عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
5503
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,731

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
08-06-2010, 10:46 PM
المشاركة 1
08-06-2010, 10:46 PM
المشاركة 1
افتراضي هَمَدَتِ المَدينة / الجزءُ الأوّل
++ همدت المدينة ++



( 1 )


همدتِ المدينة


نامتِ السعادةُ


وانبجستْ منَ الأركانِ


عيونٌ حزينة


ليسَ لها أهلٌ


ولا أملُ


ليسَ لها سَكَنٌ


ولا سُبلُ


ليسَ لها إلا الصَديدْ


يحرقُ فيها


جوعَ أفواهٍ وقلوبْ


يتَرقْرقُ فيها دَمعُ الرِّجالْ


وآهاتٌ


تُحطِّمُ بقوَّتها الجِبالْ


ومَشـَاهِدُ تُدمي العُيونْ


تقضي على ما تبقَّى


في الإنْسانِ


من كَرامَةٍ وبَوْحٍ


و زِيـنَــــة



( 2 )


ألا أيَّتُها الأمُّ السَكينَة


أيـنَ أبْنَـــــاؤُكِ


هَجَرُوا البيُوتَ


و أوكارَ الطُفولَـــةْ


صِرْتِ لَهمْ عِبْئــــاً


وصِرْتِ فيهمْ عَيْباً


يُجـــاوزُ حُـدودَ


قلوبِهِمُ السَـقيمةْ


عاشُوا الحضارةَ كما رَأَوْها


أقفلُــوا عَلَيْـكِ ذاكرَتَهـمْ


واستنْسَخُوا لصُدُورهـِمْ


قـُلـوبَـــاً بـَدِيـلـَـــةْ



( 3 )


دَعُونا نَهْنأْ في حَياتِنا


جَهاراْ


دَعُونا ننْسى الفَقْرَ


والأهْـلَ و الدِّيـَــارا


ونَصِيرُ إلى عِلْيَةِ القوْمِ


لنمْتلـِكَ ســُــــلْطةً


ونَمْتلئَ فُجْراً وافتِخاراْ


هذي الحياةُ لنْ تَسِيرَ برَكْبِها


إلا لوْ ملكْتَ زهْوَتَها


وكُنْتَ مُقتدِراً


جَبَّارا


( 4 )


والأمُّ تصْرُخ


في بحْرِ خوْفٍ تُنَادي


يا نـبـضَ قـلبـي


لستُ على نفْسي أنُوحْ


بلْ عليكمْ أخافْ


بِعْتُم آخرَتَكمْ بدنْيا الفَناء


أما تخافُونَ العذابْ


العـمـرُ يمْضِــي


لاتشْتَرُوا اليبابْ


عُودُوا إلى حـُضْنِي


وكونوا بجانِبي


يومَ الحِســـابْ



( 5 )


وأنتَ أيها الهَرِمُ الكسيحْ


على الرَّصيف وحْدكَ


تحيَى في زِقـاقْ


و أولادُك يرْتَعونَ حولكَ


في نفسِ المدينة


ربَّيْتَهم في الماضي صِغارا


و راعيْتَهـم دوْمــــاً كِبــارا


وحين انْسَــلَخْتَ


مـن حيــــاتـِهـمْ


أصابَهمْ منك


حُزنٌ عظيمْ


لوِ انكشــــفَ هروبـُكْ . . .


وعصيانُكْ . . .


فإنَّهمْ سيُحرَجُون . . .


صـاروا منكَ يَسْـتَحُون


زوجاتُهم منكَ يسْتَحُون


لايريدون لأحفادِكَ أنْ يقرَبُوك


تَركوكَ تُعاني الفَقرَ


وحدكْ


تَركُوكَ تُعاني العِلَّةَ


وحْدَكْ


تركوكَ تَنْتَظِرُ الموتَ


وحدَكْ


أفٍّ عليكْ


لماذا مازِلتَ حيَّاً !!


أما يكفيكَ طُولُ حياةْ . . .


متْ وكفى . . .


خمسُ سنواتٍ منَ العجز ! !


هـذا فوقَ الاحتمـــالْ


متى سنَحْيَى سَـعَادَتنَا


متى سـنَنْسى مَاضينا


عليـكَ أنْ تُغادرْ . . .


لـنْ نمكـثَ بَعْـدُ


في الحواري القديمة . . .


هيــَّـــا . .


قمْ وغادرْ . .


أسرع وغادرْ . .


. . . . . . . . . !


وهمْ مازالـوا سُــعداءَ


يضحكونَ و يسمرونَ


في نفس المدينة



( 6 )


آآآآآآه . . .


آآه يـاربّْ . .


كم هي صعبةٌ الحياةُ معَ النُكرانْ . .


كم هي مقيتـةٌ الحياةُ معَ العُـقـوقْ . .


أعدُكمْ . . . والله شَاهدي


ستجدونَ في الدنْيا ماتكرهونْ


أعدُكمْ . . . والله شاهدي


سـتُخَلَّدونَ يومَ الحِسابْ


فيمــــا تكـرهــونْ


أعدُكمْ . . .


سيفعلُ أولادُكمْ بكمْ


كمـــا بآبائِـكُمُ اليومَ


تصنعونْ . .


إن الحياةَ دينْ . .


و يأتي بَعْـدُ


زَمَـنُ الوَفـاءْ . .


( 7 )


وأنتَ أيُّها الطفلُ البئيسْ


سريرُك الرصيفُ


ولِحـــافُكَ الغيومْ


ماذا كــانَ ذنبكَ


حين اجتمعوا حولكَ


ثم حكموا عليــكَ


أن ســــــمَّرُوكَ


في قاعِ المدينـة


يظنُّون أنْ قـدْ أتيْـتَ


إلى الحياةِ بمَشِـيئتِكْ


وأنَّك صاحبْتَ الفَقرَ بإرادتكْ


وحاوطتْكَ الحَــــاجةُ بجُهدكْ


دعهـمْ يعـلمـونْ . .


أن لافرقَ هناكْ


بين الجالسِ في الأزقَّةِ


وبين الجالسِ على بساطٍ منْ حريرْ


وهـوَ لا يعـلمُ شـــيئاً


عـنْ لـونِ الترابْ . .


يحـيَى بالكِـبَــــرِ


ويموتُ بالفـخـرْ


يظنُّ أنَّ الناسَ مثلـهُ


كلُّهـمْ سَـــواســـية . .


ابتعـدْ عنـَّا . . .


ســتدنِّسـَـنا . . .


قائمٌ على الرَّصِيفْ ؟ ؟


ماذنبُنا ! !


ضعيفٌ مشــرَّدْ ؟ ؟


ماذنبُنا ! !


وكيف نشاركُ مُشرَّداً جاهِلاً


بمحبتنا وأموالنا


جمعْناها بالنَصَبِ والتَعبْ


والظلمِ وغـضِّ البصـرْ


اذهـبْ إلى اللامـدى . .


وابتعدْ عنْ قصورنا . .


ليـسَ لكَ فيها مكانْ . .


اذهـبْ ! ! لا نريدُك أن تعـودْ . . .


. . . . . . . . . . . . !


فإنْ أنتَ طلبتَ طعامــــاً


سَمَّوْك سَارِقاً


ولو فكَّرْتَ أن تعيشْ


سمّوك طمَّاعاً


ولو حاولتَ واعْتَرَضْتَ


أعلنوك إرهابيّاً


يريدونَ في الحياةِ


أن يدفِنــُـــوكْ


وأنتَ مازلتَ صغيراً وغضَّاً . .


. . كيفَ يدفنُوكْ . . ! !


وبأي ذنبٍ يُبْعِدُوك . . ! !


يطمحونَ لحيـاةٍ


بالفضيلةِ تحتفي . .


لهمْ . . لهمْ


ملآنـةٌ بالنبلِ والصداقةِ


فقط لهمْ


لايريدون صِياحاً


أو نِياحاً


يُقلِـقُ بالَهُـمْ . .





** أحمد فؤاد صوفي **