الموضوع: طاقة الخشوع
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2010, 10:15 PM
المشاركة 6
أحمد النواوى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الخشوع والصلاة
يؤكد القرآن على الدور الكبير للخشوع في المحافظة على الصلاة، لأن كثيراً من المسلمين لا يلتزمون بالصلاة على الرغم من محاولاتهم المتكررة إلا أنهم يفشلون في المحافظة عليها لأنهم فقدوا الخشوع. ولذلك يقول تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: 45]. وهكذا يتبين الدور الكبير للخشوع في الصلاة، ولذلك ربط القرآن بين الصلاة والخشوع. والعجيب أن القرآن في هذه الآية ربط بين الصبر والخشوع، وقد وجد العلماء بالفعل أن التأمل يزيد قدرة الإنسان على التحمل والصبر ومواجهة الظروف الصعبة!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
هناك بعض العلماء الأمريكيين أجروا تجارب على أناس يصلّون (على طريقتهم طبعاً) فوجدوا أن الصلاة لها أثر كبير على علاج اضطرابات القلب، وعلى استقرار عمل الدماغ. ولذلك نجد أن القرآن جمع لنا كلا الشفاءين "الصلاة والخشوع" فقال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1-2].
كيف نمارس الخشوع في حياتنا اليومية؟
إنه القرآن! هو الوسيلة الرائعة لممارسة الخشوع لله تعالى، وهنا ينبغي أن نصحح الفكرة السائدة أن الخشوع يكون في الصلاة فقط أو في قراءة القرآن، والصواب أن الخشوع هو منهج يعيشه المؤمن كل لحظة كما كان أنبياء الله يفعلون، فإذا تأملنا حياة الأنبياء عليهم السلام نلاحظ أنها مليئة بالخشوع، بل كانوا في حالة خشوع دائم، وهذا ما أعانهم على التحمل والصبر على الأذى والاستهزاء وكان هذا الخشوع سبباً في استجابة دعائهم، ولذلك قال تعالى عنهم: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90]. وتأملوا معي عبارة (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) فهي توحي بأن هؤلاء الأنبياء الكرام كانوا في حالة خشوع دائم، ولذلك لابد أن نقتدي بهم في حياتنا، ولكن كيف ذلك؟
فالمؤمن الحقيقي يكون في حالة خشوع في صلاته وعندما يتصدق تجده يتفكر في هذه الصدقة وعندما يزور مريضاً يفكر في أهمية هذه الزيارة فيطلب من الله أن يبعد عنه الأمراض. وعندما يتعامل مع الناس في بيع وشراء وتجارة يحس بأن الله يراقبه ويراه فلا يغش ولا يكذب ويكون صدوقاً ليُحشر يوم القيامة مع الصديقين.
عندما يتعرض الشاب المؤمن لفتنة أو يكون على وشك أن ينظر إلى ما حرم الله، يتذكر على الفور أن الله يراه ولا يرضى عن ذلك، فيبتعد عن هذه المعصية ابتغاء وجه الله، ويحس وقتها بنوع من لذة وحلاوة الإيمان.
عندما يرى المؤمن شيئاً يكرهه من زوجته أو العكس ويدرك أن الله يأمره أن يعاشرها بالمعروف ولا يؤذيها وأن النبي أمره أن يستوصي بها خيراً، عند ذلك يبتعد عن إيذائها ويكون أكثر صبراً عليها، فهذا هو الخشوع.
عندما يتعرض المؤمن لمرض أو لظروف صعبة، أول شيء يقوم به هو الدعاء واللجوء إلى الله تعالى. ويدرك أن الله تعالى هو الذي ينفع ويضر وهو الذي بيده الخير هو الذي يشفي وهو الذي يرزق هو الذي بيده مفاتيح الخير كلها، هذا هو الخشوع الحقيقي...
ولذلك فإن الخشوع هو نتيجة العمل الصالح والدعاء والمسارعة في الخيرات، فإذا أردت أن يرزقك الله نعمة الخشوع وأن تكون مستجاب الدعوة كما استجاب الله لأنبيائه وهم في أصعب الظروف، فعليك أن تبحث عن الخيرات وتسارع فيها، لا تنتظر حتى يأتي إليك من يحتاج المال لتعطيه، بل اذهب أنت وسارع للإنفاق، وهكذا. وأن تتذكر هذه الآية وتحفظها مثل اسمك لترددها كل يوم، بل في كل موقف: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90].

يتبع ..