عرض مشاركة واحدة
قديم 05-21-2016, 02:01 PM
المشاركة 86
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل بدأت الثورة الشعبية في العراق؟
رأي القدس
May 21, 2016

للمرة الثانية في أقل من شهر اقتحم متظاهرون عراقيون مركز مدينة بغداد المسمى «المنطقة الخضراء»، ولكنهم في هذه المرّة استقبلوا بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحيّ. وذكر شهود عيان إن العشرات من المحتجين أصيبوا بجراح، مما يعطي لهذه المواجهة طابعاً جديداً مختلفاً عمّا قبلها من احتجاجات.
فبسبب طبيعة المحتجين القادم أكثرهم من مدينة الصدر (وهي حزام الفقر في بغداد، كما أنها نطاق طبيعيّ للاحتجاجات الشعبية) والحكومة القائمة التي تتاجر، من بين تجاراتها الكثيرة، بكونها مؤلّفة من أحزاب ناضلت ضد نظام الرئيس الراحل صدام حسين وساهمت في إسقاطه، وأنّها منتخبة وذات تمثيلية شعبية، فإنها أيضاً تتجنّب، ما أمكن، وضع منظومتها العسكرية والأمنية بمواجهة الجماهير الشيعيّة حفاظاً على السرديّة الطائفية التي تأسست عليها.
مع لجوء السلطات الأمنية التي تحمي «المنطقة الخضراء» ومؤسسات الحكومة والبرلمان لاستخدام العنف ضد الجمهور ينتقل النزاع السياسيّ الحاصل في العراق إلى طور يمكن أن يؤدي لتطوّرات جديدة تكسر الدائرة المغلقة التي أسسها الاحتلال الأمريكي وتديرها حاليّاً أجهزة المخابرات الإيرانية ووكلائها في العراق.
يتأسس انغلاق هذه الدائرة على ركن الحظر المطلق الذي وضعته طهران على نشوء هويّة وطنيّة عراقيّة، فهذه الهويّة، ستتعاكس بالضرورة مع مصالح إيران وأهوائها ومنظومتها المدمّرة، وهو ما يفسّر، كيف اشتغل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي على تجويف الجيش العراقي من خلال الفساد الهائل المستشري فيه حيث كانت عشرات آلاف الأسماء موجودة على الورق فقط لتذهب رواتبها إلى أفراد بعينهم من منظومة الفساد والتخريب، وهو ما أدّى، كما هو معلوم للهزيمة المدوّية لذلك الجيش أمام قوات تنظيم «الدولة الإسلامية».
وسواء عرفت «أحجار الشطرنج» أم لم تعرف، فقد كانت تلك حركة أولى في مسرحيّة التدمير المستمرة للعراق، والتي تبعتها الحركة الثانية مع صدور فتوى المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، والتي نشأ على إثرها ما يسمى «الحشد الشعبي»، المؤسس، على عكس الجيش العراقي، على أسس طائفيّة بحتة، والمتحشّد بصفته جيشا شيعيّا يقابل جيشا سنّياً يدعى «الدولة الإسلامية»!
تمثل الحركة الشعبيّة العراقية لجماهير مقتدى الصدر (رغم طبيعتها المذهبية)، بشكل أو آخر، هذا النزوع للتعبير عن الهويّة الوطنيّة العراقية الممتنعة، وهي إلى كونها رغبة كبيرة في العدالة الاجتماعية، من حيث رفضها للفساد، فإنها كذلك في عمقها، تعبير هائل عن تطلّب للسيادة السياسية المفقودة، ومن هنا معارك هذه الجماهير مع الاحتلال الأمريكي ومع الحكومات العراقية العديدة التي جاءت بعد ذلك.
الكثير من العراقيين أحسّوا بخوف من سقوط النظام الحالي، والأحرى بهم أن يشعروا بالأمل لأن استمرار المنظومة الحاكمة هو وصفة هائلة لخراب العراق، ولا منجى منها إلا بمحاولة ابتكار طرق للخروج من نفقها الطويل.