عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2015, 03:16 AM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله

في أيام المدارس كنا نسمع في آواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن المنصرم من بعض الأساتذة عن الخبز الحافي كعمل أدبي طاله سوط الرقابة و تضخم في أذهاننا هذا العمل كما كاتبه ، لكن مع فترة الانفتاح التي جاءت في التسعينيات و بداية الألفية ظهر شكري إلى العلن و كنت من المتابعين عبر المذياع لبرنامجه الشهير شكري يتحدث من إذاعة طنجة الذي كان يبث بعد منتصف الليل ، هناك تعرفت على شكري ، كصوت و كلغة حية ناطقة ، وكان يستعمل في حكيه تقنيات سردية خاصة بالأذن ، و كان يتناول ظواهر عديدة بأسلوب أدبي راق ، و هناك أيضا ظهرت ثقافته الواسعة واهتماماته الكثيرة ، و كان يستحضر بين الفينة والفينة الكاتب جون جيني ، و عام 1997 كان أول لقاء لي مع أدبه في روايته زمن الأخطاء التي تعتبر الجزء الثاني من سيرته الذاتية بعد الخبز الحافي .
شخصيا أعتقد أن زمن الأخطاء عمل أدبي أكثر من الخبز الحافي التي تظهر أكثر اختزالا و مباشرة كاليوميات و ربما الأمر له علاقة بتطور الكتابة الأدبية لشكري .
الخبز الحافي التي لم أقرأها إلا في السنوات الأخيرة لكون زمن الأخطاء لم تثر في نفسي شهية أدبية حقيقية للتعرف على شكري لا كشخص ولا كأدب ، لربما شكري اكتسب هذه الشهرة و هذا الاهتمام ليس لكونه قدم أدبا شاهقا بقدرما كان المنع الذي طال عمله و كذا جرأته في اقتحام المسكوت عنه أدبيا في أوطاننا كان له السبب المباشر في هذه النجومية وهذا الاهتمام .

شخصيا لا أعتقد أن شكري يروم من خلال أدبه إلى إعلان تمرده على المجتمع و على الأخلاق بقدرما يمثل فلتة من اللاشعور المجتمعي ، حالة احتقان مكبوتة تضخمت فأرادت أن تتحرر لتدون نفسها في تاريخ الذات الجمعية المغربية " العربية " زوبعة عاطفية غير متجانسة أبت إلا أن تسجل حضورها لتمسح عن الذات الجمعية مساحيق التجميل و روتوشات الملاحة الخادعة ، شكري قال أن الحياة ليست كما قال عنها الكتاب قبله ، قال أن الصورة الكاملة حتى في بعدها الجمالي تكمن في إظهار الظلال التي تعطي تجسيدا منطقيا للصورة رغم قتامتها ، شكري متشبع هنا بالمعقولية الفلسفية المبنية أساسا على دراسة التناقض و ازدواجية المفهوم .

لكن من وجهة نظري الشخصية هل نجح شكري في ترجمة رسالته تلك ، ربما إلى حد ما لم يستطع أدب شكري حفر قيمة مضافة حقيقية في الأدب إذا ما استثنينا مساهمته في كسر بعض الأسوار التي كانت تحيط بالإبداع . شكري توغل كثيرا في الإيباحية حتى غطت على الرسالة الأدبية ، و أعطت أدبه صبغة النفور العام ، حتى أن المكتبات المنزلية لا تجد في الأغلب فسحة لاحتضان أعمال شكري ، فإلى الآن المجتمع غير قادر على التطبيع مع هذه الثورية العنيفة التي طالت جسد قيمه .

لكن هذا لا يمنع أن كتابات شكري تعد مجالا خصبا لدراسة الواقع أولا و كذا محاولة تلمس الفترة الاستعمارية و قدرتها على تفكيك المجتمع خاصة و نحن نتحدث هنا عن منطقة شهدت أكبر الثورات ضد المستعمر في الشمال الأفريقي ، فالريف كتاريخ تتجسد فيه البطولة ، وعند شكري يظهر الريف بوجه آخر كتشرد كذكورة متعجرفة شبقة ، كانحراف ... فشكري ناقم على عدم تمكن الريف من استيعاب صدمة الاستعمار و ناقم على الاستعمار الذي أذل الشخصية العزيزة و التي لم تجد في حضنه ما يكرم فيها هذا الإذلال مما أدى بها إلى الانحراف والتمزق .

مررت هنا فاحببت أن أسجل رأيي

مع الشكر و التقدير