عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3706
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,731

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
03-01-2011, 12:26 AM
المشاركة 1
03-01-2011, 12:26 AM
المشاركة 1
افتراضي ++منتهى الاقتصاد والشح ++
الأحبة الكرام . .
اعتدنا أن نستمتع بأخبار البخل والشح . . ونتندر بها . . وهذه قصة قديمة عن ذلك . . لنقرأها ونأخذ منها عبرة . .

** منتهى الاقتصاد والبخل **

اجتمع بخلاء ممن ينتحلون الاقتصاد في النفقة ، والتنمية للمال ، من أصحاب الجمع والمنع ، ممن إذا التقوا في حلقاتهم ، تذاكروا البخل وتطارحوه وتدارسوه ، فقال أحدهم :
لم أر في حياتي من وضع الأمور في مواضعها ، وأعطاها حقوقها ، مثل معاز العنبرية ، قالوا . . وما شأن معاز هذه . . ! قال : أهدى إليها ابن عمها شاة بمناسبة عيد الأضحى ، ومررت بها ، فرأيتها كئيبة حزينة ، مفكرة مطرقة الرأس ، فقلت لها : ما لك يا معازة ! قالت : أنا أرملة وحيدة ، ليس لي معين سوى الله تعالى ، ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي ، وقد ذهب الذين يدبرونه ، ويقومون بحقه ، وقد خفت أن يضيع بعض هذي الشاة ، ولست أعرف وضع جميع أجزائها أماكنها ، وقد علمت أن الله تعالى لم يخلق فيها ولا في غيرها شيئاً لا منفعة فيه ، ولكني أعجز عن ذلك لا محالة ، وأخشى إن أنا ضيعت القليل من الشاة أن يجر إلى تضييع الكثير ، وإليك ما علق بذهني من أمور تدبير لحوم الأضاحي :
الوجه في قرن الشاة معروف ، وهو أن يجعل كالخطاف ويسمر في جذع من جذوع السقف ، فتعلق عليه الثياب ، وأما المصران ، فهو لأوتار المندفة ، وبنا إلى ذلك أعظم حاجة ، وأما قحف الرأس فسبيله أن يكسّر ثم يطبخ ، فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللطعام وغير ذلك ، ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها ، فلم ير الناس وقوداً أصفى ولا أحسن لهباً منها ، وإذا كانت كذلك فهي أسرع في إنضاج الطعام ، لقلة ما يخالطها من دخان .
وأما جلد الشاة ، فهو جراب ، ولصوفها وجوه عديدة معروفة ، ثم قالت : بقي علينا الانتفاع بالدم ، وقد علمت أن الله تعالى لم يحرم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه ، وأن له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها ، وحيث أني لم أقع على علم ذلك حتى أنتفع بالدم ، تراني كئيبة حزينة ، ركبني هم لا أقدر على احتماله أو وصفه .
وبعد أن أطرقت ساعة ، رأيتها قد هشت وبشت وتبسمت ، فقلت : كأنك قد اهتديت إلى طريقة الانتفاع بالدم . ! قالت : أجل تذكرت أن عندي قدوراً جدداً ، وقد زعموا أن ليس شيء يزيد في قوة الفخار ، مثل تلطيخه بالدم الحار الدسم ، وقد شعرت بالراحة الآن ، إذ وقع كل شيء في موقعه .
وأردف الراوي قائلاً : ثم لقيتها بعد ستة أشهر فقلت لها : كيف كان قديد لحم تلك الشاة . ! قالت : بأبي أنت ، لم يأت وقت القديد بعد ، لنا في الشحم والالية والعظم المعروق وغيره معاش هذه الأيام ، وسيأتي وقت القديد إن شاء الله ، وكل آت قريب ، ولكل شيء أوان .
فقبض أحد البخلاء من الحاضرين السامعين قبضة من حصى ، ثم ضرب بها الأرض وقال : لا يعلم أحدنا أنه من المسرفين ، حتى يسمع بأخبار العارفين المقتصدين .

*انتهت*