عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2016, 04:03 AM
المشاركة 13
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

قال الشاب :
ومن أين جاءت لك هذه المعلومات وهذه القناعات ؟!
أجاب الكاتب :
بالنسبة لحقيقة نصب الشيعة المصريين على المراجع فى إيران ولبنان هذه مسألة تكررت كثيرا وبعضها تم إعلانه حتى فى الصحف مثل قضية ( صالح الوردانى ) , والخلافات المحتدمة بين الشيعة المصريين أنفسهم كشفت هذا الأمر تطبيقا للمثل الشهير إذا اختلف اللصان ظهر المسروق , كما أن ائتلاف الدفاع عن الصحب والآل لديه وقائع عن تلك الأمور تفوق كثيرا ما تم إعلانه ..
بل لو أردت مثالا معاصرا عن عمليات التغفيل الشيعى ,
فعندك الجريدة الجديدة لإبراهيم عيسي المسماة بالمقال , فهى جريدة ممولة بالكامل كما قلنا لأنها بدون أى إعلانات فضلا على ثمنها البخس وأتحدى القائمين عليها أن يعلنوا عن نسبة توزيعها اليومى فى مصر , ولا يوجد عاقل يقول بأن نسبة توزيع جريدة متخصصة وغير خبرية وغير جالبة للإعلانات وثمنها جنيه واحد , يمكن أن تغطى نفقات إصدارها أو حتى طباعتها بشكل يومى فضلا على مرتبات العاملين !
ولا يوجد أى مطبوعة صحفية فى مصر ــ مهما بلغت شهرتها ــ تغطى نفقاتها ومكاسبها من التوزيع بدون الدعم الإعلانى , بل إن المؤسسات القومية للصحافة رغم إمكانياتها الهائلة وتنوع مصادر دخلها وعراقتها لا زالت منذ عصر مبارك تعانى من خسائر بالملايين !
فإبراهيم عيسي فى الحقيقة يبيع ( التروماى ) لمصادر دعم هذه الجريدة ــ وهم يستحقون على أية حال ــ رغم أنه يدّعى أن الجريدة ذاتية التمويل ولو كانت كذلك فهو حتما يهوى الخسارة !
أما بالنسبة لطريقة ومنهج تعامل أجهزة الأمن القومى المصري مع قضية التشيع , فهذه ليست مبنية على معلومات محددة تخص هذا الملف , بل هى فقط تحليل منطقي يستند إلى معرفة مسبقة بأسلوب المعالجة الأمنية الذى تتبعه مصر من خلال مراجعة وتأمل تاريخ أجهزة أمننا مع قضايا النشاط الدينى , بالإضافة إلى أنه قراءة منطقية مباشرة لعدد من الوقائع التى حدثت فى السنوات الأخيرة لو أننا قمنا بجمعها معا سنخرج بهذه النتيجة بلا شك , وإلا فأخبرنى كيف ومن أين تتسرب فى رأيك الصور والوثائق والملفات التى يتم نشرها سواء فى الصحف أو مواقع الإنترنت لمن يستجيبون لزيارة إيران من العلماء أو الدعاة أو المبتهلين مع أنها زيارات تمت فى نطاق من السرية
قال الشاب :
هل تعنى بأن الشيعة يمكن أن يدعموا مشروعات شبه وهمية يظنونها مؤثرة
قال الكاتب :
ما في ذلك شك فـهُم يعتقدون أنه حتى لو كانت تلك المشروعات والمقالات والدعاية غير مؤثرة فيكفيهم أنها موجودة فى مصر !!
وهذا غباء كبير , فالدعاية السلبية تهدم ولا تبنى , وهى دعاية سلبية لأنهم يتحملون النفقات الباهظة ظنا منهم أن هذه الآلة الإعلامية واستئجار بعض الأقلام ــ التى لم يسمع بها أحد ــ يمكن أن يمثل نشرا وتأثيرا وصوتا إيجابيا للشيعة فى مصر , بينما العكس هو الصحيح على طول الخط ,
فوالله لولا نشاطهم الإعلامى فى مصر لما انتبه المهتمون لنشاط الشيعة وأهدافهم ولما تفرغ بعض الباحثين لتعقبهم , ولما اكتسبوا العداء الكاسح للتشيع بين أفراد الشعب المصري الذى كان يظن الشيعة والتشيع مجرد مذهب تقليدى لا يفترق عن المسلمين فى شيئ إلا فى التقدير الزائد لآل البيت , خاصة لو وضعنا فى اعتبارنا أن حزب الله فتن الناس كثيرا بخيار المقاومة ضد الإحتلال , كما أن الناس فى مصر كانت تتعاطف مع الشيعة بسبب تشدد التيار السلفي تجاههم وكانوا يظنون أن السلفيين يُـشنعون بالباطل على من يختلف معهم مثل الشيعة والصوفية
فجاء النشاط الشيعى بغباء منقطع النظير لينشر القناعات الحقيقية للتشيع فى الصحف والقنوات المصرية فاستفز الناس لمعرفة حقيقة التشيع , وعرفوه بالفعل بعد الواقعة الشهيرة لجريدة حزب الغد التى نشرت تحقيقا مدفوع الأجر بعنوان ( أسوأ عشر شخصيات فى التاريخ الإسلامى ) ووضعت بينهم طلحة والزبير وعائشة وأبو هريرة رضي الله عنهم !
وأحد المتشيعين المصريين عض بنان الندم على قبوله للمناظرة فى قناة ( صفا ) لأن أهله لم يكونوا على علم بحقيقة التشيع الذى ينتسب إليه فلما شاهدوه فى المناظرة مضطرا للإعتراف بما ورد فى أمهات كتب الشيعة أمام خصمه السنى , قاموا عليه بثورة وطردوه من منزل العائلة وتبرءوا منه ,
وهذا أيضا ما حدث مع عدد من عائلات المتشيعين المصريين الذين تم تقديمهم للمحاكمة بتهم سب الصحابة وازدراء الأديان وكان شهود الإثبات فى القضية من أبنائهم وزوجاتهم
والسبب الرئيسي فى ذلك يعود لغباء الطرح الشيعى الذى لم ينتبه إلى أن عوام المصريين لا يعلمون عن جرائم الشيعة شيئا , فليس هناك وجود سابق للتشيع فى مصر منذ طرد العبيديين , وبالتالى فالناس لم تكن تتخيل أنها ستسمع مسلما فى يوم من الأيام يسب أو يلعن الفاروق أو أم المؤمنين أو يسب الصحابة .. إلخ ,,
فهذه كلها كانت بالنسبة للمصريين خيال علمى !!
فلما أدركوهم لم يسمحوا لهم أصلا بالدفاع عن أنفسهم أو بمجرد المحاولة لسرد معتقداتهم والدفاع عنها , فالصحابة وآل البيت عندنا مسألة ليست محل للنقاش من الأساس , فأنت إن نزلت إلى أى شخص عامى فى مصر ودعوته للنقاش العلمى فى مسألة إيمان أو كفر عمر بن الخطاب , هل تتصور أنه سيدعوك إلى مائدة الحوار ! أو أنه سيمنحك حتى الفرصة لنطق عنوان الموضوع أصلا ؟!
قال الشاب ساخرا :
لو أننى فعلت هذا فلست أستبعد أن أتحول أنا شخصيا إلى الطبق الرئيسي فى المائدة ! ,
أكمل الكاتب :
بالضبط , ولو اجتمع الناس عليك ضربا واعتداء وجاءت الشرطة وسمعت بما يحدث فلا أستبعد أن يشارك أفراد الشرطة أنفسهم فى الضرب !
وهكذا انقلب المكر الشيعى والدعم المادى وبالا على الشيعة ووفروا علينا جهدا طويلا فى محاولات رد الشبهات
بينما لو اكتفي الشيعة بمجرد الدعوة لمذهبهم بهدوء ونعومة الثعابين وباستخدام التقية لربما نجحوا فى تحقيق بعض أهدافهم , لكننا نحمد الله على ارتداد مكرهم إليهم , وأذناب التشيع بما يفعلوه اليوم يخدمون أهداف أهل السنة فى الواقع ــ سواء أدركوا أو لم يدركوا ــ فيكفي أنهم منحونا الفرصة والشرف الكبير للدفاع عن الحضارة الإسلامية وثوابتها , ويكفي أن ترصد حركة الشباب على مواقع التواصل الإجتماعى الذين تركوا الإهتمام التقليدى بالأنشطة الشبابية وتفرغوا للبحث والقراءة فى التاريخ الإسلامى بعد أن تسبب الإعلام فى إثارة غيرتهم على دينهم
قال الشاب :
لكن من الضرورى أن نعترف أن حملة الشيعة تلك جرت خلفها تيارات أخرى لانتهاز الفرصة بالطعن فى الثوابت , لا سيما والظروف مهيأة بسبب تجربة الإخوان بالغة السوء فى الحكم
قال الكاتب :
وهذا ليس بدعا من الحوادث ,
فهذا هو نفس ما يحدث عبر التاريخ ألا وهو اجتماع الخصوم على أهل السنة من أهل البدع والملل , بل إن أصحاب البدع المتناطحة رغم عداوتهم لبعضهم البعض إلا أنهم إذا حاربوا أهل السنة فى حرب معينة اتحدوا مع بعضهم مهما كان بينهم من الخلافات والاختلافات ..
قال الشاب :
لنحصر إذا المهاجمين اليوم فى الحملة الماثلة أمامنا , وهى الحملة التى تقودها الجبهة الشيعية الإيرانية ويتحالف معها العلمانيون وأصحاب التيارات الإلحادية , فضلا على الخوارج الذين يهاجمون أهل السنة أيضا ويعمدون إلى مهاجمة فقههم الذي لا يخدم أغراضهم فى السيطرة على الحكم , فهل هناك فئات أخرى تهاجم السنة ؟!
قال الكاتب :
لابد أن أنبهك لشيئ هام قبل أن أجيبك عن الفئة الأخيرة التى تحارب معهم,
وهو أن التيارات البدعية والإلحادية التى تهاجم السنة ليس معنى هجومهم عليها أنهم لا يقصدون الإسلام ككل , فمهاجمتهم للسنة إنما هى أصلا لترك القرآن وحده بعيدا عن ضوابط التفسير فى آيات الأحكام , وبالتالى يتلاعبون بالآيات كما يرغبون ويحرفونها عن معناها الصحيح فينهدم الدين , وهذا الفعل يفعله سائر أهل البدع بلا استثناء ,
فالشيعة مثلا تفسر كل آيات القرآن بما يخدم معتقدهم فى عصمة الأئمة وأنهم الأرباب من دون الله , والخوارج يذهبون إلى آيات الكفار فينزلونها على المسلمين , والعلمانيون يذهبون إلى الآيات المُحكمة فيفسرونها بمنطقهم المعوّج تفسيرا يخالف كل الثوابت بل يخالف حتى ظاهر القرآن , وإذا عجزوا عن التأويل ذهبوا إلى القول بأنها آيات مخصصة فى زمن مخصوص لا تـُــلزمهم ,
وبالطبع الشيئ الوحيد الذى يقف سدا أمام كل هذه التفسيرات الباطلة هو وجود السنة النبوية التى تـُـفصّل مجمل القرآن وتوضح معانى الآيات العامة وتفصيلاتها والقواعد فيها والاستثناءات , إلى غير ذلك من الضوابط ..
وهذا الذى قلته لك الآن هو أوضح وأظهر دليل على حجية السنة النبوية وصدق قائلها عليه الصلاة والسلام وصدق نسبتها إليه ..
فلو أنك تركت السنة النبوية فسجد أمامك عشرات الفرق المتناحرة التى تدخل الدين بلا ضوابط معروفة وإنما يتبعون أهواءهم وفق ما يعن لهم , وهم جميعا يقولون بأنهم يحتجون بالقرآن ,
ورغم هذا فكل منهم يأتى بفهم وتفسير يضاد الآخر , والفريق الوحيد الذى يمتلك الضوابط المحددة لفهم نصوص القرآن هو فريق أهل السنة وهم الوحيدون الذين لا يتناقضون فى معانى آيات الأحكام أبدا , لأن الضوابط واحدة ..
ونعنى بآيات الأحكام ,
الآيات المؤسسة للشريعة والتى ليس فيها اجتهاد بشري بل هى آيات محكمة التفسير والتفصيل من النبي عليه الصلاة والسلام , أما باقي آيات القرآن الكريم فتضم اجتهادات عدة وهى موطن الإعجاز فى كل مجال بحيث يقوم المفسرون فى كل عصر بإضافة واكتشاف وجه إعجازى مختلف تحقيقا لقول النبي عليه الصلاة والسلام عن القرآن ( لا يخلق من كثرة الرد ولا يشبع منه العلماء )
قال الشاب :
هذه ملحوظة جميلة بالفعل , فلو أن هذه الفرق كانت على حق فعلا فى تمسكها بالقرآن فلماذا تناقضوا جميعا فى فهمه ؟!,
حتى أن الخوارج فسروه بما يخدم إرهابهم والعلمانيون فسروه بما يخدم انحلالهم , وهم جميعا لا يؤمنون بالسنة المروية عن طريق الصحابة لأنها تعطل انفرادهم بالتفسير ..
قال الكاتب :
بالضبط ..
أما الفرقة الأخيرة التى انضمت إليهم فهى بعض الأفراد الذين كانوا ينتسبون إلى الإخوان وغيرها من التنظيمات وقضوا فيها فترة طويلة من أعمارهم , ثم اكتشفوا بعد ذلك بطلان أفكارهم فتركوهم ..
تساءل الشاب : ولماذا يهاجمون السنة وقد تركوا هذه الفرق ؟!
قال الكاتب :
هؤلاء ليسوا جميعا فى تلك المعركة , بمعنى أن بعض التائبين من تلك الجماعات بدلا من أن تكون توبته عن أقصي اليمين إلى الوسط , جاءت توبته من أقصي اليمين إلى أقصي اليسار , وهذا الإتجاه له سبب نفسي بالأصل , فالتطرف يولد التطرف بطبيعة الحال , فأنت عندما تتربي عمرك كله على أفكار معينة متطرفة فى اتجاه معين , ثم ينكشف لك زيف هذه الأفكار ينطبق عليك المثل العامى ( اللى اتلسع من الشربة ينفخ فى الزبادى ) ..
وكردة فعل طبيعية تجد نفسك متخذا للجانب المضاد لما كنت عليه من أفكار ,
وهؤلاء الناس ــ ومعظمهم كانت نواياهم حسنة ــ لما عاشوا بين الإخوان وجماعات التكفير معظم عمرهم , ورأوا كيف أن هذه الجماعات تستخدم القرآن والسنة فى غير موضعها , لم يقفوا عند الحد الطبيعى وهو رفض فهم هؤلاء المبتدعة للنصوص وإنما ذهبوا إلى رفض تلك النصوص كلها , فمنهم من ترك الدين بالكلية , ومنهم من لم يستطع ذلك وذهب يفتش عن فكر يريحه من هذه النصوص فاتخذوا الجانب العلمانى الذى يرفض السنة النبوية ويتهمها بالتزوير وأخذوا يتحدثون اليوم فى مقالاتهم ولقاءاتهم الفضائية عما يسمونه الإسلام الجديد الذى يختلف عن إسلام التراث الذى أخذته الأمة من عهد الصحابة إلى اليوم !!

قال الشاب : ولكن ألم ينتبه هؤلاء إلى أن مقولتهم تلك فيها ما فيها من التخريف , فكيف يكون الإسلام محرفا من عهد الصحابة وحتى اليوم لحين ظهور فهمهم الجديد ؟!!
قال الكاتب :
لك أن تتخيل أن أحدهم كتب سلسلة مقالات على مدار شهور طويلة ينكر فيه أوضح وأظهر الثوابت فى الدين , والكارثة الكبري أنه يستدل على فهمه الجديد من آيات القرآن فيبتر بعض الآيات ويفسر بعضها الآخر على هواه , ثم يذهب إلى تفسيرات شاذة جدا ربما لم يسبقه إليها أحد مستدلا بحكايات خرافية لا أعرف مصدرها للآن !! , كما أنكر الفتوحات الإسلامية كلها وسماها خرافة واعتبر أن الصحابة ــ تخيل الصحابة أنفسهم ــ خالفوا أمر النبي عليه السلام وحرفوا تعليماته وقاموا بغزو البلاد بالقوة لتأسيس إمبراطورية دنيوية لهم , وليس لنشر الإسلام , وأن النبي عليه السلام لم يغز بلدا ولم يفتحه وكل حروبه كانت دفاعية !!
قال الشاب : ولكن هذا مخالف حتى لتاريخ السيرة
قال الكاتب :
المشكلة ليست فى ذلك فقط بل الكارثة أن يعتقد بأن الصحابة أنفسهم ــ وهم جيل الرسالة الذين نقلوها أصلا ــ حرفوا الدين وخالفوا أوامر ومقاصد الإسلام فى سبيل الدنيا !! , فلو كان الصحابة بهذه الأخلاق كيف لعاقل أن يؤمن بصحة القرآن الذى نقلوه إلينا , ولماذا لم يقل بأن الصحابة حرفوا آيات الجهاد وأضافوها للقرآن كنتيجة منطقية لاتهامه هذا !! ,
والأخطر من هذا كيف فعل الصحابة هذا والقرآن الكريم أغرق فى مدح الله تعالى لهم , وحفزنا للإيمان بمثل ما آمنوا هم به وذلك بنص القرآن ( فإن أمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) , أى أن إيمان الصحابة هو عين الإسلام ,
ثم يأتى هذا الرجل فيقول بأن إسلام الصحابة الذي استجابت له الأمة كلها هو إسلام التراث الذى يختلف عن الإسلام الحقيقي !
والقرآن نفسه يقول عن الله تعالى أنه علم ما فى قلوب الصحابة , فهل كان الله عز وجل لا يعلم بأفعالهم القادمة ؟!
سأل الشاب فى صدمة : هل تعنى أنه يؤمن بذلك فعلا ويشكك فى القرآن ؟!
قال الكاتب :
مسألة تشكيكه فى القرآن هى مرحلة قادمة حتما لو استمر على منهجه , والرجل بالفعل يبدو من كلامه أن الشيطان تلاعب به وأوقعه فى حيرة قاتلة , وللعلم فإن العلماء قالوا وحذروا من الانسياق وراء البدع والشبهات ــ مهما كانت ضئيلة ــ بسبب أن مجرد سلوكك طريق البدعة سيفضي حتما إلى الشرك والكفر فى مراحل قادمة , ولهذا على كل إنسان أن يحذر أشد التحذير من رد أى حديث صحيح عن النبي عليه الصلاة السلام لمجرد عدم استيعابه ,
وليس هذا معناه غلق النقاش ,
بل يمكنك كمسلم أن تناقش وتسأل كما شئت بشرط ألا تنكر الحديث نفسه ــ والسنة كلها من باب أولى ــ وحتى لو لم تجد من يقنعك بفهم مقصود الحديث وفق قناعاتك فلا ترد الحديث واستمر بالبحث حتى يهديك الله وكن واثقا من أن هناك حلا للشبهة ولكنك تعجز عن الوصول إليه
وهكذا هو طريق العلم ــ لا طريق الهوى ــ فطريق الهوى يسلك بك للإنكار فى البديهيات , بينما طريق العلم صعب وطويل وحتى فى العلوم التقليدية لم يذهب العلماء والباحثون إلى إنكار ما عجزوا عن فهمه بل واصلوا البحث وحتى عندما فشلوا تركوا المسألة للأجيال القادمة كى يصلوا للتفسير , مثلما فعل العلماء فى الطبيعة والطب والأحياء وغيرها ,
فمثلا وقف العلماء دهورا طويلة يبحثون عن سر حدوث الأمراض الفيروسية ومن أين تأتى ؟! ,
خاصة تلك الأمراض التى تتشابه أعراضها وتتكرر بانتظام على الرغم من اختلاف المرضي , فهنا اعتقدوا بحتمية وجود سبب واحد نظرا لاتفاق وتطابق الأعراض , ولكنهم لم يعرفوه , ورغم عدم معرفتهم لم ينكروا الواقع ــ وهو حدوث المرض ــ وجاءت الأجيال التالية ليصلوا إلى الحلول العلمية
أما من يجعل إيمانه ودينه أشبه بالإسفنج يستجيب لكل ضغط , فهو حتما سيفعل مثل هذا المشكك وسيستمر فى الإنكار حتى يصل للانسلاخ الكلى من الإسلام ما لم يتداركه الله برحمته
وقد قارب هذا الرجل على ذلك بعدما قرأت له مقالا فى أعياد الميلاد يمتدح فيه عقيدة المسيحيين ويصفها بأنها عقيدة سلام وأمان ومحبة !! ,
وأنا لا اعتراض لدى على وصف المسيحية الحقة وسائر الأديان السماوية بذلك , لكن المصيبة أن تصف المسيحية عموما بهذا رغم التحريفات الواردة فى كتبهم , والمصيبة الأعظم أنك قلت بهذا المدح مباشرة بعد سلسلة مقالات طويلة تصف فيها السنة النبوية ومن اعتنقوها بالإرهاب والدموية , ومقتضي كلامه ذلك هو المقارنة حتما بين العقيدتين !
قال الشاب : ولهذا فقد وقف مع حملة المهاجمين لاتفاق أهدافهم مع أهدافه ..
قال الكاتب :
والكارثة أن يظن نفسه بكلامه هذا داعية للإصلاح والتجديد , ودفعه هواه إلى ما هو أفدح , فنظرا لأنه قليل البضاعة جدا فى علوم التاريخ وعلوم الشريعة , اضطر إلى أن يردد بعض الأفكار التى لا يقولها طفل مسلم تعلم أبجديات الإسلام , فضلا على أنه اضطر إلى أن يقتبس من بعض أفكار المستشرقين وبعض أقوال الملاحدة لأنه لا يجد المصادر التى يغذى بها مقالاته كى تستمر !! ,
وبالطبع وجد من يشجعه ويحفزه ويلصق به ألفاظ العبقرية ليضموه إلى صفوفهم التى تفتقر إلى أى منتسب للإسلام والدعوة , وبئست التبعية , ويكفيه من الخذلان أنه وأمثاله يذهبون إلى كتب الشرع والعلم ــ لا بقصد التعلم ــ بل بنية وقصد البحث عن الثغرات التى يهاجمونها بها !!
قال الشاب :
ولكن هناك سؤال هام فى قولك أن هناك حلولا لأى شبهة حتى لو لم أصل إليها أنا كباحث شاب , ولكن كيف أفرق بين الإقتناع الحيادى وبين الهوى إذا رفضت كل تفسيرات من حولى
أجاب الكاتب :
الفارق بسيط للغاية ــ رغم دقته ــ فالذى يبحث بنية البحث العلمى لكن قلبه مطمئن بالإيمان , ستجده يقبل الحق فور ظهوره له أو يصل إليه بنفسه لو كانت الشبهة جديدة وليس لها حل معاصر , مع أن هذا الأمر صعب للغاية لأن كتب الرد على الشبهات احتوت أساسيات الحلول لكل شبهة تخطر على بالك ,
والباحث عن الحق بصدق حتما سيصل فهذا وعد الله لنا فى قوله تعالى ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) ويقول أيضا ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )
أما صاحب الهوى , فهو نفسه سيدرك فى نفسه أن هذا الحديث أو غيره يمثل له عقبة أمام شهوة يريدها , فهنا الأمر يختلف فهو ليس باحثا حياديا عن صحة حديث لم يستوعبه , بل هو باحث عن غرض معين يريد أن يوجد له طريقة شرعية وبالتالى سيرفض أى تفسير للحديث يعارض هذه الرغبة , وهذا هو الهوى المفضي للباطل
وبالعموم ..لابد للمسلم أن ينظر أين يقف , وهذه الطريقة تصلح لكل العوام ممن لا يستطيعون الخوض فى البحث العلمى , فأنت إن رأيت نفسك تقف على أرض واحدة مع أصحاب البدع أو أصحاب الإلحاد فى مواجهة ما أجمع عليه علماء المسلمين , فلابد لك عندئذ من أن تراجع موقفك سريعا لأنك تعلم بالضرورة أن جانب العلمانيين له أغراضه المعروفة , وهذا يفيدك بجانب الحق حتى لو لم تعلم يقينا حل الشبهة التى تحيرك
وكمثال ,
إذا كنت باحثا متأولا ونيتك حسنة ولكنك كتبت فكرة أو دعوت بدعوى وجدت فيها احتفاء وترحيبا كبيرا من إسرائيل أو الغرب , وعداء شديدا من بنى وطنك , فهنا لابد أن تشك فيما تعتقد حتى لو كنت مقتنعا بنواياك الحسنة لأنك تثق بحقيقة هامة راسخة وهى أن إسرائيل والغرب لن يؤيدوا مصريا أو مسلما فى شيئ يخدم إسلامه أو وطنه