عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2010, 09:23 AM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
(2)بلال بن رباح رضي الله عنه ( الساخر من الأهوال )

كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه إذا ذكر أبو بكر رضي الله عنه قال:

" أبو بكر سيدنا وأعتق سيّدنا"..

يعني بلالا رضي الله عنه..

وإن رجلاً يلقبه عمر بسيدنا هو رجل عظيم ومحظوظ..

لكن هذا الرجل الشديد السمرة، النحيف الناحل، المفرط الطول الكث الشعر، الخفيف العارضين،
لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه إليه، وتغدق عليه،
إلا ويحني رأسه ويغض طرفه، ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل:

"إنما أنا حبشي.. كنت بالأمس عبداً"..!!

فمن هذا الحبشي الذي كان بالأمس عبداً..!!

إنه "بلال بن رباح" مؤذن الاسلام، ومزعج الأصنام..
إنه احدى معجزات الايمان والصدق.

إحدى معجزات الاسلام العظيم.. في كل عشرة مسلمين
منذ بدأ الاسلام إلى اليوم، وإلى ما شاء الله سنلتقي بسبعة على الأقل يعرفون بلاًلاً..

أي أن هناك مئات الملايين من البشر عبر القرون والأجيال
عرفوا بلالا، وحفظوا اسمه، وعرفوا دوره.
تماماً كما عرفوا أعظم خليفتين في الاسلام: أبا بكر وعمر...!!

وإنك لتسأل الطفل الذي لا يزال يحبو في سنوات دراسته الأولى في مصر و باكستان و الصين..

وفي الأمريكيتين، وأوروبا وروسيا..

وفي العراق ، وسوريا، وايران والسودان..

في تونس والمغرب والجزائر..

في أعماق أفريقيا، وفوق هضاب آسيا..

في كل بقعة من الأرض يقطنها مسلمون، تستطيع أن تسأل أي طفل مسلم: من بلال يا غلام؟

فيجيبك: إنه مؤذن الرسول.. وإنه العبد الذي كان سيّده يعذبه بالحجارة المستعرّة ليردّه عن دينه، فيقول:

"أحد.. أحد.."


وحينما تبصر هذا الخلود الذي منحه الاسلام بلاًلاً..
فاعلم أن بلالاً هذا، لم يكن قبل الاسلام أكثر من عبد رقيق، يرعى ابل سيّده على حفنات من التمر، حتى يطو به الموت، ويطوّح به الى أعماق النسيان..

لكن صدق ايمانه، وعظمة الدين الذي آمن به بوأه في حياته، وفي تاريخه مكاناً عليّاً في الاسلام بين العظماء والشرفاء والكرماء...

إن كثيراً من عليّة البشر، وذوي الجاه والنفوذ والثروة فيهم،
لم يظفروا بمعشار الخلود الذي ظفر به بلال العبد الحبشي..!!

بل إن كثيراً من أبطال التاريخ لم ينالوا من الشهرة التاريخية بعض الذي ناله بلال..

إن سواد بشرته، وتواضع حسبه ونسبه، وهوانه على الانس كعبد رقيق،
لم يحرمه حين آثر الاسلام ديناً، من أن يتبوأ المكان الرفيع الذي يؤهله له صدقه ويقينه، وطهره، وتفانيه..


إن ذلك كله لم يكن له في ميزان تقييمه وتكريمه أي حساب،
إلا حساب الدهشة حين توجد العظمة في غير مظانها..

فلقد كان الناس يظنون أن عبداً مثل بلال، ينتمي الى أصول غريبة..
ليس له أهل، ولا حول، ولا يملك من حياته شيئاً، فهو ملك لسيّده الذي اشتراه بماله..
يروح ويغدو وسط شويهات سيده وإبله وماشيته..

كانوا يظنون أن مثل هذا الكائن، لا يمكن أن يقدر على شيء ولا أن يكون شيئا..

ثم إذا هو يخلف الظنون جميعاً، فيقدر على إيمان،
هيهات أن يقدر على مثله سواه..
ثم يكون أول مؤذن للرسول والاسلام العمل الذي كان يتمناه لنفسه كل سادة قريش وعظمائها من الذين أسلموا واتبعوا الرسول..!!

أجل.. بلال بن رباح!

أيّة بطولة.. وأيّة عظمة تعبر عنها هذه الكلمات الثلاث بلال ابن رباح..؟!



..... يتبع
**