عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2013, 02:55 PM
المشاركة 193
أسرار أحمد
( سارة )
  • غير موجود
افتراضي
رائد الفضاء سمسم

استيقظت الأزهار و الأشجار من نومها مسرورة بعودة ضوء النهار الذي حجبته ظلمة ليلة كاملة.
و أسرعت نسمات الصَّباح إلى بستان سمسم ، باحثةً بين الجداول و الأنهار ، محلِّقةً فوق الأشجار و الأغصان ، إلى أن وصلت إلى شقائق النعمان ، لتنصت إلى شخير سمسم مع كلِّ زفير و شهيق ، ثمّ َراحت تدغدغ وجهه بملمسها الناعم، حتَّى استيقظ و فتح عينيه ليبصر السَّماء الزرقاء.

آه، كم أتعبته مراقبة النجوم و الأفلاك خلف منظاره الفلكي ليلة أمس، حتَّى انتهى به المطاف إلى النَّوم في العراء من شدِّة الإرهاق.


مدَّ بصره إلى السَّماء ثمَّ أغمض عينيه ليسافر من جديد في زورق أحلامه الجميلة.
لقد كان ليلة أمس يراقب الفضاء بمنظاره من بعيد، أمَّا الآن فهو يسبح ببذلته البيضاء بين الكواكب و النُّجوم ، غارقاً في سحر ضيائها .
اقترب من مجموعة نجوم تشكَّلت على هيئة دائرة
وسأل كبير النجوم والكواكب قائلاً : ما اسمك؟
أجابه النَّجم الكبير بهدوء :شمشوم

فقال سمسم بمرح: وأنا اسمي سمسم.
فقال شمشوم: أنا أعرفك يا سمسم، فأنا أراك في كل ليلة وأنت تنظر إلينا بمنظارك الطويل.
سرَّ بذلك وقال: إذن فنحن أصدقاء؟
فردّ الكوكب الكبير بهدوئه الجميل: نعم يا سمسم.

لكنّ سمسم كانت لديه بعض الأسئلة التي كان يتمنى أن يجد لها جوابا، وهاهي فرصته جاءت ليعرف .
قال لشمشوم وهو متعجّب من أمر هذا الكوكب العملاق:

نجمٌ لامع !

ضوءٌ ساطع !

قولٌ رائع !

هيا هيَّا أجب السَّامع

كيف تولِّد هذا النُّور

فأجابه شمشوم :

أنا نجمٌ في الكون الواسع
كروي ذو ضوءٍ لامع
في جوفي غازاتٌ تُصهر
فأضيء و أنواري تبهر




اندهش سمسم من قوله وأطرق عابساً لحظاتٍ ثمَّ نظر إليه قائلاً :
في جوفك غازاتٌ تصهر !
( اشرح لي حتى أتنوَّرْ

فضحك شمشوم ثم قال :
عزيزي سمسم ، النَّجم الَّذي تراه يضيء في الأرض من بعيد إنَّما هو جسم سماوي كروي الشَّكل ، يتشكَّل من غازاتٍ ساخنة تطلق الضوء.



فهم سمسم سرّ هذا الضوء المبهر،فتراقص نشوان ، و النَّجم برفقته يضيء الأكوان.

ثمَّ مضى في الفضاء الرَّحيب بصحبة شمشوم، وفي أثناء سيرهما سمع صوتاً يخاطبه:

أنا اسمي درب التَّبانة
بنجومي أضيءُ الأكوانَ

سمسم كم أهوى الضيفانَ

أهلا فلنشد الألحانَ



َ
فالتفت سمسم نحو شمشوم قائلاً: من الذي يكلّمني؟

فأجابه شمشوم: عزيزي سمسم، نحن الآن في مجرِّة درب التَّبانة، وهي مجرة لولبية الشكل، تحوي عدداً كبيرا من النجوم و من ضمنها الشَّمس، و أنتم في الأرض تعيشون على حافة هذه المجرَّة ضمن مجموعتكم الشمسية و لها اسمان درب اللبانة و درب التَّبانة.


ثمَّ واصلا سيرهما حتَّى وصلا إلى نجمٍ كبير ملتهب تطوف حوله كرات كبيرة بمسار دائري الواحدة تلو الأخرى :

فقال شمشوم:
عزيزي سمسم، لقد خلق الله عزَّوجل الشَّمس و جعل الكواكب تسبح حولها في الفلك بمسارات دائرية.
ثم سكت و التفت إليه يسأله: هل تعرف ما هي هذه الكواكب؟
فرد سمسم بسرعة مبديا اهتماما كبيرا لمعرفتها: - لا، أخبرني رجاء عنها .
فابتسم شمشوم وواصل قائلا: هذه الكواكب هي: عطارد والذي تتلوه الزهرة فالأرض موطن سكناك...، ليتبعها المرِّيخ والمشتري ، أمَّا زحلُ الجميل فيطوف خلفه أورانوس فنبتون، و هنا تنتهي الكواكب الكبيرة لتتلوها الكواكب الصغيرة وهي: بلوتو و ايريس و سيريس.
عندها عرف سمسم أنَّه يقف أمام الشَّمس و ما تلك الكرات التي تدور حولها بمسارات دائرية إلا الكواكب اللامعة الجميلة، فمضى رويداً ً بصحبة شمشوم يتأملها في دورانها المنتظم الرتيب حول الشَّمس، ولمّا اقترب من الأرض هاج به الشَّوق لبيته الرِّيفي ومنظاره الفلكي ، وشعر كأنَّ شقائق النعمان تناديه من بعيد، فهمّ لتلبية النداء، و إذ بأشعة الشَّمس تدغدغ وجهه بملمسها الدافيء الحنون، ففتح عينيه ليبصر زرقة السماء تحيّيه لعودته من ذاك الحلم الذي عاشه طيلة ليلته .
و مع حلول الظَّلام تناول منظاره و راح يتأمل نجوم المجرَّة من جديد.