الموضوع: القصــــة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2011, 01:04 AM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




تعرضت القصة في القرنين السابع عشر والثامن عشر إلى تراجع كبير على صعيد الكتابة وانكماش ملحوظ على صعيد التأثير؛ ويعود ذلك إلى عوامل كثيرة، منها بزوغ شمس الراوية الفنية، وإخفاق تقاليد بوكاتشو عبر ثلاثة قرون في إبداع جديدٍ يلبي احتياجات تطورات العصر واقتصارها على التقليد والتنويع الفقير، ومنها ميل العصر إلى الدراما والشعر، وتفضيل جمهور القراء في الوقت نفسه الكتابات الصحفية التي تتعاطى مع القضايا الراهنة الملموسة، إضافة إلى ثورة نشر الكتب المتنوعة ولاسيما منها كتب الرحلات التي لبت النهم للتعرف على البلدان الأخرى وسكانها وعوالمها، والسِيَر الجنائية والوصف الاجتماعي والمواعظ والمقالات متنوعة الموضوعات. وإن وجَدت قصةٌ فنية جادة طريقها ـ أحياناً ـ إلى النشر في الصحافة (صحف، مجلات أسبوعية، شهرية وفصلية) فقد كانت وراءها حتماً قامة أدبية مرموقة مثل ڤولتير أو أديسون. وقد تبدى هذا التراجع على أشده في إنكلترا.



في القرون الوسطى صارت القصة في المقام الأول وسيلة ترفيهية. أما عصر النهضة ومن ثم عصر التنوير فقد طرحا متطلبات مختلفة فكرياً وفنياً. فيقظة الاهتمام بالمسائل الدنيوية أدت إلى اهتمام جديد بالظروف الراهنة، ومن ثم لم تعد السرديات القصيرة الترفيهية مطلوبة. وفي البداية لم يستجب لهذه المطالب الجديدة إلا الصحفيون وكتاب الكراريس، في حين لم تلب القصة ذلك فتراجع دورها. وفي القرن التاسع عشر نفضت القصة عن كاهلها أعباء الترفيه الهروبي بدلاً من التصدي لقضايا الواقع، وانبعثت من جديد في شكل «القصة القصيرة الحديثة» modern short story، فكان ذلك خطوة جديدة على طريق تطور السرديات القصيرة التخييلية، اكتسبت معه القصة القصيرة رصانة جديدة وحيوية مغايرة ومكانة محترمة في سياق الإبداع الأدبي.





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)