عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-2017, 03:53 PM
المشاركة 9
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
*خاتمة:


حاول البحث التعرّض للمكونات الأساسيّة لبنية السّرد في المقامة العربيّة ، فوقف عند المفهوم العام " للمقامة " ، الذي اشُتقّ من أحاديث الناس في المجالس ، إلى أن وضعها بديع الزمان الهمذاني ووظّفها في حكايات سرديّة خاصّة ، وكانت كما قيل لغرض تعليمي.
وقدّمتُ صورة مبدئيّة لمكونات السّرد الأساسيّة في نسيج المقامة العربيّة ، وعوّلتُ على هذه الجزئيّة في دراستي لبنية السّرد في المقامة الشاميّة لناصيف اليازجي .
وتوصّلتُ إلى النتائج التاليّة من خلال الرؤية لأساسيّات السّرد:
1-بنية الاستهلال السّردي: حملت صيغة واحدة ، وهي صيغة المضي ، وتحيل على راوييَن ؛ مجهول وهو الرّاوي الأول ، ومعلوم أيّ الراوي الثاني ، تأتي لزوميتها في المقامة من إكسابها المصداقيّة والتأكيد على ما سيرويه الرّاوي ، وهي ركن ثابت من أركان المقامة ، لا يمكن الاستغناء عنّه.
2-الرّاوي : تأتي مهمته بسرد أحداث الحكاية عن لسان البطل الذي أخبره بما صادفه من حوادث ، يختفي صوته ويظهر بين فترات السّرد ، وذلك بحسب البطل الذي أ راده المؤلف الضمني.
3-البطل : تتمحوّر حول أفعاله الحكاية وما ينتج عنها من وعظ أو حكم ، وهو أديب ، لايجد نفسه بين الناس ، فيميل إلى الشحاذة والكديّة ، ويرمي ما يقوم به من سلوكيّات منحرفة على فساد الدّهر وطويّة الناس . ويظهر في البنيّة الحكائية للمقامة نوعان : البطل الرّاوي في آن واحد ، والبطل الذي ينوب عنه الرّاوي المعلوم.
4-بنية التعرّف : بها ينتهي السّرد ، في حال كان التعرّف بعد الحكاية المتخيّلَة ، أمّا التعرّف قبل الحكاية فيفضي إلى سرد ما يشبه الحكاية أو افتعال مواعظ وحكم ، ينهي بها المؤلف الضمني مقامته.
فالثبات في بنية المقامة ، وحفاظها على النمط الأول الذي رافق ولادتها ؛ كان سبب ركود هذا الجنس الأدبي ، بينما بقي الشعر متربعاً على عرش الدّراسات النقديّة والأدبيّة .
وناصيف اليازجي لم يأتِ بجديد في مقاماته ، فكانت جميعها على غرار المقامات الأنموذج ، من اقتباسات قرآنيّة ، وسير على الكديّة ، وشكوى الناس والزمان ، وغير ذلك الكثير ،لكنّه تفوّق على الحريري بتوظيف الأمثال العربيّة داخل البنية الحكائيّة.
وتبقى المقامة رغم هجرة النّقد الحديث لعوالمها ، جنساً سرديّاً له خصوصيته واستقلاليته في الأدب العربي وإن كان يقوم على حكايات خياليّة لا وجود لها في الواقع ، إلاّ أنّها ازدهرت في عصرها وكان لها شهرتها، بين علماء الأدب واللغة.
وربما استطاع الباحث في الأدب إعادة هذا النوع الأدبي إلى العصر الحديث ، عن طريق التحرّر من البنية الثابتة لها ، وإدخال شخصيات جديدة ، بالإضافة إلى تنويع الموضوعات داخل المقامة ؛فاقتصارها على الشكوى والتململ من الدهر يبعث الملل في نفس القارئ الذي بات يتوقع عند قراءته لأيّ مقامة ما سيؤول إليه السّرد في النهاية.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..