عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2010, 11:23 AM
المشاركة 18
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
(المشهد السادس من مشاهد الرحلة الى المقابر )
( تبني للخراب )



السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر
مشهد اليوم سيجعلك تعيد النظر فيما تجمع
وفيما تعمر وتشيد
وفيما تلد من البنين والبنات

فما قولك إذا علمت أنك تلد للموت وتبني للخراب ؟
نعم هذا هو حال أهل الدنيا

= فقد روى عن النبي (ص) أنه قال: ما من يوم إلا وملكان يناديان :
يا أهل الدنيا ولدتم للموت وتبنون للخراب وأنتم محاسبون ومعذبون عند ربكم )

لله ملـِك ينــادي كل يوم *** لـدوا للمـوت وابنـوا للخراب
لمـن نبني ونحن الى التراب *** نعود كمـا خلقنـا مـن تـراب
ألا يا مـوت لم أر منك بـدّ ا *** أتيـت فلا تحيـد ولا تحـابـي
كأنك قد هجمت على مشيبي *** كمـا هجم المشيب على الشبـاب

= عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت مع كعب الأحبار
وهو عند عمربن الخطاب رضي الله عنه

فقال كعب : يا أمير المؤمنين
ألا أخبرك بأغرب شيء قرأته في كتب الأنبياء ؟
إن هامةً جاءت الى سليمان بن داود صلوات الله وسلامه عليهما
فقالت السلام عليك يا نبي الله - قال : وعليك السلام يا هامة
أخبريني كيف لا تأكلين من الزرع
قالت : يا نبي الله إن آدم أخرج من الجنة بسببه
فقال : كيف لا تشربين الماء ؟
قالت : ان الله أغرق قوم نوح فيه فمن أجل ذلك لا أشربه
قال سليمان : كيف تركت العمران وسكنت الخراب؟
فقالت: لأن الخراب ميراث الله – فأنا أسكن ميراث الله
قال سليمان: فماذا تقولين اذا جلست فوق خربة ؟
قالت : أقول أين الذين كانوا يتمتعون بالدنيا ويتنعمون فيها ؟
قال سليمان عليه السلام : فما صياحك في الدوراذا مررت عليها ؟
قالت : أقول : ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد ؟
قال : فما لك لا تخرجين بالنهار؟؟ ولا تظهرين الا بالليل
قالت : من كثرة ظلم بني آدم لأنفسهم
قال: فأخبريني : ما تقولين في صباحك ؟
قالت : أقول : تزودوا يا غافلون وتهيؤا لسفركم
سبحان خالق النور
فقال سليمان عليه السلام : ليس من الطيور أنصح لابن آدم وأشفق عليه من هذه الهامة
وما في قلوب الجهال أبغض منها.

= فلا تركن الى دنياك المتقلبة – وكيف تبيع الباقي الغالي بالفاني الرخيص
فيا مسكين أنفقت مالك في بنيان الدور وتشييد القصور
ونسيت الموت والتحول الى ظلمة القبور ثاويا فيها الى يوم النشور
ألا للخــراب بنى العامرونا ** وللموت ما وَلــد الوالدونـا
وعما قليل يرى الآخرون ** عجائب ما قد رأى الأولونـا
ويشقـى أناس بما جمعـوا ** ويســعد بالقلـة الزاهدونا
ولا يرحمون إذا بكوا ولا ** يرتجي الرحمة الظالمونا

= هذا بالتأكيد لا يعني ألا يصلح الانسان من شأن حياته
فان الله تبارك وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
ولكن بشرط ألا يكون هذا العمار لاهيا لك عن ذكر الله
وذكر الموت -

= روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال :
ما من يوم إلا وملك الموت ينادي :
يا أهل الدنيا عجلوا لأن أهل القبور محبوسون من أجلكم
أتركوا ما جمعتم وخربوا ما بنيتم
الويل لكم ان أدرككم الموت على هذه الحالة
زينتم الدور ونسيتم القبور
أذكروا القبر ووحشته
والموت وسكرته
والصراط ودقته
الموت سكرة في سكرة
وحيرة في حيرة وجذبة يا لها من جذبة
فالمسكين يكابد غصص المنون داهش العقل محزون

= وحكي عن بعض السادات أنه قال :
نظر الي بهلول وأنا أبني دارا فقال : لمن هذه الدار ؟
فقلت : لرجل من كبار أهل الكوفة
فقال : أرنيه؟
فأريته اياه - فناداه فقال : يا هذا لقد تعجلت البناية قبل العناية
اسمع الى صفة دار كونها العزيز أساسها المسك وبلاطها العنبر
اشتراها عبد أزف للرحيل كتب على نفسه كتابا
وأشهد على عقد ضمائره شهودا
ولهذه الدار شارع ينتهي الى دار الخلد والسلام
وخيام قد ملئت بالولدان ليس فيها أسقام ولا ضر ولا الآم
ولا يذوق ساكنها سكرات الحمام
يا لها من دار لا ينقضي نعيمها ولا يبيد كريمها
ملئت خيامها بجوار بهن يكمل السرور
ليس لهن سوى الدين والتقوى مهور
قيل وبعد أن قال بهلول هذا الكلام
ترك الرجل داره وتاب الى الله ورجع
وهام على وجهه خارج داره
فناداه بهلول وهو يعدو خلفه ويقول :
يا ذا الذي طلب الجنان لنفسه**** لا تهربن فانه يعطيكا

= حكي عن عباد المهلبي أنه قال :
كان ملك من ملوك البصرة قد ترك الدنيا وما فيها وتعبد
ثم بعد مدة من الزمن
وسوس له شيطانه بترك العبادة فمال الى الدنيا وغرورها
فبنى دارا وشيدها وأمر بفرشها
وأمر أن يصنع طعام كثير ودعا الناس
فجعلوا يدخلون ويهنئونه ويأكلون ويشربون
وينظرون الى بنائه ويعجبون منه.. ثم يدعون له ويتفرقون عنه
فمكث بذلك زمانا حتى اذا فرغ من أمر الناس
أجلس نفرا من خاصة اخوانه فقال لهم :
أترون سروري بهذا القصر؟؟
فقد حدثتني نفسي أن أتخذ لكل واحد من أولادي مثل هذا القصر
فأقيموا عندي أياما أستمتع بحديثكم
فأقاموا عنده أياما يأكلون ويشربون ويتمتعون
اذ سمعوا ذات ليلة بهاتف يهتف وينادي بصوت جهير ويقول :

يا أيهـا الرجـل الناسـي منيتـه **
لاتـأمنن فـإن المـوت مكتوب
على الخلائق ان سروا وان كرهوا **
فالموت حتم لذي الآمال منصوب
لا تبنيـنّ ديـارا لسـت ساكنهـا **
وراجع النسـك كيما تغفر ذنوب

قال : فخرج وخرج أصحابه بعد أن راعهم ما سمعوا
فقال لأصحابه : هل تجدون ما أجد ؟
وهل تشعرون بما أشعر ؟ قالوا : وماذا تجد وتشعر ؟
قال : أجد مسكة على فؤادي وما أرها إلا علة
ثم أمر بالشراب فأهريق وأمر بالملاهي فأخرجت
ثم قال : اللهم اني أشهدك وأشهد ملائكتك ومن حضر من عبادك
أني تائب اليك من جميع ذنوبي
نادم على ما فرطت في الأيام الماضية
ثم اشتدت به العلة فلم يزل يقول الموت الموت
حتى خرجت روحه من ليلته تلك وتفرق عنه أصحابه –

= الناس يبكون على موتاهم
والأجدر أن يبكوا على أنفسهم لا على الميت -
عجبت لجازع باك مصاب*** بأهل او حميم ذي اكتئاب
يشق الجيب يدعو الويل جهلا *** كأن الموت بالشيء العجاب
وأمر الله فيه الخلق حتى *** نبي الله منه لم يحابي
له ملك ينادي كل يوم *** لدوا للموت وابنوا للخراب



الى هنا انتهى مشهد اليوم
ألقاكم غدا بنفس الموعد .. هذا ان عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء .. الى اللقاء




..... يتبع
ناريمان