عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2010, 08:33 AM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
4

غاوتاما بوذا

من ويكيبيديا الموسوعة الحرة

البوذيّة هي الديانة الوحيدة الّتي لا يعلن مؤسّسها أنّه إله أو حتّى رسول الله أو نبيّه، بل يعلن أنّه البوذا (الساهر أو اليقظ) الّذي يعلن طريقةً لخلاص البشر من دائرة الولادة المتكرّرة (سمسرة). لكنّ أتباعه حوّلوا تعاليمه إلى مبادئ دينيّة وألّهوه. ولد بوذا في حوالي السنة 558 ق.م. في إقليم ساكيا (جنوب النيبال). توفيت أمّه مايا وهو في السابعة من عمره، فربّته عمّته. تزوّج في السادسة عشرة، وترك البيت الزوجي في التاسعة والعشرين ليعيش اختباراتٍ روحيّة ويعلن عقيدته، ومات وهو في الثمانين من عمره. لكنّ كتّاب سيرة حياته أضافوا إليها بعض الأمور الملحميّة الأسطوريّة كي تكون حياته قدوة، ويمنحوا مؤسّس ديانتهم صفة قدسيّة إلهيّة. وتظهر هذه الملامح في الفنّ البوذيّ والعبادات والطقوس.

حياة المؤسس:
بوذا ( 558 ق.م. - 483 ق.م. ) و اسمه الأصلي سيذهارتا غوتاما (صاحب الهدف المحقَّق) مؤسس الديانة البوذية إحدى الديانات الكبرى .
أبوه كان حاكماً لإحدى المدن في شمال الهند على حدود مملكة نيبال وينتمي إلى طبقة المحاربين (كشاطريا). توفيت أمّه مايا وهو في السابعة من عمره، فربّته عمّته. تزوج في السادسة عشرة من عمره إحدى قريباته و في مثل سنه . و قد ولد في الأبهة و الفخامة ، و لكنه كان في غاية التعاسة . فقد لاحظ أن أكثر الناس فقراء ، و أن الأغنياء أشقياء أيضاً ، و أن الناس جميعاً ضحايا المرض و الموت بعد ذلك . و قد فكر بوذا كثيراً ، و اهتدى إلى أنه لابد أن يكون في هذه الحياة العابرة شيء أبقى و أنقى من كل ذلك.

و عندما بلغ الحادية و العشرين من عمره و بعد ميلاد ابنه ، قرر أن يهجر هذه الحياة و يتفرغ تماماً للتأمل في أمر الدنيا و البحث عن الحقيقة .ترك كل شيء و تحول إلى متسول مفلس ، و درس على أيدي عدد من رجال الدين ، و بعد أن أمضى بعض الوقت اكتشف أن الحلول التي يقدمونها لمشاكل الحياة ليست كافية . و كان من المعتقد في ذلك الوقت أن الحل الوحيد لمتاعب الدنيا هو الزهد فزهد في كل شيء . و امضى سنوات لا يأكل و لا يشرب إلا القليل . و لكنه عاد فاكتشف أن تعذيب الجسد يملأ العقل ضباباً و يحجب عن النفس رؤية الحقيقة فعدل عن الزهد إلى حياته العادية يأكل و يشرب و يجلس إلى الناس . و في العزلة أخذ يتأمل مشاكل أن ديانته هذه قد انشقت بعضها على بعض.

السيرة الملحمية :
التجسد :
عاش البوذا حيواتٍ كثيرة. وفي آخر تجسّداته، بلغ المعرفة الّتي حرّرته من الولادة المتكررة (سمسرة). ونزل من السماء في صورة فيل أبيض له ستّة أنياب. ودخل في أحشاء أمّه من خاصرتها

الولادة :
وبعد عشرة أشهر، خرج من خاصرتها من دون دنس، فأمطرت السماء ورداً وانتشرت في الجوّ موسيقى حالمة. ووضعت الأمّ مولودها على زهرة لوتس فنهض ونظر نظرة الأسد، وسار سبع خطواتٍ في كلّ اتّجاهٍ من الاتّجاهات الأربعة وقال:
- أمشي في الصفّ الأوّل لموكب البشر.
- سأنهي الولادة والشيخوخة والمرض والموت.
- لن يكون لي سيّد من بين الكائنات.
- أنا أسمى ما في العالم، أنا أفضل ما في العالم، أنا بكر ما في العالم.
- هذه هي ولادتي الأخيرة. ولن يكون لي وجود آخر.
- وجاء ناسك من الهيمالايا وفحص المولود، فرأى في جسده الاثنتين وثلاثين علامة المميّزة للرجل العظيم .
- حزن الأب للخبر وتمنّى أن يعيش ابنه بحسب نظام (دهارما) طبقته الاجتماعيّة، فجنّبه التكوين الدينيّ، وجعله يعيش حياة لهو. فشبّ سيذهارتا على اللامبالاة والفروسيّة،
- وظهر ذكاؤه في كلّ شيءٍ يفعله.
- وتزوّج الأميرة ياصوذارا وعاش معها حياةً سعيدة.


اللقاءات الأربعة
دبّ السأم في نفس سيذهارتا من حياته الرتيبة، فجعل يخالط الناس في الشوارع على الرغم من أنّ قانون الدهارما يمنع ذلك. وذات يوم، صادف عجوزاً أنهكته الشيخوخة، ومنظره يبعث على الاشمئزاز. فسأل الحوذيّ
- اي نوع من الناس هذا ؟
- إنّه يا سيّدي إنسان حنت السنون ظهره.
- وما الذي فعله حتى أصبح هكذا ؟
- إنّه مصير كلّ إنسانٍ يا سيّدي. لابدّ للشباب أن يذوي وللشيخوخة أن تأتي.
فصاح سيذهارتا مضطرباً:
- يا لتعاسة الخليقة الجاهلة الضعيفة. يسكر ذكاؤها من كبرياء الشباب فلا يرى الشيخوخة. عُد بنا أيّها الحوذيّ، ما نفع اللهو والملذّات إذا كان المصير هو أن نشيخ!
- وفي المرّة الثانية، صادف رجلاً مصاباً بالطاعون، وقد ملأت القروح جسده واسودّت بشرته. كان يجلس على قارعة الطريق يتنفّس بصعوبة. وسأل الحوذيّ عنه فأخبره ما هو المرض. فقال:
- الصحّة إذاً حلمٌ جميل. ولبشاعة المرض شكل رهيب. أيّ حكيمٍ يسعى إلى الملذّات بعد أن يرى حقيقة الوجود هذه ؟
- في المرّة الثالثة، رأى جنازة تتّجه نحو المحرقة. وسأل الحوذيّ فأخبره ما هو الموت..فقال:
الويل للشباب المفخّخ بالشيخوخة. الويل للصحّة الّتي تدمّرها جميع الأمراض. الويل لحياة الإنسان
الّتي لا تدوم دهراً الويل لسحر الملذّات الّذي يستولي على قلب الحكيم.
- وفي المرّة الرابعة التقى زاهداً (بهيكشو) بيده قصعة، والناس يلقون إليه بالصدقات. فسأل الحوذيّ.
- مَن هذا الرجل صاحب التنفّس الهادئ، الّذي يسير مطأطئ الرأس، ولا ينظر إلاّ إلى الأرض القريبة من قدميه ؟ يبدوا عليه الهدوء والسكينة.
- إنّه راهب زاهد يا سيّدي. هجر مُتَعَ الشهوات ليعيش حياة منتظمة، باحثاً عن سكينة ذاته. إنّه يتنقّل سائحاً، ويقبل الصدقات ولا يشعر بأيّ عاطفة .
- حسناً أجبتَ أيّها الحوذيّ. كم أتشوّق إلى حياةٍ كهذه. فالحكماء يمدحون الدخول في الدين لأنّه يفيد الذات والكائنات. إنّها حياة يسودها الهدوء ويملؤها اللطف وتكثر فيها ثمار الأعمال الصالحة.

الرحيل:
لاحظ الأب تغيّر مزاج ابنه، وعلم أنّه ينوي ترك المجد للبحث عن الحقيقة الّتي تحرّر الإنسان من الشيخوخة والمرض والألم والموت. فحاول ثنيه عن عزمه عبثاً. وفي آخر الأمر قال له:
- ابقَ في القصر واطلب ما تشاء.
- أريدكَ يا أبتِ أن تمنحني أربعة أشياء:
- أن أحافظ على نضارة شبابي.
- وألاّ أصاب بمرض.
- وألاّ يكون لحياتي نهايةز
- وألاّ يفنى جسدي.
صمت الأب حزيناً فتابع سيذهارتا كلامه. إذا كنتَ عاجزاً عن أن تجنّبني الشيخوخة والمرض والموت والفناء، ساعدني إذاً على ألاّ أعود إلى الحياة ثانيةً.

وأنجبت زوجة سيذهارتا طفلاً سمّته رؤولا. فشعر بأنّه وفى دينه لأجداده. فتسلّل ليلاً من البيت وهرب إلى الغابة. وخلع ثيابه الفاخرة، ولفّ جسده بلحاء الشجر، وقصّ شعره وساح يبحث عن الحقيقة زاهداً.
في بداية الأمر، عاش سيذهارتا مع الكهنة البراهمانيّين، وتعلّم منهم طرائق البحث عن الأنا (أتمان) وإيصاله إلى الطاقة الكونيّة (براهمان). لكنّه وجد أنّ هذه الطرائق معقّدة وقاسية لا رأفة فيها. ولا تؤدّي في آخر الأمر إلاّ إلى هروبٍ مؤقّتٍ من الولادة المتكرّرة (السمسرة).

فهجرهم وانضمّ إلى جماعة راما بوترا النسكيّة الّتي تعيش في قمّة النسور بالهيمالايا. وتتلمذ على يد اليوغيّ ألارا كلايا. فتعلّم الجلوس متربّعاً والثبات في هذه الوضعيّة مدّةً طويلة بدون حركة، والسيطرة على إيقاع التنفّس، والصوم أيّاماً على مثال الحشرات في سباتها الشتويّ. فلا يأكل إلاّ أرزّةً واحدة يوميّاً، وينام على سرير من الأشواك البرّيّة. لكنّه شعر أيضاً بعد عدّة سنوات، بأنّه لن يبلغ الخلاص بتعذيب جسده أو السيطرة على حواسّه. فترك معلّمه وسار يبحث عن الحقيقة بنفسه.

يتبع ،،