عرض مشاركة واحدة
قديم 04-26-2012, 11:50 AM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
س- كيف تصف ظروف العائلة الاقتصادية قبل الولادة وأثناء الطفولة؟ وما طبيعة عمل الأب وما هي طباعه:هل كان مزاجي؟ هل كان شديد صعبالمراس؟ أم متسامح؟؟ هل كان كبير السن عند الولادة؟ هل كان متواجد أثناء الطفولة؟وهل كانت الأم تعمل وما طبيعة عملها في حينه؟ وكيف تصف مزاجها؟

- لا شك أن الحياة الاقتصادية في العام 1954 لم تكن سهله في عموم فلسطين وخاصة في الريف الفلسطيني، وربما أن مصدر الدخل الوحيد للعائلة الفلسطينية في حينه كان الإنتاج الزراعي والحيواني.

وفي ظل مثل تلك الظروف العامة يمكن وصف وضع العائلة الاقتصادي عند ولادتي بـ فوق المتوسط، فقد كان والدي وحيدا عند والده، وورث عنه مساحة كبيرة من الأراضي، معظمها مزروع بشجرة الزيتون، فكان من كبار منتجي الزيت، مما وفر له مصدرا مهما للدخل، لكنه كان مزارعا نشيطا أيضا للحبوب بكافة أشكالها وأصنافها، وكان يعمل لديه عددا من الأشخاص الأقل حظا لأغراض حراثة الأرض وجني الثمار، وكان يمتاز عن كثير من أصحاب الأرض في انه كان يستخدم زوج من البقر لحراثة الأرض، مما جعل إنتاج الأرض لديه أعلى من المعدل دائما.

ويمكن القول بأنه كان ينتج ما يحقق له اكتفاء ذاتي، ويتصرف فيما يزيد عن الحاجة بالبيع أو المبادلة، فقد كنت مثلا أقص شعر رأسي ، عند احد الحلاقين بعد دخولي المدرسة ( في العام 1960/1961 ) على الصفر لمدة عام مقابل رطل من القمح أو شيء من هذا القبيل.

كما كان والدي من كبار منتجي عسل النحل، وقد ورث ذلك عن جدي، واذكر أن عدد خلايا النحل كان يصل في أحيان إلى 400 خليه. ولو أن الطرق الحديثة في الإنتاج كانت معروفة في حينه لوصل إنتاجه من العسل إلى كميات هائلة، لكن الإنتاج من النحل والإنتاج الحيواني الأخر من ألبان واجبان الخ...كان يشكل مصدرا مهما جدا للدخل، مما وفر للعائلة وضعا اقتصاديا مريحا، وكنت اشعر بالتميز بين أقراني من هذه الناحية.

أما من ناحية طباع الأب فقد كان حنونا جدا ولا اذكر أبدا انه عاقبني بأي شكل من الأشكال أبدا، ربما لأنه كان قد فقد والدتي عام 1956 أي بعد ولادتي بعامين وكان عمره حينها 58 سنة، فهو من مواليد عام 1898، وكنت الأصغر بين أخوتي.
وقد عرفته هادئ الطباع، سهل المراس، متسامحا، حنونا جدا، ومبتسما، وفي احد المواقف اذكر أن احدهم اخبره بأن ابنك يريد أن يدخن سيجارة وكان حينها في حفلة عرس، فأجابه بأنه ( هو حر أنا أقول له بأن لا يدخن كي لا يضر صحته لكن هو حر إذا ..) واعتقد أن موقفه ذلك كان سببا في عزوفي وإخوتي الأربعة، الأكبر سنا مني، عن التدخين، وكأنه كان خبيرا نفسيا يعرف كيف يعالج مثل تلك المواقف بما يريد، رغم انه لم يتعلم سوى في الكُتاب.

لكنني اذكر موقف واحد على الأقل حصل في العام 1964 وكان فيه عصبيا وشديدا جدا، وكان ذلك الموقف مع أخي الأكبر، والذي اعتقد انه كان يُطالب بأن يسافر إلى الكويت ويترك فلاحة الأرض والعناية بالحيوانات وما إلى ذلك، وكان أبي يرفض هذا التوجه جدا فقد كان يقدس الأرض ورعايتها ويكره الغربة وهجرة الأرض.

كما اذكر في مرة أخرى وكنت صغيرا عندها، وربما أن هذا الموقف من أقدم المواقف المؤثرة المحفورة في الذاكرة، اذكر انه أطلق النار من بندقة رش على إحدى الكلاب الضالة التي ربما كانت تسبب الأذى للناس، ولا تزال صورتها وهي تقفز وقد انحفر بطنها من اثر إطلاق النار جليا في ذاكرتي، ولطالما اعتبرت تصرفه ذلك قاسيا على الرغم من أية مبررات، لكنني لم أصرح بشعوري ذلك أبدا إلا الآن.

طبعا كل هذا عرفته شخصيا من خلال معاشرتي له، لكنني سمعت كثيرا عنه بأنه كان في شبابه شابا وسيما، متشبابا، مغامرا، يحب الفروسية، ويحب ارتداء الملابس الجميلة والفاخرة.

أما من حيث تواجده فقد كان متواجدا دائما، وكثيرا ما كنت أشاهده يساهم في أعمال المنزل، وحتما كان طباخا ماهرا، وكنا نحب أن نأكل مما يصنع من الطعام خاصة صحن السلطة العجيب الذي كان يصنعه وما يزال مذاقه في فمي حتى الآن.

بالنسبة للوالدة، كانت ربة منزل، وتوفيت عام 1956 أي بعد ولادتي بعامين وهي صغيرة السن نسبيا، وقد حدث موتها على اثر ولادتها لطفلة ماتت أيضا أثناء الولادة، ولا اعرف كيف كان شكل والدتي، واعتقد بأن التصوير لم يكن متاحا في تلك السنوات خاصة للنساء، وقد يكون انه تم إخفاء صورها عني بقصد لكي لا اعرف بأنها متوفاة، فأنا لم اعرف في طفولتي المبكرة بأن المرأة الأخرى التي كانت في المنزل، وأناديها أمي (وهي خالتي أي أخت أمي والتي تزوجها أبي ربما بموجب العرف الذي كان سائدا في ذلك الحين بعد وفاة أمي) لم تكن أمي الفعلية ، ولم اعرف ذلك إلا في وقت لاحق.

أما كيف عرفت بأن خالتي ليست أمي؟؟!! فلذلك قصة أخرى وموقف صادم سوف اسردها فيما يلي.