عرض مشاركة واحدة
قديم 02-21-2014, 06:08 PM
المشاركة 7
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
جزار وعينيه رادار...

سلسلة مواقف طريفة مع جزار في حي شعبي..

الحلقة الرابعة:

انسحبت عينا صابر لفحص سبب الشجار وحيثياته، لكنه اصطدم بعمود حديدي بقوة زغللت عينيه، وشتتت أفكاره لكنه لم ينس الهدف وقام مترنحا وما إن وصل إلى المكان حتى اكتشفت أذناه اختفاء الصراخ، وأيقنت عيناه أن العمود ضيع وقته الثمين وانتهى الحدث وهو لا يعلم شيئا..

أمسك رأسه من صداع الفضول، وحسرة التأخر، وذهب إلى دكانه بخفي حنين..

علق اللحم بحذر خشية غدر القطط به ثانية.. ثم جلس يسمع للمذياع وبرنامج استشارات قانونية وزواج وطلاق وصراع أراضي ويستمتع بسماع التفاصيل المملة لقصص الناس ..

وفي غمرة انغماسه ومتعته الصباحية، ظهر رجل طيب السمت، لامع الحذاء، مصفف الشعر، طويل القامة، أسود اللباس..

استشف من وجهه أنه ليس من الحارة ولا من الحي..

تساءلت عيناه، فقام مسرعا ومرحبا بالزبون، الذي فاجأه بسؤاله عن فتاة من الحارة وأهلها لأنه يفكر بالزواج بها ..

فغر صابر فاه وحك رأسه بسبابته مفكرا..

أيقول الحقيقة، أم يريح رأسه من المشاكل، ويعمل بالمثل الشعبي: سبق الميم ترتاح..( يعني لا يعرف لا يرى ...)

لكن عيناه أزَّت لسانه أزَّا فانسحبت المخاوف وصدر القرار الصابري بالجواب على السؤال بالتفصيل الممل..

أخبره أنها فتاة لعوبة، رغم أنها تظهر طيبة وعفيفة ولكن لا يغريه صمتها ولا مسكنتها، وأن أمها سليطة اللسان وأبوها مسحور مغلوب على أمره جبان، وإخوتها لئام وليس معهم أمان..

شكره الرجل وانصرف مطأطأ الرأس مخذول القلب مجروحه بين نار تعلقه بالفتاة وبين ما عرفه عنها..

نفض صابر بسرعة عجيبة الأمر من حساباته فهناك ما ينتظره.. أخبار الناس والقانون..

مضى اليوم مملا ولا جديد يذكر، وحل المساء جالبا معه مفاجأة من العيار الثقيل..

جهز شوايته وبدأ بالعمل، لكنه لم يلبث طويلا حتى فطن لأمر يمنع الدخان من الانطلاق في حرية إلى سماء الحارة، وانكمشت عيناه في محجريها بعد أن وعى القلب خطورة الموقف، وكادت السيالة العصبية أن تصل للكلي لإفراز الأدرينالين.. لولا شذرات من الزجاج أصابته ..

بقلم: نزهة الفلاح