عرض مشاركة واحدة
قديم 05-26-2012, 02:39 PM
المشاركة 684
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
"أنا ضد منح كوطة سياسية للنّساء"
"قانون الأسرة لا يخالف الشريعة الإسلامية"
"والدي الشيخ حمّاني شارك في تحضير قانون الأسرة الجديد"
"لم نكن نتصوّر أن جهادنا سيصبح فخرا يوما"

كنا قد نشرنا في العدد السابق الحلقة الأولى من الحوار الذي أجريناه مع الأديبة والسياسية والمجاهدة زهور ونيسي وكانت قد أبدت فيها رأيها حول بعض القضايا الوطنية كالانتخابات التشريعية المقبلة وواقع المنظومة التربوية والتعريب إلى غير ذلك من المواضيع، وتواصل أول وزيرة جزائرية بعد الاستقلال في الحلقة الثانية من هذا الحوار الحديث عن بعض القضايا، مثل تجربتها كوزيرة، ورأيها في قانون الأسرة الذي لا تجده مخالفا للشريعة الإسلامية، مؤكدة، من جهة أخرى، رفضها لـ(حصر) المشاركة السياسية للمرأة في (كوطة)·

* لا شك أن بتوليك منصب وزيرة للحماية الاجتماعية في وقت سابق قد كانت لك مساهمات في التحضير لقانون الأسرة فيما تتمثل هذه المساهمات؟
** قانون الأسرة له تاريخ طويل، وأنا عندما كنت في البرلمان شاركت في التحضير لهذا القانون وبعد ذلك عينت كوزيرة وناقشته في إطار الحكومة لكن قانون الأسرة في الحقيقة عندما قدم لنا في بداية السبعينيات من طرف الرئيس هواري بومدين، قدم لنا كمشروع قانون وناقشناه لكنه جمّد لأن الآراء كانت مختلفة ومتطرفة في كثير من الأحيان ولذلك جمّد حتى سنة 1980 أو 1981 حين ناقشناه في المجلس الشعبي الوطني، كنا عشرة نساء في البرلمان في ذلك الوقت ناقشناه بقوة وحماس وجهد كبير، كما ناقشته أيضا في القراءة الثانية عندما عينت في الحكومة وكنت دائما من أنصار أن يكون قانون الأسرة أصيلا ومتفتحا في ذات الوقت·

* ما رأيك في قانون الأسرة الحالي؟
** قانون الأسرة الحالي أيضا شاركت في دراسته في وزارة العدل عندما دعيت لمناقشته كخبرة قديمة وقد تقدمت بنوده أكثر في إطار حقوق المرأة وبقي التركيز على نفس البنود التي ناقشناها في البرلمان على ألا نمس بالنص القرآني بالنسبة لقضية تعدد الزوجات لكننا نعطي الأولوية للقاضي حتى يدرس قضايا التعدد حالة بحالة·

* لكن أثير جدل حول التعديلات التي طرأت على بعض بنوده وقيل أنها مخالفة للشريعة الإسلامية أحيانا··
**أنا لا يمكن أن أقول ذلك، وبرأيي هذه أحكام تطلق حسب التوجهات الذهنية، وأنا كمواطنة مسلمة تكويني إسلامي وأخلاقي وفي نفس الوقت متفتحة على العصر وعلى العالم وأطالب بالاجتهاد في كل شيء حتى يواكب الدين الإسلامي واقع الإنسان المسلم في جميع حالاته وفي جميع مراحله، لا أقول أن هناك مس بالشريعة الإسلامية المس بالدين الإسلامي موجود في تونس حين ألغى بورقيبة نص التعدد ومنع تعدد الزوجات نهائيا في قانون الأسرة التونسي أما بالنسبة للجزائر والمغرب ومعظم البلدان الأخرى فليس هناك أي تجاوز على نصوص الدين الإسلامي ولا بد من أن نفهم أن نصوص الدين الإسلامي صلبة لكن فروعها مرنة ولذلك على المشرع أن يكون قادرا على التشريع ومتفقها في الدين لدرجة أنه يدرك جيدا متى يجتهد ومتى لا يجتهد، نحن بحاجة اليوم إلى حجة الإسلام الغزالي في عصرنا هذا وهو الذي قال: إني رأيت ركود الماء يفسده إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب·
هذه قاعة للتغيير، وهو الذي قال أيضا في أحد تفسيراته أن المرأة يجب ألا تلد كثيرا حتى تحافظ على جمالها وتحافظ على قوتها لتربية الأبناء الآخرين، لماذا لا ندرس أمهات الكتب؟، لماذا لا نأخذ من الإسلام إلا القشور والطقوس الخارجية؟، هناك ثروة كبيرة وتراث إسلامي كبير يجب أن نقرأه ونعيد دراسته ونغربله ونمسح عنه كل الشوائب التي ألصقت به·

* يقال أن إعطاء الحرية للبنت في اختيار وليها خلال عقد الزواج والذي نص عليه قانون الأسرة المعدل مخالف للشريعة الإسلامية التي أوضحت في نصوصها الترتيب العائلي الذي يجب أخذه بعين الاعتبار بالنسبة لقضية الولي ما رأيك في ذلك؟
** والله أنا لست فقيهة ولكن عندي ثقة مطلقة في الدولة الجزائرية كمشرعة تعتمد على القرآن والسنة والاجتهاد والقياس·

* ما رأيك في هذا البند؟
** أنا أحبذ هذا البند، وكلمة حلال أو حرام كلمة صعبة لا تطلق هكذا فقط·

* لكننا لم نطلق أحكاما وفقط بل اعتمدنا على فتاوى من مشايخ معروفين ويستند إليهم في الإفتاء في الكثير من الأحيان وفي مختلف القضايا··
** حتى المفتين أو رجال الإفتاء غير منزهين، أنا بنت الشيخ أحمد حماني وما أدراك أستاذهم جميعا في الإفتاء وقد كان مفتيا منذ بداية الاستقلال إلى يوم وفاته وقد شارك معنا في تحضير قانون الأسرة الجديد·

* في تقديرك هل يعد تمكين المرأة من ممارسة السياسة مساهمة في تطويرها؟
** الميدان السياسي ليس العامل الوحيد الذي يساهم في تطوير المرأة وإنما هناك ثلاثة مبادئ هي التي تشكل شخصية المرأة وهي تعلمها وتثقفها وعملها فهذه العوامل الثلاث هي التي تكون شخصية المرأة القوية وبعد ذلك تستطيع المرأة أن تفعل ما تشاء فتستطيع أن تكون رئيسة حكومة أو رئيسة جمهورية أو رئيسة حزب أو تكون من تكون·

* يعني أن تطوير المرأة وتوسيع مشاركاتها في مختلف مجالات الحياة بيدها هي نفسها؟
** القوانين وحدها لا تكفي لكنها قد تضع معالم الطريق كما أن التعبئة والتجنيد من أجل ثقافة الآخر قد تعبد الطريق أيضا لكن سيأتي فيما بعد دور المرأة بشخصها وبتعلمها وبثقافتها ولا ننسى أيضا قضية الذهنية المطروحة على مستوى المجتمع أو على مستوى بعض الأفراد بمعنى أصح الذين يسنون أشياء تعجبهم أو يحبذونها هم فقط فذهنية المجتمع تؤثر في تطوير المرأة أيضا لكن عندما تكون شخصية المرأة قوية وثابتة وملتزمة ومؤمنة بذاتها وبأفكارها ومبادئها فلن تكون معرضة للاهتزاز·

* من الملاحظ أن السلطات الجزائرية خلال عملية تطويرها للمرأة وتوسيع مجالات مشاركتها قد أولت اهتماما أكبر بفئة معينة من النساء بإصدارها للقانون الخاص بالتمثيل النسوي في البرلمان ماذا عن باقي الفئات؟
** نحن لا نضمن كل شيء للناس، نحن نطالب بتعلم البنت واكتسابها للشهادات ونطالب بعملها واكتسابها اقتصاديا لكننا لا نتدخل في حياتها إذا اختارت أن تكون ربة بيت وأن تنجب الأطفال فقط، نحن لا نتحرك من أجل الجميع، كل شخص يختار طريقه ومستقبله، وهناك الكثير من المثقفات لا تقبلن على العمل السياسي في حين نجد الكثيرات من محدودات الثقافة ومحدودات الشهادة يقبلن على العمل السياسي وعلى الترشح في الانتخابات القضية قضية رغبة فردية ولا نتدخل فيها·

* في رأيك هل وصلت المرأة الجزائرية إلى المستوى المنشود؟
** الإنسان الجزائري ككل لم يصل إلى المستوى المطلوب، دائما نطلب الأحسن والأجمل والأنسب، نطالب دائما بأن يكون جميع أفراد المجتمع الجزائري متعلمين وواعين وألا يكونوا جهلة ولا نعني هنا الأمية إذ هناك من يملك شهادة لكنه جاهل، وهذه كلها آمال نتمناها كجزائريين ويطالب بها العالم أجمع الذي يتوق دائما إلى مجتمعات واعية، مثقفة، متعلمة ومتخلقة تعمل بالقانون الداخلي من القلب ومن العقل لا بالقانون المكتوب كما هون سار في بعض الدول الغربية المشهورة·

* ما تقييمك للمساهمة الثقافية للمرأة الجزائرية؟
** حسب ما أرى أنا شخصيا وحسب من يزورني من الشباب الذين لديهم الكثير من المشاريع الأدبية والقصصية والدراسات والقصائد الشعرية أرى أن المشهد الثقافي رائع ويبشر بالخير وعندما أتنقل إلى الولايات وأقدم محاضرة أو أقدم نموذجي كمبدعة وأستمع إلى تلك النقاشات والحوارات التي يثيرها الشباب أقول أن مستقبل الثقافة في الجزائر زاهر، ولكن معظم هؤلاء لا يجدون من يشجعهم فيما يخص النشر والتصحيح أو جمع أعمالهم لذلك لا بد من ترقية دور النشر والاهتمام بوضع لجان للتقييم بالنسبة للأدب، وأذكر أن في اتحاد الكتاب الجزائري كان هناك لجنة لتقييم النصوص وتحديد إن كانت صالحة للنشر أو غير صالحة، وإذا كانت غير صالحة تكتب ملاحظات لصاحبها حتى يحسن من مشروعه الإبداعي، وأظن أن هذه اللجنة لا تزال موجودة على مستوى اتحاد الكتاب ولا بد أن تكون مثل هذه اللجان في وزارة الثقافة التي يجب أن نعتمد فيها على عدة لجان وليس لجنة واحد فقط، إضافة إلى تعميم هذه اللجان على مستوى الجمعيات ذات الطابع الثقافي أيضا لأننا صرنا نلاحظ اليوم أن كلمة ثقافة لا تحمل دلالتها الفعلية التي هي إضافة مساحات جديدة للفكر، ولذلك نجد اليوم بعض الجمعيات التي تتضمن تسميتها كلمة ثقافة لكنها لا تهتم إلا بفئة من الفنانين أو المطربين، في حين أن الثقافة ليست ذلك الطرب الجميل فقط أو المسرح أو الرسم أو الشعر أو السينما··· وإنما يجب أن تكون كلمة عامة تشمل كل شيء ولا يمكن أن يكون الإنسان مثقفا، إلا إذا كان ملمّا بكافة جوانب الثقافة·

* لكن رغم التفتح الذي عرفته الجزائر مؤخرا وما أتيح للمرأة من حريات، إلا أن مساهماتها بقيت محتشمة وخاصة بالنسبة للجانب الثقافي ما رأيك في ذلك؟
** بطبيعة الحال هي مساهمات محتشمة لكن في السياسة مثلا كانت محتشمة واليوم فتحت لها الأبواب وتم توسيع مشاركتها في البرلمان بنسبة 30 بالمائة ولو أنني لا أوافق على (الكوطة) أنا أوافق على المساواة المطلقة بين المرأة والرجل مع محافظة المرأة على أنوثتها، فأنا كأنثى أحافظ على أنوثتي ولا ألغيها وأعتز بعقلي وبوجداني وإيماني، وأقول بذلك أن مساهمة المرأة تبقى في الكثير من الأمور محتشمة، لأن المرأة لا تتجرأ على اقتحام المسؤوليات لأنها لم تتعود على تحمل هذه المسؤوليات، أما بالنسبة لمساهماتها الثقافية فأنا لا أراها محتشمة لأن ما أقرأه من مشاريع يجعلني مطمئنة لمستقبل المرأة الجزائرية في الميدان الثقافي·

* لو نرجع بالزمن إلى ثورة التحرير الوطني، ما رأي الأستاذة ونيسي فيمن يقول أنه لم تكن للثورة الجزائرية سياسة ثقافية؟
** عندما تقرئين بيان 1 نوفمبر تجدين أنه يتضمن الإستراتيجية الأولى للتحرير بناء على القيم الإسلامية وخصوصية الشعب الجزائري، وهذا التحرير لا يكون إلا إذا كانت جميع جوانبه مكتملة، فثورة التحرير ضمت الأمي والجندي والجاهل والتحق بها المثقف أيضا لكن مرحلة التحرير تقتضي ألا نتحدث عن الثقافة في ذلك الوقت، رغم أن هناك من الجزائريين الثوار المجاهدين من مثّل الجزائر خارج الوطن أيام ثورة التحرير في المحافل الدولية الثقافية وغير الثقافيةّ، ولا ننسى أن ثورة التحرير قد جاءت من أجل إخراج الاستعمار واسترداد السيادة الوطنية بتراثها الثقافي وبأرشيفها وبتاريخها الوطني سواء ثقافي أو سياسي واجتماعي وفكري···
وثورة التحرير يكفيها شرفا أنها حررت الجزائر واستطاعت أن تنتصر على أعتى نوع من أنواع الاستدمار والاستعمار الاستيطاني في العالم ومعه الحلف الأطلسي الذي يعرف بالناتو اليوم، لذلك أنا أقول كيف نهتم بالثقافة ونحن نتحمل مسؤولية التحرير ومحاربة العدو والاعتناء بدفن الشهداء ورعاية عائلاتهم وتمويلها وصرف منحها والاهتمام بالقضاء بالنسبة لقضايا التطليق والتزويج والفصل في الخلافات···؟!

* هل نفهم من هذا أن المثقف لم يؤد دوره كمثقف خلال ثورة التحرير؟
** لا، المثقف كان يكتب ويسجل كل شيء من أجل أن يبقى بعد الاستقلال، وأنا شخصيا خلال ثورة التحرير كنت أسجل رؤوس أقلام لبعض الأشياء التي تبهرني أو تؤثر في وتهزني وبعد الاستقلال كتبتها·