عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
3270
 
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي


ماجد جابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
3,699

+التقييم
0.77

تاريخ التسجيل
Feb 2011

الاقامة

رقم العضوية
9742
06-14-2019, 08:27 AM
المشاركة 1
06-14-2019, 08:27 AM
المشاركة 1
افتراضي الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
الأسطورة في قصيدة " فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ" للشاعرة آمال رضوان بقلم الناقد د. عبد المجيد جابر اطميزة
أولا: النص

.
فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ/ آمال عوّاد رضوان

تَوَارَفْتِ ضَبابًا رَهِيفَ خَطْوٍ
يُوَاعِدُ ظِبَاءَ رُوحِي
بحَّةً
تَ ر ا مَ حْ تِ
بِبَاحاتِ بَوْحِي
غَمَسْتِ أَصَابِعَ نَقَاوَتِكِ بِفَمِ أَحْلاَمٍ تَشْتَعِلُ
وَمِنْ كُوَّةِ عَتْمَتِي
سَطَعْتِ أَرْتَالَ أُنُوثَةٍ صَافِيَة!
*
مَدَدْتُ يَدِي
لأَلْتَقِطَ وَهَجًا أُسْطُورِيًّا يُرَمِّمُ ظِلِّيَ الْهُلاَمِيَّ
لكِنَّكِ.. أَغْمَضْتِ وُرُودَ غُمُوضِكِ
وَرَشَقْتِ سَهْمَ شَقَاوَتِكِ الْمُشِعَّةِ
وَانْخِطَافًا... اصْطَدْتِنِي!؟
كَيْفَ ذَا.. وَأَنَا مَنِ انْسَلَّ مِنْ خُرْمِ مُسْتَحِيلٍ؟
*
تَسَلَّلْتُ إِلَيْكِ
عُصْفُورًا سُومَرِيًّا تُهَفْهِفُ بحَّتُهُ
يَنْقُرُ حَبَّاتِ تِينِكِ المُعَسَّلِ
كَمْ رَطَّبَهَا نَدَى جَمَالِكِ
تَذَوَّقْتُكِ قُرْبَانًا
تَخَمَّرْتِ بِكِ مَوَّالاً
وَمَا انْفَكَكْتُ أُغَرِّدُكِ صَدَى خَيَالٍ
يَمُو/////// جُ
بِي
مَمْهُو/////// رًا
مَأخوذًا بِدَلْعَنَةِ سِرِّكِ
تَسْتَلِبُهُ رَائِحَةُ سَمَائِكِ الْمَائِيَّةِ!
*
بَيْنَ تُرَّهاتِ الزَّحْمَةِ الدّافِئَةِ بِكِ
بَ حَ ثْ تُ
عَنْ هَالاَتِ ضَوْئِكِ الْخَزَفِيِّ!
أَنَا مَنْ بفَوْضَى أَلْوَانِي الْمُشَاكِسَةِ
تَسَرْبَلَتْنِي
فُقَاعَاتُ
الْغُرْبَةِ الْمُغْبَرَّة
انْتَعَلَنِي حِذَاءُ افْتِقَادِكِ
وَخَشَعْتُ بَيْنَ مَسَافَاتِ الْغَدِ
أَتَشَهّى عَنَاقيِدَ حِلْمِكِ
أَتَهَجَّى رُوَاءَ أَطْيَافِ أَمْسِكِ!
*
سِنْدَريلايَ
هيَ ذِي ذَاكِرَتِي الْعَاقِرُ تَحْمِلُ بِكِ
تَلِدِينَني شَاعِرًا يَتَفَتَّقُ وَجْدًا
يَهِيمُ بِنِيرَانِ تِيهِكِ
وَأَنَا الْمُفْعَمُ بِخَرِيرِ غَدِيرِكِ
أَ تَ أَ مَّ لُ كِ
بِمَجَسَّاتِ حُرُوفِي
أَتَحَسَّسُ رِهَامَ خَطْوِكِ
يُوَشْوِشُنِي غُوَايَةَ قَصِيدَةٍ رَاعِدَة!
حُورِيَّتِي
مَنْ بِهَا تَأْتَلِفُ دَمْعَتِي بِبَسْمَتِي
تلَمَّسِي بِدَبِيبِ صَلاَتِكِ
أَكْفَانَ
دُرُوبِي
الْعَرْجَاءِ
عَسَانِي أَقُومُ
عَسَانِي أَفْتَرِشُ الْغَيْمَ هَسِيسَ هُرُوبٍ إِلَيْكِ!
*
غَـــــاشِـــــيَـــــــتِـــــي
يَــــا مَـــــنْ تُـــــراوِحِــــيـــــــنَــــــــنِـــــي
مَا بَيْنَ رَوَائِحِ دَمِي الْمُضْطَرِمِ بِكِ
أمْطِرِي قَلْبِيَ قَمِيصَ نُورٍ رَطِبٍ
وَمِنْ سُبَاتِهِ ابْعَثِيهِ حَيًّا بِكِ
غَسّانِيًّا
عَسَى يَخْفقُ حَرْفِيَ بِكِ
فَلاَ أَسْتَظِلُّ
بِبُرْجِ غَرِيمِي الْخُرَافِيِّ.

ثانيا: التحليل الأدبي
العنوان
"فَوْضَى أَلْوانِي الْمُشَاكِسَةِ"
والعنوان أول ما يلفت نظر المتلقي، ويتكون من خبر مرفوع لمبتدأ محذوف تقديره "هذه" والخبر يتكون من مضاف ومضاف إليه وصفة، وفي العنوان انزياح بالحذف. هذا من ناحية التركيب، أما من ناحية المعنى فهو يمثل محتوى القصيدة، فلهول المصيبة التي تعانيها الشاعرة في نصِّها نرى أنها تخاطب القصيدة المتمثلة في قدَرها المجهول أو المرسوم لها- الذي يتخطفنها ويتصيَّدها، فهي الحالمة الخارجة من خرم مستحيل إلى كوة عتمة في حشاها يتربص بها المستحيل، وفي خضمّ التخبط في هذه الفوضى، تلجأ إلى ألوانها المشاكسة، فتشعر بالفوضى التي تجتاح الروح، وعلى طريقة الرمزيين توظِّف الشاعرة خاصية تبادل الحواس، فأسندت الألوان للفوضى، كما أنها أسندت المشاكسة أيضا للألوان وما ينطوي على التعبير والتركيب من انزياحات مختلفة تثير لهفة المتلقي، وقد نجحت الشاعرة في اختيارها للعنوان "ولما كان العنوان على مستوى وظيفته الشعرية يحيل على لغة النص، فإن هذا التحول يتصل أيضا بالتحول الذي طرأ على بنية لغة النص الشعرية، فقد اعتبر جيرار جينيت (أن العنوان يرتبط بعلاقة عضوية مع النص، إذ يشكل بنية تعادلية تتألف من محورين أساسين في العملية الإبداعية هما: العنوان والنص، فالعنوان هو المناص الذي يستند إليه النص الموازي.
كما أن العنوان كما يقول جينيت لا ينفصل عن مكونات النص ومراتبه القوليه، فإن اختياره لا يخلو من قصدية وهو يأتي في إطار سياقات نصية تكشف عن طبيعة التعالق التي تتم بين العنوان ونصه، من هنا فإن عناوين دوواين الشاعر لا يمكن قراءتها خارج تلك الوظيفة الشعرية نظرا لأنه يعبر عن جماع العمل أو عن الفكرة الرئيسة التي تهيمن عليه، فهو مفتاح تأويلي يسعى إلى ربط القارئ بنسيج النص الداخلي والخارجي ربطاً يجعل من العنوان الجسر الذي يمر عليه(1).
وفي مجال الحديث عن العنوان في اللغة والاصطلاح في العربية، قال بازي "العنوان... إظهار خفي ورسم للمادة المكتوبة. انه توسيم وإظهار فالكتاب يخفي محتواه ولا يفصح عنه، ثم يأتي العنوان ليظهر أسراره ويكشف العناصر الموسعة الخفية أو الظاهرة بشكل مختزل وموجز".(2)
الفكرة العامة
تخاطب الشاعرة في هذه القصيدة قدَرها المجهول أو المرسوم لها والذي يتخطَّفها ويتصيَّدها، فتشعر في ذاتها بأنها الحالمة الخارجة من خرم مستحيل إلى كوة عتمة في حشاها يتربص بها المستحيل، وفي خضم التخبط في هذه الفوضى، تلجأ إلى ألوانها المشاكسة، فتارة ترسم ذاتها بألوان الحياة الرافضة للواقع المرير، وبتوظيف وتجيير عدة صور: فترسم ذاتها عصفورا سومريا غريدا ينقر التين المعسَّل، فيخمر ويتخمَّر صوته ويحلو تغريده وعندلته ويحلق في أفق الخيال، حيث تسلبه رائحة السماء ويظل رهين الأفق والخيال صافنا ما بين حِلم وحُلم وما بين غد وأمس، تشده إلى الأرض الغربة المغبرَّة، وتارة ثانية تستحضر ذاتها في أسطورة شقائق النعمان الذي قٌتل ونبتت من دمه وردة إسمها شقائق النعمان فأصبحت هذه الوردة ترمز للدم والانبعاث لان روح أودنيس تحولت في عشتار، وتارة ثالثة تستحضر ذاتها في قصة سندريلا العالمية لتتصاعد أحداث الحلم العبثي الخيالي، لعلّها تخلص من غريمها الخرافي.

وتستهل الشاعرة المقطع الأول موظّفة طريقة السرد قائلة:
"تَوَارَفْتِ ضَبابًا رَهِيفَ خَطْوٍ" "يُوَاعِدُ ظِبَاءَ رُوحِي"/"بحَّةً"/ "تَ ر ا مَ حْ تِ"/"بِبَاحاتِ بَوْحِي"/"غَمَسْتِ أَصَابِعَ نَقَاوَتِكِ بِفَمِ أَحْلاَمٍ تَشْتَعِلُ"/"وَمِنْ كُوَّةِ عَتْمَتِي"/ "سَطَعْتِ أَرْتَالَ أُنُوثَةٍ صَافِيَة!".
"تَوَارَفْتِ ضَبابًا رَهِيفَ خَطْوٍ"/"يُوَاعِدُ ظِبَاءَ رُوحِي""/"بحَّةً"/ "تَ ر ا مَ حْ تِ"/"بِبَاحاتِ بَوْحِي":
تُخاطب الشاعرة قصيدتها المتمثلة في قدرها المجهول وترى أن قدرها قد طال وامتد واشتدّ في عتمته، والضباب يرمز للعتمة والغموض، وتصوره بإنسان له خطوات، ولروح الشاعرة ظباء تُواعَد وصوتها مبحوح لكثرة المناجاة، وتصور الشاعرة البحّة بإنسان يركض مسرعا بباحات بوح الشاعرة حيث تتلاعب بالألفاظ لخلق إيقاع في السطور.
"غَمَسْتِ أَصَابِعَ نَقَاوَتِكِ بِفَمِ أَحْلاَمٍ تَشْتَعِلُ"/"وَمِنْ كُوَّةِ عَتْمَتِي"/ "سَطَعْتِ أَرْتَالَ أُنُوثَةٍ صَافِيَة!": وهذه السطور حافلة بالصور الشعرية والانزياحات المختلفة التي تثير دهشة المتلقي، فللنقاوة أصابع كما للإنسان، وللأحلام فم يشتعل كما الوقود وللعتمة كوة "طاقة" كما للبيت، وللقصيدة أرتال كموكب السيارات، وللأرتال أنوثة كما للكائن الحي....والمقطع بكامله من الأسلوب الخبري الذي يصور مأساة الشاعرة.
وتستمر في مقطعها الثاني:
"مَدَدْتُ يَدِي"/ "لأَلْتَقِطَ وَهَجًا أُسْطُورِيًّا يُرَمِّمُ ظِلِّيَ الْهُلاَمِيّ"/َ "لكِنَّكِ.. أَغْمَضْتِ وُرُودَ غُمُوضِكِ"/"وَرَشَقْتِ سَهْمَ شَقَاوَتِكِ الْمُشِعَّةِ"/"وَانْخِطَافًا... اصْطَدْتِنِي!؟ "/"كَيْفَ ذَا.. وَأَنَا مَنِ انْسَلَّ مِنْ خُرْمِ مُسْتَحِيلٍ؟".
وفي هذا المقطع نرى أن الشاعرة تخاطب قصيدتها تبوح لها عن قدَرها المجهول، فهي الحالمة الخارجة من خرم مستحيل إلى كوة عتمة في حشاها يتربص بها المستحيل، وفي خضم التخبط في هذه الفوضى، تلجأ إلى ألوانها المشاكسة وتستعين في الكشف عن حالتها النفسية بالاتكاء على الأساطير لترميم بقايا شظاياها.
وتقول في المقطع الثالث مخاطبة قصيدتها:
"تَسَلَّلْتُ إِلَيْكِ"/"عُصْفُورًا سُومَرِيًّا تُهَفْهِفُ بحَّتُهُ"/ "يَنْقُرُ حَبَّاتِ تِينِكِ المُعَسَّلِ"/
"كَمْ رَطَّبَهَا نَدَى جَمَالِكِ"/"تَذَوَّقْتُكِ قُرْبَانًا"/"تَخَمَّرْتِ بِكِ مَوَّالاً"/"وَمَا انْفَكَكْتُ أُغَرِّدُكِ صَدَى خَيَالٍ"/"يَمُو/////// جُ"/"بِي"/"مَمْهُو/////// رًا"/"مَأخوذًا بِدَلْعَنَةِ سِرِّكِ"/"تَسْتَلِبُهُ رَائِحَةُ سَمَائِكِ الْمَائِيَّةِ!".

ويحتاج الشاعر دائما لتأثيث نصه بالرموز المختلفة والأساطير ليوغل في أعماق النفس والكون ويسري بالقارئ إلى دلالات النص بطريقة تجعله يؤمن بالتجربة ولا يكتفي بتفسيرها…أضف إلى ذلك أن توظيف الشّاعر المعاصر للتّراث يضفي على عمله الإبداعي “عراقة وأصالة ويمثّل نوعا من امتداد الماضي في الحاضر وتغلغل الحاضر بجذوره في تربة الماضي الخصبة، كما أنّه يمنح الرؤية الشعرية نوعا من الشمول والكلية. (3)
فشاعرتنا في هذا المقطع وبحسب الأسطورة البابلية تلجأ لرسم أولى لوحاتها الفنية في خضم العتمة والتيه، فترسم نفسها عصفورا سومريا غريدا ينقر التين المعسل، فيخمر ويتخمَّر صوته ويحلو تغريده وعندلته ويحلق في أفق الخيال، حيث تسلبه رائحة السماء ويظل رهين الأفق والخيال صافنا ما بين حِلم وحُلم وما بين غد وأمس تشده إلى الأرض الغربة المغبرة، فتلجأ الشاعرة لتوظيف القناع، والقناع اصطلاحاً " وسيلة فنية لجأ إليها الشعراء للتعبير عن تجاربهم بصورة غير مباشرة، أو تقنية مستحدثة في الشعر العربي المعاصر شاع استخدامه منذ ستينيات القرن العشرين بتأثير الشعر الغربي وتقنياته المستحدثة، للتخفيف من حدّة الغنائية والمباشرة في الشعر، وذلك للحديث من خلال شخصية تراثية، عن تجربة معاصرة، بضمير المتكلم أو بتوجيه الخطاب إليها، أو من خلالها. وهكذا يندمج في القصيدة صوتان: صوت الشاعر، من خلال صوت الشخصية التي يعبّر الشاعر من خلالها". (4)
" فكل متلق يستقبل الشخصية المستدعاة ويتعامل معها وفق مكوناته الفكرية والنفسية، ويقوم السياق الذي ترد فيه بدور مهم في توجيه التلقي وتحقيق جدواه ".(5)
ويعمل تناوب السرد والحوار هنا في تشكيل القصيدة على تنوع الإيقاع، فالقصيدة التي تبدأ بداية سردية نرى أن إيقاعها يكون إيقاعاً بطيئاً بعض الشيء، إذ يتجه الخطاب نحو التفصيل والدخول في الجزئيات واستلهام أجواء ذاتية خاصة تقرب كثيراً من المونولوج الداخلي الذي يستدعي إعمال الذاكرة التأملية وما فيها من بطء وهدوء واستكانة ينسجم تماماً مع الأسلوب الحكائي الذي جاء عليه السرد "(6).
وتستمر الشاعرة في نصِّها في المقطع الرابع:
يتبع