عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-2014, 03:02 AM
المشاركة 38
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
و ... جميلة ؟؟
:
تمّر الأيام و يشتد العود .. تظهر ملامِحها واضِحة .. عين واسِعة سوداء أنف صغير و فمٌ ممتلىء .. شعر حريري بلون بني غامِق وبشرة كالحليب ، لا زال جِلدها شفافاً فالعروق مرسومة بوضوح على وجهها و سائر بدنها ، التصق بها الأب فصارت حياته الصغيرة المرحة البريئة .. و ابتعدتْ عنها الغالية فقد انصّب اهتمامها بـ [ جميلة ] ....
-أنت تهتم بـ [ جليلة ] كثيراً ...
-[ و هو يحملها على كتفه ] طبعاً تصوري حياتي بدونها ...!
-و [ جميلة ] ؟؟
-ما بالها ؟؟
-أنت لا تهتم بها و تدللها كأختها .. و هذا حرام في حقّك ! ستكرهك البنت
-قولي هذا الشيء لنفسِك ..
-المقصود ؟؟
-لن أشرح أنتِ ذكيّة و تفهمين .. تعالي يا بسبوسة بابا ...!
-أكلّمك أنا .. فرّدّ علي ّ ...!
-أحبك يا غالية فاهدئي ...!
-[ تبكي ]
-[ جميلة ] ابنتي أيضاً و أحبها جداً لكنّكِ لا تعطيني الفرصة فأنتِ تغدقين عليها حنانك كلّه ألم تفكري بالبقيّة ؟ و تستكثرين عليّ بسبوسة كأنّكِ تغارينَ منها ..!
-أنا لا أفعل .. لكنها معكَ طوال النهار ....
-لو وجدتكِ لما التصقت فيي ... سأذهب ..
تبكي الصغيرة بلا توقف .. فتحضنها الغالية .. تهدأ قليلاً ثمّ تنام ..
:
:
تمّر السنون أسرع مِن شهاب حارِق ..هاهي البسبوسة أكملت عامها الخامس و [ جميلة ] عامها السابِع ..و دخلت المدرسة .. و هُناك عاملها الجميع كـ داء غريب فجمالها الفاتِن لم يحل مشكلة يدها القصيرة .. في كلّ يوم لا تريد الذهاب إلى المدرسة فالجميع ينظر إليها و يتأفف من يدها ...
اقتربت مِن أختِها الباكية ...
-لماذا تبكين [ جميلة ] ؟
-اتركيني أنتِ لا تفهمين غبيّة ..!
-..........
-أنتِ طبيعيّة لن تفهمي مثلي ...
-هلْ أنا طبيعية ... ما فهمت ..!
-غبيّة .. أكرهك ..!
-أنا أحبّك ..
-ابتعدي عني ...
اختبأت في صدر أبيها باكيّة .. رغم سؤاله المتكرر عن سبب بكائها .. لَم تقل شيئاً احتضنته بقوة فردّ عليها بِعناقٍ طويل .. مسح رأسها حتى هدأت ..
-[ جميلة ] لا تحبني يا بابا...
-تتخيلين .. أختك تحبك بجنون ..
-تقول عني غبيّة
-[ يضحك] هذه وظيفة الأشقاء ... جعل الحياة أكثر صعوبة ..
نظرت إليه ببراءة فهي لم تفهم آخر جملة .. فضحك طويلاً ثم قال :
-لا تكبري يا [ جليلة ] لا تكبري أبداً ...!
:
و ذات صيف جمع الأب العائلة و وضح لهم أنه ترقى في عمله و وصل لمنصبٍ مهم ... قال لهم .. سننتقِل مِن جميرا .. فقد بُني قصرٌ خاصٌ لعائلته الصغيرة
بكت الغالية فقد تحققت أمانيها ... فرح الجميع فلا بد أن القصر الكبير أفضل مِن هذا البيت الاسمنتي البسيط ... و كم كانوا مخطئين ...!
عزيزتي جليلة، أرى أمامي الآن امرأة رائعة الجمال، فطبعا لن يحدث تغيير كبير بين جليلة الصغيرة وجليلة الآن، وأرى أيضا طيبتك فمن اغترف حب الوالدين لن يكون إلا إنسانا سويا طيبا
كما أنني لا أعارض أن تقفزي على السنين بل كم أتمنى أن تأخذي طائرة نفاثة وتنزلي لسن المراهقة، هنا ( الشغل سيحلو ههههههههه) بعد أن تبدأ الأنثى تتحرك داخلك... ويبدأ القلب يعرف خفقانا آخر غير ما اعتاد عليه، وظهور الحب الأول يااااااااااااااااه يالا بسرعة اقفزي ههههههههههه واتركي محطات الطفولة البريئة وحدثينا عن جليلة المراهقة والشابة ههههههههههههه

[tabletext="width:70%;"]

قصرٌ رُخاميّ مُذّهب ..غُرَفٌ واسِعةٌ مُزخْرَفة .. سُلّمٌ طويل يفْصِلُ الطابق العلويّ عن الطابق السُفليّ فتح الابن البكر الباب و صرخ فرحاً ... يا الله !! ياللجمال !! فرد جناحيه و طار و هو يضحك .. سنلعبُ هُنا كثيراً يا أبي .. أليس كذلك ؟؟
:
هزّ الوالد رأسه جذِلا و هو يرى أبناءه يَعُّبُّون الفرحة عَبّاً .. يكادون منها اختناقاً ...
و لَم يفّكر أنّ هذا القصر الكبير سينوح حُزناً على ساكنيه ..و يُكسِّر أرواحَهم ...الواحد تلو الثاني ....
:
- و ما هذا يا أبي ؟؟
- غُرفة جلوس ...!
- و ما هذا يا أبي ؟؟
- جهاز تكييف ..!
- و ما هذا يا أبي ؟؟
- سرير ...!!
- كُفّي يا [ جليلة ] دعي أباكِ يرينا البيت ..( تصْرُخ فيها الغالية )
- دعيها يا غالية فبراءتها قاتِلة ...!
:
ذاتِ سنواتٍ ثمان ببراءة بنت الست تركض و تقفز و تصرخ و تضحك للصدى
- و ما هذا يا أبي ؟؟
- مزرعة لتلعبي فيها
- يا سلاااااااااام ( تصرخ بصوت مرتفع )
- تعالي أريك غرفتك ..
- حسناً ... حسناً ...
- ماذا تتوقعين أن يكون لونها ؟؟
- وردي !!
- شبيكِ لبيكِ .. بابا يحقق أمانيكِ ...!
- أغمضي عينيكِ ...
- ياااااه ... أبي ... غرفة جميلة ..! شكراً ..( ارتمت بين ذراعيه)
- تستحقين أكثر يا معجزتي الصغيرة ..
سجّاد ناعم وردي يغلل الغرفة بلون حالِمٍ جميل .. ستائر عليها رسومات لتيجان حائط مدهون بلون وردي فاتِح ، و ملصقات لأميرات ديزني متناثرات هُنا و هُناك ...
:
- لمَ سريرين يا أبي ...
- معكِ أختكِ [ جميلة] ..
- هاه ؟؟ لكن ...
- [ جميلة ] تحبّك يا [ جليلة ]
- إنّها لا تفعل يا أبي .. تنظرُ إليّ شذراً طوال الوقت .. و تسميني غبيّة ..
- لذلك وضعتكما في ذاتِ الغرفة ربما تتوصلان لحل مع علاقتكما الغريبة
- ( اغرورقت عيناها بالدموع ) ... أبي ؟؟
- لا أريد أن أسمع أكثر عن هذا الموضوع .. لو سمحتِ ..لأجلي ..
- حاضر أبي
- ارفعي رأسك يا صغيرة أنيري البدر بابتسامتكِ هيا ...!
- ( تبتسمُ بارتجافةٍ في طرف شفتها السفلى )
- هذه ابنتي الحلوة ..!
:
جلستْ على طرف السرير تفكّر .. جلبت الخادِمة حقيبتها و شرعت ترتب ملابسها في خزانةٍ كبيرة .. سَرَحت في الملابِس .. نعم [ جميلة] تكرهها و تنتظِر خطأها في أي شيء كي تهوّل الأمر و توصله للغالية انتظاراً لِعقاب مؤلِم لها .. تنهّدت و رفعت بصرها
:
- هذا سريري .. ذاك سريرك يا غبيّة ..
- حسناً .. كما تريدين ...
- لا تجلسي عليه .. لا أحب أن يتسخ ..
- لستُ قذرة ..
- اصمتي .. أف منكِ لا أدري لِم وضعنا أبي في غرفة واحدة ..
- اسأليه ..
- أنا ؟؟ لا .. أبي لا يحبني بل يحبّك أنتِ يا .... يا بسبوسة ( باستهزاء)
- و أنا أحبه ..( تبدأ دموعها بالانهمار )
- كُفّي يا غبية ارتدي ملابس النوم و نامي ...
- سأفعل ما يحلو لي ..
- اذهبي إلى أبيك دعيه يهدهدك كما يفعل دائماً ..
- أنا كبيرة و عاقِلة و سأخرج ..
:
تهدج صوتها ... تدافعت الدموع إلى مقائيها شلالاً من نار .. جسدها مشتعِل و التنهيدات تهزّها .. نزلت من الطابِق العلوي مروراً بالصالة إلى خارِج المنزل
اختارت نخلة قصيّة و بكت تحتها حتى تورمت أهدابُها .. سمِعت صراخ الوالِد يناديها مِن بعيد فخرجت مِن مخبئها ..
:
- أنا هُنا بابا ...
- أوه ... لا تفعلي هذا يا حبيبتي ...[ و ضمّها إلى صدره ][ أمسَك جديلتها الطويلة و هو يقول] : انظري قد اتسخ شعرك ..
- أنا آسِفة بابا
- اششششش اهدئي ...
و قبل أن تشعر غطّت في نومٍ عميق ...
:
- صباحٌ جميلٌ
- صباح الخير أبي [ و هي تقبّل رأسه ]
- تعالي اجلسي و تناولي الفطور
- أريد الحليب فقط
- أين [ جميلة ] ؟
- آتيّة ...
- و كيف ليلتكما ...
- أمممم... جيدة ..!
- طيّب الحمدلله [ جميلة ] .. يا [ جميلة ]...
- نعم يا أبي
- تعالي و كُلي شيئاً يا ابنتي السائق ينتظر ...
- حسناً ...
:
تقف و تتجه إلى الباب .. تفتحه و تتنفّس بعمق و تنظُر جيداً إلى هذا القصر الكبير ... مزرعة بألوانٍ خلابة سرقها الربيع و أسكنها هُنا و رحل ... أرجوحة .. لعبة حِبال .. و الكثير مِن العصافير ..
- صباح الخير شمس الدين ..!
- هلا لولو هل أشغل السيارة ؟؟
- لا ..لا ... سأنظر إلى الحديقة
- يهزّ رأسه أن نعم .. افعلي ما يطيب لكِ ..
تجلِس على الدرج تتأمّل و لا تلاحِظ أن هْناكَ مَن يراقِبها مِن بعيد و يحصي تحركاتها ... و يبتسِم بخُبثٍ لا تملكه هذه الطاهِرة الصغيرة .
[/tabletext]
أهلا بي أيتها الجليلة في قصركم المنيف ( ربنا يجعله عامر) عندك حق فالقصر يحوي كل مواصفات الجمال، من اتساع الحجم وكثرة الغرف وزخرفة وحديقة غناء، لكن أتعرفين، أنا من بين الناس الذين لا يحبون العيش في الأماكن الكبيرة، لأنها بصراحة تفرق بين العائلة، فالبيت الصغير، يضفي على العائلة ( اللمة) التي تصبغ الأسرة بالمحبة والوئام والانصهار في جسم واحد وكذا الارتباط الوجداني، لكن البيت الكبير يولد البعد وانفصال العائلة عن بعضها.


شيء واحد أريد أن أسألك عنه، هل ما ذكرته من أحداث وجزئيات صغيرة وجدت فعلا أم أنها ضرورة لتوليد حوار و بناء دراما وتشويق.
لأنه صعب أن يبقى العقل البشري محتفظا بجزئيات من عمر 5 سنين وأنت هنا جعلتنا نعيش معك لحظة بلحظة وكأنك للتو عشت تلك المواقف،فالتحاورالذي بينك وبين الأب وبينك وبين جميلة وبين الأب وجميلة وبين الأب والغالية جعلته وكأنه ما زال ساخنا وكأنه يدور بينهم في هذه اللحظات.
وإذا كان هذا الحوار هو لشد القارئ ولتوليد دراما وإضفاء حركة وديناميكية على المشاهد، أليس هذا له تأثير سلبي على الشكل العام للسيرة الذاتية التي يجب أن تكون واقعية؟
وهناك شيء آخر لديك إخوة وأخوات أخريات فلم لم تضعيهم معك في الصورة؟
أعتذر منك، فهذا استفسار فقط