية، وذلك من خلال جعل ماجد (يتحدى) الجميع على انه يعرف مكان سكنه، وانه سيكون قادر على أن يجلبه بين يديهم في وضح النهار، وفي ذلك قمة التحدي، والشجاعة التي يمكن أن يتصف بها شخص يواجه شخصية أسطورية، خرافية ذات صفات مخيفة وملامح مرعبة كتلك التي يتصف بها (الظل)...ولذلك ونظرا لصعوبة المهمة لم يتردد سكان تلك المدينة الصغيرة في تخصيص مكافأة له عبارة عن ثلاث أكياس طحين ابيض إن هو فعل.

ونجد أن القاص يستخدم في هذه الفقرة الألوان أو كلمات توحي بالألوان وبما يضفي على الفقرة ملامح فنية جمالية غنية بالألوان، وكأنها لوحة فنية، مثل كلمات ( في وضح النهار + الطحين الأبيض+ وكان وقت المغرب+ السواد الفاحم)، كما انه يستخدم الأرقام (ثلاثة أكياس) والأرقام كما نعرف هي لغة كودية لها سحرها الخاص، وقد جاء استخدامه للرقم ثلاثة في الفقرة الثالثة...مما يضخم من المعنى الكودي فلماذا لم يقل خمسة أو أربعة أو اثنان من أكياس الطحين مثلا؟

والفقرة غنية بالحركة والنشاط من خلال استخدام كلمات توحي بذلك، مثل وصف نقيض البطل وهو الفتي اليتم ماجد وهو الشخصية المقابلة لشخصية البطل Antagonist ( كان ماجد مشهور بنشاطه وجده)، وأيضا من خلال وصف حركة البطل Protagonistthe (الظل) وبما يضفي مزيد من الحركة والنشاط على النص (فالظل خفيف المسير وسريع الخطى وسرعان ما يختفي). وهو ما يجعل النص حيويا يضج بالحياة.

وفي استخدام كلمات مثل (راقبه ساعات طويلة + رآه فجأة+ كان الظل ينظر لعائلة النجار من خلال نافذتهم المفتوحة) تشويق وإثارة وحركة ونشاط، وما يشير إلى حدة الصراع بين البطل ونقيضه. ونجد في النص الكثير من الكلمات التي تستثير في المتلقي الحواس، ويصبح المتلقي مُستنفر وكأنه يسمع ويرى مع البطل أو نقيض البطل أو سكان المدينة، ومن ذلك كلمات ( فراقبه+ رآه فجأة+ كان الظل ينظر+ والشاب يراقبه). ونجد في الفقرة أيضا استثمار للتضاد (النهار+المغرب، خفيف المسير+ سريع الخطى)، وفيها أيضا حشد من الكلمات التي تستثير في المتلقي المشاعر (يتحدى+ حذر + وخوف+ أحس+ ملامح حزن+ هناك الم خفي + يشعره بذلك السواد الفاحم) . وفي السطر الأخير تشخيص للغابة إذ يجعل القاص الظل يختفي في وسط أحشائها وفيه تشبيه، إذ يقارن الظل بالشبح....وفي ذلك مزيد من الرتوش التي يضيفها القاص لرسم الصورة الذهنية لشخصية البطل (الظل) في القصة، فهو إضافة إلى ما سبق من وصف، نتعرف هنا على انه (يظهر في الليل+ يظهر فجأة + كان ينظر من خلال نافذة مفتوحة + مخيف + فيه ملامح حزن + يبدو وكأنه يشعر بألم خفي + لونه يميل إلى السواد الفاحم + خفيف المسير+ سريع الخطى+ سرعان ما يختفي+ مثل الشبح)، وذلك لا شك وصف تصويري، تفصيلي جميل للغاية يساهم في بناء شخصية البطل ويجعله حيا يسمع ويرى ويحزن ويتألم فينعكس ألمه على وجهه سواد فاحم، وكأنه شخص عادي رغم غرابة تلك الملامح. وقد أجاد القاص في رسم الصورة الذهنية لنقيض البطل ( الفتى اليتيم) إذ جعله يُبدي تعاطفه مع البطل ( الظل ) رغم انه كان يراقبه بخوف وحذر؟!

يتبع،،،