الموضوع: ليلة التخرج
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
14

المشاهدات
5006
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
02-08-2014, 12:09 AM
المشاركة 1
02-08-2014, 12:09 AM
المشاركة 1
افتراضي ليلة التخرج
تسمع همس خطوات تدنو منها فلم تلتفت ، تواصل المسير وهي تسترجع تلك الذكريات المترسبة في أعماقها . طفت صورة طفلة في مثل سنها ترافقها إلى المدرسة ، تجلس إلى جانبها في المقعد الذي لا يشاركها فيه أحد غيرها ، كانت الطفلة الوحيدة في فصلها . تذكرت وداعتها و رقتها ، كانتا تلعبان ، تقفزان ، على طول الطريق إلى المدرسة ، تغرد زميلتها الأمل في أذنيها كل يوم ، تنفخ فيها روح التحدي .
بين الفينة والفينة تدعوها إلى غرفة نومها ، حين ينام أفراد أسرتها تتسلل ليلا و تفتح لها أبواب المنزل لتنعم هي أيضا بدفء أسري يقيها مخاطر التسكع ، و يمسح عن وجهها آلام الحرمان .
تمر السنوات و سعاد تجني المراتب المتقدمة في فصلها ، كلما استعصى عليها فهم سارعت زميلتها لنجدتها ، فتملأ وعاءها بما لذ وطاب من الأطعمة الطازجة . سألتها سعاد يوما أين لك بهذه التربة الخصبة المعطاء التي تتناسل غلالها العلمية و تنمو أشجارها المعرفية و تتهاطل أفكارها رطبا جنيا ؟ التزمت الصمت و لم تجبها بل سقطت دمعة من عينيها و قالت وداعا صديقتي .
منذ ذلك اليوم بقيت وحيدة بلا صديق ولا مؤنس ، فتجرعت آلام الوحشة و قساوة الوحدة ، ترى في عيون زملائها غولا يفترس شجاعتها . تناطح شرورهم بإصرار تعلمته من صديقتها ، بعين رقيقة تلمع أنوثة ، بلسان غريد يزغرد ألحان الليونة ، بحذق يغزل كيدا رحيما ، تفتل خيوطه الواهنة فتغدو حبالا تشنق سذاجة اندفاعهم ، وتفضح جبن قوامتهم .
في ردائها الأبيض تسير سيرا بطيئا ، لا تسمع الدفوف ، لا تثيرها أهازيج المشهد الماثل أمامها ، بل خطوات و حفيف ثوبها الذي يكنس آثار زميلتها ، هما في ثوب واحد ، باركت لها العرس ، وقالت لها : أنت الآن مجندة كاملة ، آخر وصية ، الشبل من الأسد ، و لو بدا حملا وديعا بين يدي المروض ."
قبل أن تركب في السيارة رأت قبس نور يصعد السماء يرسم قلبا ، ينفجر تنطلق منه شهب نارية و الذهول يغمر الحاضرين ، في كل شهاب يتشكل قلب جديد ...