عرض مشاركة واحدة
قديم 05-11-2012, 04:46 AM
المشاركة 2
آمنة محمود
كاتبة فلسطينية
  • غير موجود
افتراضي
فقد حمل لنا شهر أيار، ومنذ العام 1948 ، نماذج مختلفة من الذكريات، منها ما يشدنا وبحزن عميق إلى الوراء، ومنها ما يجعلنا نتمسك وبعمق جذور النخل والزيتون بثوابتنا الفلسطينية الأولى، ولعل أهمها الشعار الذي كان يكلل كل المناسبات التي كانت تمر على الثورة الفلسطينية، وكانت تتصدر المجلات والمطبوعات، وجدران المكاتب والقواعد العسكرية، ونحتها المناضلون والمقاتلون على جدران عقولهم وقلوبهم ( عيدنا يوم عودتنا).

وهنا لا بد أن نؤكد على هذا الشعار الذي كان، وما زال يشكل المحرك الرئيسي للنضال الفلسطيني بأطره المختلفة، ذلك أن ممثلنا الشرعي والوحيد، بفصائله المختلفة عند الانطلاق، أكد على أن الثورة الفلسطينية وفصائلها قد انطلقت لتحقيق النصر في مسالة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أماكن سكنهم الأصلية، وتعويضهم عن الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدوها نتيجة لممارسات العصابات الصهيونية.



ولا بد أن نشير إلى أن هذا الأمر جاء منسجما، وبشكل كبير، مع قرار الأمم المتحدة رقم 194 للعام 1948 الذي نص على نفس الحقوق التي تبنتها منظمة التحرير في حين انطلقت، ذلك أن ما يزيد عن 800 ألف إنسان فلسطيني، شيوخا ونساء وأطفال اجبروا تحت تهديد السلاح والمذابح الجمعية، والقتل الجماعي والنهب والسلب وإحراق المزارع والحقول، اجبروا على ترك مدنهم وقراهم وبلداتهم، وسكنوا بعد ذلك المخيمات في الشتات وبلاد الغربة والتهجير.

ظل الحلم الفلسطيني يكبر، ويكبر بألوان وأشكال مختلفة، بعذابات وأنواع اضطهاد متميز معد خصيصا للإنسان الفلسطيني، فمن إنسان بلا هوية، إلى وثيقة السفر، إلى مواطن من الدرجة الثانية، إلى موظف من الدرجة الثانية على الرغم من الكفاءة، إلى الأقبية والسجون السياسية، إلى الملاحقة والاغتيالات والتصفيات، إلى السجن في المحافظة ودس السم في الطعام، إلى غير ذلك من ممارسات، إلى حرب الأعلام والعقول، إلى حرب المناهج الدراسية التي عملت لسنوات طويلة من اجل طمس الهوية الفلسطينية، وباعتقادي، فان هذه الهوية متمثلة بمدى تمسكنا بحقنا في العودة، هذا الحق بالتحديد كان موضوعا لحملات شعواء، ركزت على طمس ثقافة ومعلومات وعلم حق العودة، جندت الكثير من أصحاب الأقلام والدارسين والباحثين، تم تزوير التاريخ، وفسر القانون الدولي لينسجم مع أهواء من يريدون طمس الهوية، ووقفنا عن المطالبة بحق العودة.

أبيدت قرى عن سطح الأرض، بمن فيها، قصفت مخيمات وتجمعات فلسطينية، بشتى أنواع الصواريخ والأسلحة، قتل ألاف، شرد ألاف واجبر على العيش في مخيمات بؤس ومعاناته بين الدول، في مخيمات صحراوية تنتشر بها العقارب والأفاعي، تفتقر للمياه والخدمات الإنسانية البسيطة، صودرت مساحات من حقوق الإنسان الفلسطيني وحرياته، وعلى الرغم من كل ذلك، فأننا وبمناسبة العام 64 للنكبة نقول بأعلى الصوت، نحن لم ولن نفرط بأي حق من حقوقنا وثوابتنا الفلسطينية وليكن عيدنا يوم عودتنا
فرضت علينا كشعب هجرات ثالثة ورابعة، هجرات داخلية وخارجية، فهناك هجرة نتجت عن إقامة الجدار العنصري الفاصل ومصادرة الأراضي الفلسطينية لإقامته، وهذا مخالف للقانون الدولي ولمعاهدة جنيف، أجبرنا على الهجرة في اجتياح لبنان، واجتياح الكويت، واجتياح العراق، وأحداث اليمن وليبيا، هجرات متلاحقة، من الفلسطينيين من اجبر على الهجرة لثلاث أو أربع مرات، وهذه حقيقة وليست مبالغة، وبقي في كل الحالات مفتاح البيت في يافا، وحيفا، وصفد، والطنطورة، وبيت جبرين، وبيت نوبا وعمواس، بقي مفتاح أبو شوشة، وسيرين، بقيت المفاتيح معلقة في الرقبة، بقيت معلقة دعما وسندا لمنع التسليم أو الاستسلام.

اجبر الإنسان الفلسطيني على الهجرة للمصادرة غير القانوني والظالمة لمئات ألاف الدونمات لإقامة المستوطنات والطرق الالتفافية ومعسكرات جيش الاحتلال، اجبر الإنسان الفلسطيني على الهجرة نتيجة لتضييق الخناق على لقمة عيشة ونصب مئات الحواجز بين طرقات المدن، قتل من قتل، واعتقل من اعتقل، وجرح من جرح، ودوهمت المنازل، وأحرقت الأشجار، وطانا وخربة يانون أخر الشواهد.

نحن الفلسطينيون في كل بقاع الدنيا في الوطن والشتات، في المدن والمخيمات، والقرى والأرياف، في الخرب وفي مضارب الصحراء، نؤكد لكم جميعا، وللمجتمع الدولي بشكل عام، ولأمريكا والرباعية وأعضاء حق الفيتو في مجلس الآمن، نؤكد أننا عازمون على أن نعيد رفع شعارنا من جديد، ونقول لكم جميعا

أننا عائدون عائدون إننا لعائدون والحدود والقلاع لن تكون
ولن نفرط في شبر واحد من أرضنا الفلسطينية وثوابتنا .

(وليكن عيدنا يوم عودتنا).

انتظرت الصباح لأنسج على أوتاره
لحن خلودك
يا أيتها الباقية في عرش جنوني ملكة بلا منازع
من أجلك أحببت الصبر .

أختـكـــــ آمنـــــــة محمـــــــــود ــــــــم