عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2011, 09:55 AM
المشاركة 13
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
2- ونظراً لمحاولة تلافي الخلط سنقوم من خلال السطور القادمة بتعريف المأساة أو التراجيديا:



المأساة:

عرفها أرسطو: "محاكاة.. فعل تام نبيل لها طول معلوم بلغة مزودة بألوان من التزيين.. تختلف وفقاً لاختلاف الأجزاء وهذه المحاكاة تتم على يد أشخاص يفعلون لا عن طريق الحكاية والقصص وتثير عاطفتي الخوف والشفقة فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات وأقصد باللغة المزودة بألوان التزيين تلك التي فيها إيقاع ولحن ونشيد وأقصد بقولي تختلف وفقا لاختلاف الأجزاء أن بعض الأجزاء تؤلف بمجرد استخدام الوزن وبعضها الآخر باستخدام النشيد".



تحليل التعريف

1- المحاكاة Imitation :


عند أفلاطون: الطبيعة والحياة الإنسانية محاكاة للمثل الأعلى وعمل الشاعر هو محاكاة حرفية لهذا المثل وعلى ذلك يصبح عمله محاكاة للمحاكاة.


عند أرسطو: الشاعر يحاكي الطبيعة محاكاة غير حرفية، إذن هي ليست محاكاة للمحاكاة وإنما فيها الكثير من التغيير تحت تأثير مخيلة الشاعر لأن الفن يحاكي الممكن والمحتمل محاكاته أقرب ما تكون إلى الكمال أي للمثال الأصلي، أي صورة منسوخة للطبيعة.


إذن المحاكاة عند أرسطو لا تعني تصوير الواقع أو نقل الطبيعة نقلاً حرفياً، وإنما تعني تمثيل أو محاكاة الحياة أو الحدث الذي يمكن أن يحدث، أي أن الفن هو إعادة إبداع أي أنه إكمال ما لم تكمله الطبيعة وإضافة لإحساس المؤلف ونظرته الفكرية وتصوره الشخصي.


تتم المحاكاة من خلال ثلاث طرق:

1- أن يمثل الأشياء كما هي.

2- أن يصور الأشخاص كما يراهم الناس أو كما يبدون.

3- أن يصور الأشخاص كما يجب أن يكونوا عليه أي يرتفع ويسمو بالواقع.


2- الفعل: إن الفعل صفة إنسانية لذا يستطيع الإنسان التحكم في إراداته الإنسانية أي في فعله ولما كان الفعل من سلوكيات البشر فإنه بالضرورة يتم عن طريق التمثيل أي الفعل المرئي. إذن الفعل حدث والحدث الدرامي هو الحركة الداخلية لما يتابعه المشاهدون من أحداث سواء بعينه أو بأذنيه.


3- نبيل جاد: والنبل في قصد أرسطو أنه فعل محسوب ومهم ومؤثر وله أبعاد بطولية أي أن المأساة تتناول موضوعات جادة وعلى قدر عظيم من الأهمية والخطر وتعالج مشكلة السلوك الإنساني بين الفرد والجماعة في صراعه مع من حوله من كائنات ويتسم الصراع فيها بين القوتين بالشراسة وهي تناقش قدر الإنسان والخير والشر فيه، وعلاقته بالقوى الغيبية ونتائج سلوكه سلباً وإيجاباً وكشف القيم وتعميقها.


4- تام: والحدث التام هو ذلك الحدث الكامل الذي يحتوي على فكرة كاملة تتم عن طبيعته وتوضح أسبابه ودوافعه وما يترتب عليه من آثار.



ويرى أرسطو أن يكون لهذا الحدث:

- بداية (وهي الشئ الذي لا يسبقه شئ آخر ولكن يتبعه شئ آخر) تمهيد للأحداث طبقاً لقانون الضرورة والإحتمال.

-
وسط (وهو الشئ المسبوق بشئ ويتبعه شئ آخر) ويتم فيه عرض لهذه الأحداث وتفاصيل دقائقها.

-
نهاية (وهي الشئ المسبوق بشئ ولكن لا يتبعه شئ آخر) وهي تعني ذروة الأحداث وحلها.


5- لها طول معلوم: أي تكون المأساة ذات طول أو حجم يتناسب مع قدر وحجم الفعل الذي تحاكيه دون تركيز على تفصيلات لا تخدم الفكرة، وحتى لا يمل الجمهور.



6- بلغة منمقة بكل أنواع المحسنات: أي تشتمل اللغة علي الإيقاع واللحن والأناشيد.


7- وحدة الحدث :أهم الوحدات الثلاثة، لكن بداية لا بد من تعريف الحدث الدرامي:


وهو بدء المسرحية عند تفجر الصراع، ويلاحظ أن الحدث في الحياة أو الواقع يحتمل أكثر من نهاية لأن منطق الحياة يحكمه أما الحدث في العمل الفني لا يتحمل إلا نهاية واحدة لأن المنطق الفني هو الذي يحكمه كذلك وجود عنصر السببية.



أشار أرسطو إلى نوعين من الحدث:

- بسيط: وهو الذي يمكن حدوثه متصلاً و واحداً ويقع فيه التغيير دون أن يكون هناك انقلاب أو تحول.

- مركب: وهو الذي يكون فيه التغيير نتيجة مباشرة لإنقلاب أو تعرف أو بهما معاً.

8- وحدة الزمان: قال بها أرسطو في الفصل الخامس من كتابه فن الشعر عندما حدد زمن التراجيديا بدورة شمسية واحدة لا تتجاوز ذلك إلا بقليل.


9- وحدة المكان: لم يقل بها أرسطو ولم ترد في سياق كتابه ولكن استخلصها شراحه من أن معظم عروض الإغريق المسرحية تقع أحداثها في مكان واحد، أو في أماكن مختلفة من مكان واحد.


10- إثارة الرحمة والخوف: من الضروري أن يكون البطل فاضلاً ذا شهرة كبيرة ومن ذوي المكانة العليا ولكنه كبشر لا يخلو تكوينه من نقطة ضعف أو نقيصة أو ثغرة في بناء شخصيته هذه النقيصة تعرف بالهوبريس Hubris مما يؤدي إلى وقوعه في الخطأ التراجيدي Harmartia الهارمارتيا ومما يلقاه البطل من مصيره المحتوم يحدث التطهير الذي يؤدي إلى إثارة عاطفتي الخوف والشفقة Catharsis.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)