عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2011, 11:04 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(1) أولين





صفصافة بلو، حورة ماء


نافورة ماء عالية تحنيها الريح


شجرة صلبة وإن تكن مرتعشة


مجرى نهر يتقوّس


يتقدّم، يتراجع، ينعطف


ويصل دائماً:



….



مسار كوكب


هادىءٌ أو ربيع بطيء


ماءٌ مغمض الأجفان


ينبجس منه ليل النبوءات بأسره


حضورٌ إجماعي مائج


موجة إثر موجة حتى تغطية كل شيء


سيادةٌ خضراء بدون غسقٍ


كانبهار الأجنحة


حين تنبسط في الفضاء



….



مجرى الأيام الآتية


بين العلّيق وبريقُ


البؤس المشؤوم كطائر


يسحر الغابة بتغريده


والابتهاجات المداهمة


بين الأغصان التي تضمحلّ


ساعات من ضياء نقدتها الطيور من زمن


فؤول تفرّ بين الأصابع



….



حضورٌ كنشيد مباغت


كالريح مغنّيةً في الحريق


نظرة تبقي العالم معلقًا


ببحاره وجباله


جسد من ضياء مصفّى بالعقيق


سيقان من ضياء، حضن من ضياء، أرجوان


صخر شمسي، جسد بلون الغمام


بلون نهار مسرع وثاب


الساعة تتلألأ وتتخذ جسداً


العالم الآن مرئي في جسدك


شفاف في شفافيتك



….



أمضي بين أروقة الأصوات


أنساب بين حضور رنّانٍ وحضور


أمضي عبر الشفافيات كأعمى


يمحوني انعكاسٌ أولد في آخر


يا غابة الأعمدة المسحورة


تحت أقواس الضياء أدخل


مماشي خريف شفاف



….



حضنكِ بقعة مشمسة


نهداك كنيستان يحتفل فيهما


الدم بأسراره المتوازية


تغطّيك نظراتي كاللبلاب


مدينة أنت يحاصرها البحر


سور يقسمه الضياء


نصفين بلون الدرّاق


مكانُ للملح، الصخور، والطيور


تحت شرعة الظهيرة في تأمّلها



….



مكتسيةً بلون رغائبي


كفكرتي تمضين عارية


وأمضي عبر عينيك كما في الماء


من هاتين العينين تشرب الحلمَ النمور


وبهاتين الشعلتين يحترق الطنّان


أمضي عبر جبينك كما عبر القمر


كغمامة عبر ذهنك


أمضي عبر حضنك كما في أحلامك



….



تنورتك الذرَويّة تموج وتغنّي


تنّورتك البلّورية، تنّورتك المائيّة


شفتاك، شعرك، نظراتك


تمطرين طوال الليل، طوال النهار


تفتحين صدري بأناملك المائية


تغلقين عينيّ بثغرك المائي


على عظامي تمطرين، في صدري


تغرز شجرةٌ سائلة جذورها المائيّة



….



أمضي عبر قامتك كما في نهر


أمضي عبر جسدك كما في غابة


كما في درب جبليّة


تُفضي إلى هاوية


أمضي عبر أفكارِكِ المشحوذة


وعند مخرج جبينكِ الأبيض


يتحطّم ظلّي السريع


أُلملم أجزائي واحداً واحداً


وأستمرّ بلا جسدٍ، باحثاً على غير هدى



….



للذاكرة أروقةٌ بلا انتهاء


أبوابُ مفتوحةٌ على صالةٍ فارغة


تتلف فيها كلّ الأصياف


في مؤخّرها تتلألأ جواهر العطش


وجهٌ يتلاشى ما إن أتذكّره


يدٌ تتفسَّخ حين ألمسها


جُمَمٌ عنكبوتيّة في صخَب


على بسماتٍ من سنين عدّة



….



وعند مخرج جبيني أبحث


أبحث ولا أثر، أبحث عن لحظة


عن وجه للبرق والعاصفة


يعدو بين الأشجار الليليّة


عن وجهٍ للمطر في حديقةٍ للظلمات


عن ماء متشبّث يجري إلى جانبي



….



أبحث ولا أعثر، أكتب في العزلة


ليس من أحدٍ، يسقط النهار، يسقط العام


وأنا أسقط مع اللحظة، أسقط إلى القعر


في طريقٍ خفيٍّ عبر مرايا


تعكس صورتي المحطَّمة


أدوس على أيّامٍ، على لحظاتٍ متجاوَزة


أدوس على أفكار ظلّي


أدوس على ظلي بحثاً عن لحظة



….




(1) إيهيكاتل
يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)