عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
13

المشاهدات
6029
 
مصطفى معروفي
من آل منابر ثقافية

مصطفى معروفي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
178

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
792
02-26-2012, 10:28 PM
المشاركة 1
02-26-2012, 10:28 PM
المشاركة 1
افتراضي الأدب و مكر السياسة
في فترة من الفترات التحق بعض الأدباء تعاطفا أو أعضاء ببعض الأحزاب السياسية ،و بخاصة اليسارية منها، معتقدين ان تلك الأحزاب هي التي يمكن أن تساعدهم على طرح أفكارهم و إيصالها إلى القراء و إلى كل من يعنيهم الأمر من خلال منابرها الإعلامية ، لكن بعد مضي فترة من الزمن وجدنا ثمة فريقين من هؤلاء الأدباء ،فريق تسلق سلم المناصب و صارت له قناعات أخرى تولدت عن الوضعية الجديدة التي هو فيها ، و التي وصلها بمساعدة الحزب،و فريق بقي على الهامش يتجرع كؤوس المرارة حين اكتشف بعد فوات الأوان أنه كان منخدعا ،و أن الحزب الذي انضم إليه إنما كان يرفع شعارات مزيفة هدفها هو اكتساب قاعدة شعبية عريضة تتيح له تحقيق طموحاته السياسية فيما بعد.وهذا الفريق انقسم بدوره إلى فريقين ،فريق انسحب من الساحة الأدبية لكنه بقي يعيش على أطلال أحلامه و طموحاته،و فريق غير رأيه و ركب موجة أخرى لدرجة أن البعض منه بدا بوجه نقيض للوجه الذي كان يظهر به سابقا.
و هكذا رأينا أن الأدباء الذين كانوا يحملون الشعارات البراقة من قبيل الالتزام و النضال و الوقوف في صفوف الجماهير و (يتحفون)نا بين الوقت و الآخر بنصوص لا يشك القارئ في نية صاحبها السليمة لم تكن في واقع الأمر إلا تكتيكا يستخدمونه من أجل تحقيق ما يسعون إليه من طموحات بعيدة كل البعد عن طموحات الجماهير التي كانوا يزعمون أنهم يخدمونها و يقفون معها ضد الحيف الاجتماعي الذي تعاني منه في مجتمعها.
و إذا كانت الجهات الرسمية قد جنت على الأدب و جعلته مدجنا لا يهتف إلا باسمها و بما هو في صالحها لإدامة سطوتها و نفوذها ، فالجهات غير الرسمية و بالتحديد أحزاب اليسار جعلت من الأدب بوقا لبرامجها و أيديولوجياتها بما يخدم الأهداف المسطرة التي تروم الوصول إليها،فتحجم – أعني الأدب – و تقزم دوره بحيث صار مختزلا فقط في الإشادة بالحزب و تمجيد مذهبه الأيديولوجي،فلم نعد نقرأ أدبا بقدر ما عدنا نقرأ منشورات سياسية دعائية مصنفة قسرا في خانات الشعر و القصة القصيرة و الرواية و النقد الأدبي.
و حتى لا نبخس الناس أشياءهم ،فثمة مجموعة من الأدباء و الكتاب انخرطوا في أحزاب يسارية ،بحيث دخلوا بأقلامهم حلبة الصراع عن حسن نية ظانين أنهم يقدمون خدمة للمجمتع و للأدب،ثم فجأة اكتشفوا أنهم ذهبوا ضحية النصب عليهم و أنهم كانوا مجرد بيادق في رقعة شطرنج شرذمة من دهاقنة تلك الأحزاب،و ذلك بعد أن تغيرت المعاطف و أصبح اليساري يمينيا أكثر من اليميني التقليدي نفسه .
إنها مأساة الأدب في زمن مكر السياسة و ثعالبها التي تبشم في كل أقرب فرصة متاحة لها بعد أن تنام النواطير عنها.