عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2013, 09:54 AM
المشاركة 901
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:
- هوعمل أدبي للكاتب التونسي محمود المسعدي، بث من خلاله أفكاره الفلسفية الوجودية من خلال البطل أبو هريرة معتمدا على لغة مكثفة وقديمة.
- اعتبرها الناقد توفيق بكار أهم مغامرة روائية في القرن العشرين واختيرت من أفضل 100 رواية عربية من اتحاد الكتاب العرب. وتحتل حسب هذا الترتيب المرتبة التاسعة.
- كتابه الأشهر "حدّث أبو هريرة قال"،لا يحيل إلا إلى مرجعة دينية، وعندما كانت رفوف مكتبات الشركة الوطنية للنشروالتوزيع بالجزائر ممتلئة به، وقد نشرته بالاشتراك مع "دار الجنوب" التونسية فاعتقده البعض كتابا في السنة النبوية على غرار "من كنوز السنة"، لكن الذي اشتراه وقرأه ساهم بقسط كبير في زلزال كيانه وحدث له مثل ما حدث لتلك الشخصية التي تحمل اسم ذلك الصحابي الشهير.
- لقد كتب المسعدي ذلك الكتاب سنة 1939، الذي يمكن أن يصنف كـ"رواية"، وليست أي رواية، فهي تجريبية بامتياز، واستفاد فيها بذكاء نادر من طريقة الرواة في التراث العربي القديم.
- الرواية تنبض حد التشبع بالفلسفة الوجودية التي كانت موضة العصر ساعتها والعالم تمزقه الحروب الكونية الكبرى.
- لم يكن المسعدي مجرد كاتب يرصف الكلمات، فلم يكتب إلا ثلاث أعمال سردية (السد، وحدّث أبو هريرة قال، ومولد النسيان)، بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

- لكنّ متصفح" حدّث أبوهريرة قال" يمكنه أن يجدها سلسلة من الأخبار تناقلها الرّواة بعد أن قضى البطل ، وهي تتضمّن ما صمد من أفعاله وأفلت من دائرة الفناء.

- نصّ المسعدي عندئذ له مزية جمع تلك الأخبار ولصاحبه فضل التدوين.

- إنّ اتّخاذ الخبر نواة لبناء صرح الرّواية يرتدّ بنا إلى ثقافة ضاربة في القدم، الثقافة العربية عندما كانت قائمة على المشافهة والمعارف تتناقلها الألسن ....والخبر بنية سردية تنحدر إلينا من الموروث فهو الشكل الذي وردت عليه أقوال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وسيرته وأيام العرب وهو الوعاء الذي سكب فيه الجاحظ نوادره والهمذاني مقاماته، وإجمالا فإنّ بنية نواة الرّواية رباط متين يشدها إلى ذاك الزمن العبق الغابر.

- وإن تخطينا المسح الخطّي لكامل الأثر ونظرنا في بنية الخبرالواحد فإنّما يسترعي انتباهنا ظاهرة التصدير، إذ كثيرا ما مهّد المبدع للخبربمقولات بعضها مقدّس كالآيات القرآنيّة وبعضها إبداعي فسمعنا أصوات أبي العتاهيّة والتّوحيدي والغزالي . تجتمع تلك المقولات على اختلافها في الارتداد بالنصّ إلى فضاء تالد وجذور أصيلة ، وليس النص القرآني ومقولات المفكّرين العرب إلاّ الأسس التي نهضت عليها الحضارة العربية في عصرها الذهبي.

- على أنّ الأصوات التي علت في فاتحة الأحاديث لم تكن لتقتصر على الفضاء الثّقافي الموروث بل تخطته لتنبعث من لحظة راهنة وثقافة معاصرة اتسعت لتشمل مقولات "ابسن".. وما ذاك التصدير إلاّ حجّة على قطب معاصر ينازع قطب الأصالة.

- إنّ بناء الأثر أو بناء الخبر الواحد ساحة تدافع الحاضروالماضي والموروث والوافد.

- توفّر شخصية البطل لمستهلك النصّ متعة الارتحال بين زمنيين ولذة الارتحال بين ثقافتين، فبعض ما في الشخصيّة -اسمها- يحيي أشهر رواة أحاديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ويستدعي أحد النّحاة، على أنّ المنصت إلى ما سال على لسان أبي هريرة من أقوال وما صدر عنه من أفعال يكشف انتماءه إلى لحظة ثقافية راهنة إذ أنّ مسيرته تعكس رؤية للوجود منبعها الفلسفة الوجودية.

- فبطلنا جذر قدمه الأولى في الماضي وغرسها في ذاك الموروث الشرقي ووضع قدمه الثّانية في الحاضر لتستوعب ما أنتجه الفكرالإنساني. أبو هريرة بين الدّائرتين متراوح بعضه أصيل منحدر من الماضي وبعضه معاصرانبثق من الحاضر وكان البطل تأليفا بينهما ومستودع أليه انتهى الرافدان .

- ولم تفلت مسيرته من فلك تلك الثّنائية فكان بعض منها سيرا على منوال الوجوديين في سعيهم إلى ملء الذات ونحت الكيان ونعني بذلك تجربة الحسّ والجماعة والرّوح، وكان البعض الأخر إتباعا لرؤية المتصّوّفة وإنصاتهم إلى الصمت غاية إدراك معنى الوجود الحقّ وسرّ الحياة الأصيل ليطلّق المحدودية وينفتح على الخلود وينتصر على الموت وذاك ما تحتضنه تجربة الحكمة في نهض جوانبها .

- ولعلّ حديث البعث الآخر يدعّم ما ذهبنا إليه فقد حققّ البطل رغبة أفصح عنها في بداية الرّواية : لقد وقف بطلنا على قمّة جبل سرعان ما طلّقه وطار ، تلك لحظة الحلول بالمطلق والفناء فيه وهي مطلب كل متصوّف.