عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2011, 10:26 AM
المشاركة 6
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الرسالة الرابعة : إلى الشباب العربي

جفت حلوقنا والله ..
ونحن ندعو مرارا وتكرارا إلى الإستقلال يا شباب الأمة ..
الإستقلال الفكرى عن أى تيار أيا كان نوعه , والإحتفاظ بالعقول مستقلة وليست مصادرة لحساب أحد ,
حتى لو كان الداعى لمصادرتها يدعو للجنة !
فالله عز وجل لم يجعل على الأمة حجة من الناس إلا النبي عليه الصلاة والسلام , وبعده كل ابن آدم يؤخذ من كلامه ويرد ..
فمتى يحين الوقت لتتجمعوا حول فكرة الإستقلال الحقيقي , والتى تمنحكم الفرصة الذهبية لرفض الوصاية , وتمنحكم الفرصة للاستفادة العلمية من كل عالم أو مفكر أو داعية
بلا أى تعصب لهذا أو ذاك ..
أوليس بن تيمية هو القائل ( ليس لأحد أن يتخذ من الأمة عالما بعينه يوالى ويعادى عليه )
فما هذا السخف الذى نجده فى بعض منتدياتنا لشباب طبقوا نظرية الخصخصة على الإسلام ,
فهذا يتبع الإخوان , ويعتبرهم خلفاء الله فى الأرض , وهذا يتبع السلفية أو تيارا معينا فيها , ويعتبر البقية كلها مبتدعة , وهذا يتبع كاتبا معينا ويعتبره قائده الروحى , ... وهلم جرا ..

إنى هنا أخاطب العقول أن تمنح نفسها فرصة ترك التعصب لدقائق معدودة , وتسأل نفسها ,
هل الدفاع عن علمائنا ودعاتنا معناه أن نتبعهم فى كل كبيرة وصغيرة حتى لو كانوا مخطئين ؟!
المشكلة أنك تجد الجواب بـ ( لا ) من أى شخص , ورغم هذا فما إن يري أحدهم رأيا ـ مجرد رأى ـ يخالف رأى شيخه المفضل أو تياره المنتقي إلا وينقلب رأسا على عقب !
فلماذا تدخلون لمعارك لا ناقة لكم فيها ولا جمل ؟!
قديما ..
انقسمت الأمة إلى ناصريين وإلى ساداتيين وأنفقوا العمر فى تلك الصراعات , حتى ضيعوا الأمة بأكملها , وكان من المستحيل أن تجد أحدا يؤيد عبد الناصر ولا يكره السادات أو يؤيد السادات ولا يكره عبد الناصر !
ولم نجد عاقلا واحدا يقيم التقييم الطبيعى لكل رئيس منهما ..
ورأينا فى التيارات الدينية , إخوان وسلفية وصوفية ,
ومن المستحيل أن تجد إخوانيا لا يعادى السلفية , أو سلفيا لا يعادى الصوفية أو صوفيا لا يعادى السلفية , حتى أصبح الأمر أشبه بملهاة مضحكة كملهاة فرق كرة القدم
ولم نجد شخصا أو تيارا يرفض جميع المسميات , ويرحب بالجميع , ويقبل الحق حيث كان , ويقدّر علماء الأمة جميعا دون تفريط أو إفراط ..
بل وجدنا العصبيات , ووجدنا ــ للغرابة ــ من الشباب من يدافع بحمية عن الأنظمة العربية تعصبا لجنسيته أو بلده , وليس لأنه يؤمن بصلاح ولى أمره !

التجربة القائمة فى مصر الآن , وفى تونس قبلها , لابد من فهمها حق الفهم , وتطبيقها التطبيق الأمثل , وهى السعي وراء الحق وحده , والرقابة عليه , والقدرة على الجهر بالقول فى كل زمان ,
فقد نجحت الأصوات المحبطة ـ سواء بقصد أو بغير قصد ــ فى مصادرة العقول من الشباب ودفعتهم إلى عبادة الحكام باعتبارهم ولاة الأمر , وقد حان الوقت لترك هذه النظريات ,
ومن ناحية أخرى ..
لابد أن نتعلم من درس التاريخ أن الحل الوحيد الذى يحقق الإصلاح كما بشر به النبي عليه الصلاة والسلام , يكمن فى الإستقلال عن التعصبات والحزبيات ,
ودرس التاريخ واضح ,
ففي مصر التى قادت تجربة الثورات العسكرية , رأينا كيف أن محمد علىّ جاء للحكم بمساندة فرنسية ــ وليس كما يزعم البعض برغبة الشعب المصري وقتها ـــ
ومن تلاه من حكام الأسرة العلوية جاءوا بمباركة إنجليزية ,
وقامت تجربة 23 يوليو , بمباركة أمريكية ودعم أمريكى استمر حتى عام 1956م , رأت فيه أمريكا وسيلة حقيقية لبسط نفوذها مكان إنجلترا فى الصراع على التركة الشرق ـــ أوسطية ,
وجميع هذه التجارب بلا استثناء , اتفقت فى أنها تجارب أضاعت الأمة بأكملها ومزقتها شر ممزق , وأفرزت حكومات ديكتاتورية لا زالت قائمة لليوم ,

وعليه فالدرس المستفاد من ذلك يتمثل فيما يلي ..

أولا : أن الثورات العسكرية والإنقلابات طريق للحكم الديكتاتورى دون أدنى شك , فلا يمكن أن يأتى الإصلاح الحقيقي والديمقراطى على متن دبابة !

ثانيا : أن الثورة الحقيقية تتمثل فى رقابة الشعب , واستعدادهم التام لتجديد المعارضة فى حالة نكوص أى حاكم جديد عن الديمقراطية ,
وبهذا الشكل وحده يأتى الحكام بإرادة الشعوب , لا بمباركة القوى السياسية فى الغرب , ويصبح الحاكم العربي لا يخشي بعد الله إلا رأى شعبه , وليس رأى البيت الأبيض !

ثالثا : وجوب إدراك أن افتراق الأمة الحقيقي إنما تسبب فيه الإعلام الملوث , والعصبيات الشبيهة بفرق كرة القدم , وأن الداعين لوحدة الأمة , لو أرادوا الوحدة حقا , لدعموا الإستقلال عن أى وجه من وجوه التعصب ,

هذه هى البذرة التى تم غرسها مؤخرا على أرضية الوعى ,
وكل ما نأمله أن نراها وقد أثمرت إن شاء الله

محمد جاد الزغبي ..
من مصر المحروسة