عرض مشاركة واحدة
قديم 06-14-2011, 09:20 AM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،

قرءاه نقدية مغايرة لقصة "انتقام" لكاتبها مبارك الحمود
محاولة لفكفكة لغة القصة الكودية واستخراج عناصر الجمال منها:

دعونا نغوص في أعماق هذا النص نحاول سبر أغواره وتحديد بواطن الجمال والغموض والتأثير فيه، إضافة إلى محاولة فهم الرسالة أو الفكرة الخفية إن كان في النص رسالة؟ ومن ثم المغزى إن كانت القصة قد كتبت بلغة كودية رمزية وهي اللغة التي تمتاز بها نصوص مبارك الحمود:

اقتباس "انتقام

-1-
مئتان وتسعة وسبعون كيلو هي ما تبقى على قتلها, على نشرها وهي حيةٌ بهذا المنشار الكهربائي.. هذه المسافة البعيدة التي أمامي.. المسافة التي تخضع للقوانين الفيزيائية بخنوعٍ وخضوع, الشيء الجميل والرائع فيها أنها آخذةٌ في الاقتراب".

ها نحن نجد مبارك الحمود يقسم قصته إلى فقرات يفصل بينها بأرقام من ( 1-8 ) وها هو يبدأ قصته بأرقام أيضا مما يضفي سحرا مبهرا على مطلع النص فالأرقام لغة كودية كونية وهي لغة الكون، ومن هنا يكون لها ذلك السحر على المتلقي.

والمَطلع يشتمل ضمنيا على حركة وصراع، وهما من العناصر بالغة التأثير في المتلقي، فنجد أن القاص لم يحدد طبيعة الرقم الذي أورده في بداية القصة ( مئتان وتسعة وسبعون ) فهل هو مسافة أم وزن؟ وذلك ربما يكون عن قصد ليفسح المجال للاستنباط بأن البطل المتحدث يحتاج أن يقطع تلك المسافة ( حركة ) ليصل إلى مراده والذي هو ( قتلها ) وفي القتل ما يشير إلى صراع ربما مع أطراف أخرى وربما صراع نفسي داخلي.

كما أن استخدام الأرقام هنا يجعل القصة تبدو وكأنها تصوير لحدث واقعي فالفضاء المكاني الذي يهدف البطل المتكلم في القصة للوصول إليه يقع على بعد 279 كيلوا من نقطة تواجده.

وفي استخدام كلمة ( نشرها، ومنشار ) ما يشير إلى مزيد من الحركة... ثم نجد القاص يستخدم النقائض أيضا فكلمة ( قتلها عكس كلمة حية ) ، ثم يعزز القاص حديثه ليجعله أكثر حيوية، كونه مشبع بالحركة، فنجده يعود ليشير إلى أن الأرقام هي في الواقع مسافة لا بد له أن يقطعها ليصل إلى مبتغاه، وحيث تتواجد تلك المرأة التي أراد أن يقطعها باستخدام المنشار الكهربائي...ثم يعود لاستخدام النقائض فنجده يصف المسافة بكلمة ( البعيدة لكنها آخذه في الاقتراب )، وفي ذلك تشخيص للمسافة.

ولا شك أن القاص لا يترك مجال لأي تراخي عند ذهن المتلقي، فالشد والتشويق وحتى الترويع المقصود والمزلزل واضح وعلى أشده ويبدأ من مطلع القصة...فالبطل المتكلم في طريقة ليس فقط لقتل تلك الأنثى، وإنما يسعى لتقطيعها وهي حية بمنشار كهربائي، حتى انه يستعجل الوصول إلى حيث هي، ويتمنى لو أن المسافة لم تكن خاضعة لقوانين الفيزياء كي يصل في أسرع وقت ممكن لانجاز مهمة القتل تلك.

ومع انتهاء نص الفقرة الأولى يجد المتلقي نفسه وقد اقترب أكثر نحو مشهد القتل وذلك باقتراب المسافة وهو الأمر الذي يصفه الكاتب بأنه جميل! ليصبح المتلقي قاب قوسين أو ادني من مكان الحدث وهو المكان الذي يبدو انه سيشهد عملية قتل مريعة باستخدام المنشار الكهربائي، وهو المشهد الذي يبرع القاص مبارك الحمود في رسمه من خلال تسخير عناصر عدة اهمها توظيف التفاصيل والالوان.

ومع انتهاء الفقرة يجد المتلقي في ذهنه طوفان من الأسئلة: لماذا يريد قتلها؟ وماذا فعلت لتستحق ليس فقط القتل لا بل التقطيع في منشار كهربائي؟ ثم من هي تلك المرأة؟ وما الذي يدفع البطل لارتكاب ذلك الفعل؟ وهل سيقوم على قتلها وتقطيعها فعلا؟

وفي خضم هذا المشهد المريع والبشع الذي يستحضره القاص في ذهن المتلقي دون سابق إنذار أو مقدمات، يندفع المتلقي لاستكمال قراءة النص محاولا العثور على إجابات لكل تلك الأسئلة التي يثيرها النص...ولمعرفة كيف سيتطور الحدث فعليا وقد تورط فيه؟ وهل سينفذ المتكلم في النص تهديده ووعيده؟

ونجد أن القاص قد تمكن وببراعة ورغم قلة عدد الكلمات الواردة في هذه الفقرة من رسم وتشكيل صورة ذهنية تكاد تكون وافيه عن شخصية البطل المتكلم المحورية في القصة: فهو رجل غاضب حد الجنون، في طريقة لتنفيذ عميلة قتل بشعة، يستعجل المسافة، وهو يبدو مثقف فهي يرى بأن المسافة تخضع لقوانين الفيزياء، لكنه ربما يكون مجروح الكبرياء او يعاني اضطراب عقلي؟ او ربما هو شكاك أو أن الغضب لأمر ما قد جعله يفكر بطريقة خالية من أي رحمة وربما بجنون وقد حركه هذا الغضب او الجنون ليندفع على تلك الشاكلة لارتكاب ذلك الفعل المزلزل. فنجد ان مبارك الحمود يبرع في رسم شخوصه ليس من خلال معالجة المظهر الخارجي لهم.. وانما من خلال تصوير البعد النفسي لتلك الشخوص.

يتبع ،،