عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2010, 10:09 AM
المشاركة 24
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وَيَحْمِلنِي القُرْبُ فِي راحَتَيْـهِ
إلى زَمَـنٍ ضَامِـرِ الهَيْكَـلِ


في البيت السابق وصف لما يحدث للشاعر أذا ما رأى حبيبتيه مجرد رؤيتها! وهو في هذا البيت الذي يليه يصف ما يحدث له إذا ما اقترب منها، ولم يقتصر التواصل بينهما على النظر والرؤية فقط.


فيقول الشاعر هنا..عندما اقترب منك، أي حبيبية، يحملني القرب، وهو هنا يشخصن -القرب- فيجعله وكأنه إنسان يحمله على راحتيه أو ربما هي ريح عاتية قوية تحمله إلى أين؟؟؟؟ إلى زمن ضامر الهيكل!!! أي إن ذلك القرب يجعله يتذكر تلك الأيام وذلك الزمن الذي كان هو فيه متعلق جدا بحبيبته عاشق لها ولهان إلى حد الهذيان وهي بعيدة عنه وبسبب ذلك البعد...إلى حد انه كان يمتنع لا إراديا عن الأكل والشرب وكنتيجة لشغفه بها وشدة حبه وتعلقه وهيامه بها...حاله حال العاشقين جميعا..وإلى حد انه كان قد أصابه النحول فأصبح ضامر الهيكل...

ولكن ذلك الضمور لم يصبه هو فقط وإنما امتد ليصيب أشياؤه كلها وحتى الزمن الذي شهد تلك المشاعر الملتهبة، فأصبح الزمن بدوره ضامر الهيكل مثله تماما...وهو تعبير وتصوير بالغ الجمال والعمق يصف ويصور ما يصيب الشاعر إذا ما وقع في الحب والغرام وقد تمنعت الحبيبة ونأت بنفسها عنه فيصيبه النحول والضمور...

وفي ذلك شخصنه للزمن أيضا وكأن الزمن الذي شهد حبه لها تحول إلى إنسان ضامر الهيكل هو أيضا إذ تأثر بتلك المشاعر الملتهبة وذلك الألم النابع من بعد الحبيبة.

وفي البيت حركة نستشفها من استخدام كلمة (يحملني) وهي من المحسنات التي تجمل الفن وتجعله أعظم أثرا على نفس وعقل وقلب المتلقي...كما أننا نستشف الصراع الذي كان يعانيه الشاعر في حبه وهو عنصر آخر من عناصر الجمال التي تجعل النصوص حية بالغة الأثر في نفس المتلقي...ولا ننسى التضاد بين القرب والبعد الذي نستشفه من المعنى وهو الاكثر تأثيرا على ذهن المتلقي... ولا شك ان جميعها عناصر جمال تجعل من هذا البيت بالغ الاثر.

يتبع،،