كيف جاءت بين أجنحة الريح و لفحات البرد و عبق الأمنيات، كيف أقبلت بين شرود الفرح المغمور وسط دروب التيه و موشحات الأغاني الحزينة ، كيف قادتها أقدارها إلي غربة قلب مهجور فوقعت في ردى امواجه العاتية ..
تأملتها ذات صباح رمادي فوجدتني أعرفها.. أعرف قـوَتَها و مكمن ضعفها ..أعرف خفايا مشاعرها، عيناها كانت تحكي قصصا خفية ، كانت تنظر إليَ باستحياء و كأنها تقول لي هل أنت؟
أومأتْ لي بحياء بأنها هنا تنتظر فجرا، تنتظر سفرا ، تنتظر مطرا لم يحن وقته ..
لم تأتي الفراشات بعدُ تبشر بقدوم فصل آسر ..
لم تكن تشبه أحدا، لقد ولدت بعملية قيصرية لم يحن وقتها ، كانت جنينا بعقل ليس عقلها و عمر ليس عمرها .. ولدت تحتضن القمر و تهجو الليل ،ولدت على حافة الرحيل المبكر إلى أرض لم تزرع...إلى وطن لم يُسكن..ولدت وفي كفيها ازهار بنفسج بلون الغروب..
منذ صيحة الولادة الأولى صرختْ في وجه انوثتها كتبت على جدار غرفتها ..
أنا الخوف الذي يسكن الضعاف من البشر، أنا الحب الذي كرهته في رسائل جبران أنا الشمس التي تختفي بسرعة وراء الأعمار تاركة الأحزان ، انا العين التي لم تدمع
أنا كما النور الذي يطل على كل الأمكنة يشع للحظة غريبة فوق الغيوم ثم يزول تاركا وراءه حنينا و أوجاع ..
أنا تلك الصورة التي بمخيلتك بملامح الحب برجفة القلق بتشتت الحيرة بقهر الانتظار