عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2011, 11:25 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لا شيء يحدث، أنتِ صامتة، طارفة العين


(سكون: مرّ ملاكٌ في هذه اللحظة


المديدة كالعيش مئة شمس)


ألمْ يحدثْ شيءٌ سوى اختلاج الأجفان؟


والوليمة، والمنفى، والجريمة الأولى


وفكّ الحمار، والضجّة الكثيفة


ونظرة الموت الجاحدة


الساقطةُ على السهل الرمادي


أغاممنون وجؤاره الهائل


وزعيق كاسندرا المعاد


أشدّ من زعيق الأمواج


سقراط مقيّد (الشمس تبزغ


الموت يقظة: "كْريتون، ديكٌ


لأسْكولاب، ها أنا شفيت من الحياة")


وابن آوى الذي يبحث بين خرائب


نينوى، والطيف الذي رآه بروتوس


قبل المعركة، وموكنزوما


في فراش سهاده الشائك


السفر في عجلة نقلٍ إلى الموت


سفر روبسبيير اللامتناهي


المقيسُ دقيقةً بدقيقة


وفكّه محطّمٌ بين يديه


تْشورّوكا في برميله كما على عرشٍ


أرجوانيّ، خُطى لينكولن المعدودة مسبقاً


في طريقه إلى المسرح


حشرجة تروتسكي وأنينه


الخنزيريّ، ماديرو ونظرته


التي ظلّت بلا جواب: لماذا تقتلني؟


وأَيمُن الله، والآهات، وصمتُ


المجرمِ، والقدّيسين، والإنسانِ المسكين


ومقابرُ العبارات والنوادرِ


التي ينبشها كلاب البيان


الهذيان، الصهيل، الدمدمة الغامضة


التي نحدثها عند النزاع ولهاثُ


الحياةِ الوليدةِ وصوتُ العظامِ


المسحوقة في العراك


وفمُ النبيّ المزبدُ وصراخه



….



وصراخ الجلاّد


وصراخُ الضحيّة


شُعَلٌ


هي العيون وشُعَلٌ ما تنظره


شعلةٌ هي الأذن، الصوت شعلة


الشفاه جمرُ، اللسان جُذوة


اللمس وما يلمسه، الفكر والمفكَّر فيه


والذي يفكر شعلة


الكل يشتعل، الكون شعلة


ويشتعل العدم ذاته الذي ليس


سوى فكر مشتعل، وفي الأخير سوى دخان:


ليس ثمة جلاد ولا ضحية


والصراخ


في مساء الجمعة؟ والصمت


الذي يتدثر بالعلامات، الصمت


الذي يقول من دون أن يقول، ألا يقول شيئاً؟


وصرخات الناس هل هي لا شيء؟


ألا يحدث شيءُ إذ يعبر الزمان؟



….



لا شيء يحدث سوى رفّ عين


الشمسِ، تكاد تكون حركة، بل لا شيء


ليس ثمة خلاص، الزمن لا يعود الى الوراء


الموتى راسخون في موتهم


ولا يمكنهم أن يموتوا موتاً آخر


لا يُمسّون، مسمَّرون في حركاتهم


منذ عزلتهم، منذ موتهم


بدون علاج، ينظروننا من دون أن ينظرونا


موتهم بات نُصْبَ حياتهم


أزلٌ بات عدماً


كل دقيقة هي لا شيء إلى الأبد


ملكٌ شبح يحدّد نبضاتك


حركتك النهائية، وقناعك القاسي


على وجهك المتغيّر:


نحن أثرٌ تذكاريّ لحياة غريبة


لم تُعَشْ، نكاد نملكها


ومتى كانت الحياة ملكنا حقاً؟


متى نكون حقاً ما نكون؟


في الحقيقة نحن لا نوجد، لسنا سوى


دوار وفراغ، وجهاً لوجه


سوى تكشيراتٍ في المرآة، رعب وغثيان


قطعاً ليست الحياة ملكنا، هي للآخرين


الحياة ليست لأحد، كلنا


الحياة - خبز الشمس للآخرين


كل الآخرين الذين هم نحن -


فأنا آخر حين أكون، وأفعالي


ليست ملكي إن تكن أيضاً للجميع


كي أستطيع أن أكون عليَّ أن أكون آخر


أن أخرج مني، وأبحث عنّي بين الآخرين


الآخرين الذين ليسوا إن لم أوجد


الآخرين الذين يمنحونني وجوداً


ليس ثمّة أنا، ثمّة نحن على الدوام


الحياة هي الآخر، الهناك دائماً، الأبعد


خارجاً عنك، عنّي، في الأفق دوماً


حياة تضلّنا وتفصلنا عن ذواتنا


تبتكر لنا وجهاً وتمحقه


جوعَ الكينونة، يا موت، يا خبز الجميع



….



يتبع
.
.


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)