عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-2014, 12:04 AM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لو كنت جزائري لانتخبت هذا اليتيم

موسى تواتي

موسى تواتي "مرشح الزوالية" للانتخابات الرئاسية، وهي الصفة التي يحبذها كثيرا مؤسس منظمة أبناء الشهداء، والتي مكنته على ما يبدو من افتكاك للمرة الثانية على التوالي، تأشيرة المجلس الدستوري لخوض معترك الرئاسيات، وقد ترعرع يتيما وسط أسرة متواضعة، وتحوّل من جمركي بسيط إلى زعيم حزب سياسي، ينظم التجمعات ويلقي الخطابات، ويتنافس على اعتلاء كرسي المرادية.

ويعدّ تواتي من رجال السياسة المخضرمين، فقد ولد سنة واحدة فقط قبل اندلاع الثورة التحريرية، أي عام 1953 بمنطقة بني سليمان بولاية المدية وبالتحديد يوم 03 أكتوبر، ترعرع على غرار غالبية أفراد الشعب في ظل الفقر والحرمان، خاصة بعد أن فقد والده في سن مبكرة، وكان ذلك سنة 1958، إثر استشهاده في ميدان الشرف، فتوّلت الوالدة التكفل بتربيته إلى جانب خمس إخوة وأخوات آخرين، وقد كانت طفولته غير سهلة على الإطلاق، والتي قضى جزءا هاما منها بمراكز أبناء الشهداء، ويفضل تواتي أن يعطي شخصيا شهادته على هذه المرحلة القاسية من حياته، قائلا بأنه تربى في مراكز أبناء الشهداء، التي كانت بالنسبة له بمثابة المحتشدات، بسبب افتقارها لأدنى شروط الحياة الكريمة، سواء من ناحية الملبس أو المأكل، مما ترك انطباعا لديه بأن تلك الرعاية كانت تنم عن نية مبيّتة لتهميش أبناء الشهداء، خصوصا حينما يقارن نفسه بأطفال أيتام كانوا من نفس سنه، وكانت تتكفل بهم دور الأيتام والحضانة.

*

من أبناء الشهداء إلى السياسة

.. غير أنهم كانوا يلقون الرعاية الكافية، بسبب إعانات الدولة وسخاء الهبات والمساعدات التي كانت تأتي من كل جهة، من بينها المنظمات الأجنبية، وقد كانت المنحة الرمزية التي كان يتقاضاها أسر الشهداء، المصدر الوحيد الذي يعيل أسرة تتكون من ستة أفراد إلى جانب الأم، والتي كانت لا تكفي حتى لاقتناء الضروريات، مقارنة بما كان يستفيد منه آخرون، قال عنهم تواتي بأنهم خونة وأبناء الحركى.

وخلال بلوغه سن الشباب وبعد أن أنهى تعليمه الابتدائي بتابلاط بالمدية، انتقل إلى العاصمة ليحصل على شهادة التعليم المتوسط ثم البكالوريا،* ليتجه تواتي إلى ليبيا ومكث هناك مدة من الزمن وكان يقيم بمدارس داخلية، ثم اتجه فيما بعد إلى سوريا لإتمام تكوينه على مستوى مراكز أشبال الثورة، وكان ذلك ما بين نهاية الستينات وبداية السبعينات، ويقول تواتي على عكس بعض ممن يعرفونه، بأنه التحق بالجامعة ودرس السنة الأولى فقط، قبل أن يتفرغ إلى النشاط السياسي، ثم التحق بالجيش وبالضبط بالأمن العسكري.

*ويتهم تواتي بأنه كان يلاحق المثقفين خلال تلك الفترة، ويعد تقارير بشأنهم، وفق ما أفاد به الكاتب طاهر بن عيشة في حوار سابق لـ"الشروق"، وذلك خلال تردده على مقهى"اللوتس" الواقع وسط العاصمة، وعمل أيضا عونا بالجمارك، ليؤسس فيما بعد منظمة أبناء الشهداء، ثم تنسيقية أبناء الشهداء، وأخيرا الجبهة الوطنية الجزائرية، التي ظل يقودها منذ نشأتها.

يتميز تواتي بسمة خاصة جعلته ينفرد بها عن بعض المرشحين للاستحقاق الرئاسي، بكونه يعكس صورة ذلك المواطن البسيط، أو ذلك الشعبي الذي يتقن اللغة السياسية البسيطة، التي لا تحتاج إلى جهد أو عناء كبير لفهمها وإدراك أبعادها، فهو ينتقي المصطلحات المباشرة التي تفي بالمعنى، ولا يثقل سامعيه بالعبارات المنمقة أو المبهمة، وقد اصطف منذ البداية في خانة المعارضة، وتمكن في ظرف وجيز بفضل شعارات رفعها، أهمها بأنه حزب الزوالية، من تحقيق انتشار واسع في الميدان السياسي، مكنه من تحقيق فوز معتبر في الانتخابات التشريعية والمحلية لسنة 2007، إلى درجة أنه أثار اندهاش وزير الداخلية السابق يزيد زرهوني، الذي لم يتمكن من إخفاء استغرابه أثناء توليه الإعلان عن النتائج، وهو ما يزال متمسكا بالمقر المركزي للحزب والواقع بشارع طنجة بالعاصمة، غير بعيد عن تمثال الأمير عبد القادر بالعربي بن مهيدي.

*

لن أستسلم..لن أخضع وأنا خريج الشارع

ويصنف تواتي ضمن خانة الأشخاص الذين يرفضون الاستسلام أو الخضوع للهزات أو المشاكل التي تعترض طريقه، فضلا عن عدم تردده في خوض التجارب والمغامرات، وهو ما يعترف به خصومه، بدليل أنه تخطى الحركة الانشقاقية التي طالت تشكيلته بالتزامن مع الانتخابات التشريعية لسنة 2012، والتي جعلته يفقد أهم إطاراته من فئة الشباب، الذين قرروا التمرد احتجاجا على السياسة الداخلية لهذه التشكيلة، واستمرت التجاذبات داخل الحزب، وكانت النتائج ظاهرة، وهو فقدان "حزب الزوالية" لعدد هام من المقاعد على مستوى المجالس المحلية المنتخبة، فضلا عن انحصار تواجده داخل البرلمان، بعد أن كان له صوتا وصدى يسمع في الهيئة التشريعية.

يعد رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية من الشخصيات السياسية التي لا يتغلب عليها الملل أو الكلل بسهولة، ولا يخضع للانتقادات التي توجهها له الأوساط الإعلامية أو المحللون السياسيون، بدليل دخوله إلى سباق الرئاسيات للمرة الثانية على التوالي، رغم النتائج الضئيلة التي حققها في المرة السابقة، فقد حصل في انتخابات 2009 سوى على 2.31 في المائة من الأصوات، ورغم طعنه في النظام، واحتجاجه على غياب الشفافية والنزاهة في إدارة العملية الانتخابية، ويفسر ابن منطقة المدية سر هذا التماسك والإصرار، بأنه الثائر الذي لا يسقط بسهولة، وأنه عندما يسقط يستشهد، فضلا عن كونه مناضلا ورث روح الكفاح والنضال عن أجداده، موضحا بأنه ينحدر من عائلة مجاهدة تحصي بين أفرادها 34 شهيدا.

ولا يميل تواتي كثيرا إلى التحالفات والتكتلات، وقد كان أول المنسحبين من مجموعة 14 التي تأسست عشية الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" للجزائر، فور شروع بعض أعضاء هذا التكتل الذي سرعان ما انطفأت شمعته، في الحديث عن المرشح التوافقي، ليعلن بعدها عن قرار الترشح لموعد 17 أفريل، وقد دعا منذ بداية الحملة للقيام بما أسماه انتفاضية انتخابية، بدعوى محاربة كل أشكال الظلم والفساد، معتبرا بأن مقاطعة الانتخابات لم ولن تجني أي شيئ، سوى السيناريوهات السابقة، ويرافع البرنامج الانتخابي لتواتي من أجل إقامة حكم برلماني يمكّن الشعب من ممارسة سيادته من خلال منتخبيه، في حين يرى بأنّ مقاطعة الاستحقاقات، مهما كانت طبيعتها ليست بالخيار الديمقراطي ولا الحضاري، وأن الاحتكام يجب أن يكون للشعب من خلال المشاركة وحشد الأنصار وليس المقاطعة، ويعتبر بأن المقاطعين غابت عنهم النظرة الموضوعية والمنطقية تماما، بدعوى أن مواجهة التزوير في الانتخابات، لن يكون إلا بالمواجهة ومراقبة الاقتراع.