عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2014, 05:32 PM
المشاركة 9
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بكم
هل جبران مجنون ؟

إذا كان الجنون هو اتخاذ منهج في الحياة مخالف للغير فجبران أول المجانين ، و إذا كان الجنون هو مقارعة اليقين بالشك فجبران أول المجانين ، أما إذا كان الجنون هو ذهاب العقل فجبران أول العقلاء .
العقل فيه البسيط و فيه العقل الثائر ، فكثير من الناس يبقي عقله في درجة البساطة و لو نال كل المستويات المعرفية ، لأنه يكتفي بما هو كائن ، وعند البعض العقل ثائر يبحث عن كنه الأشياء و لو اجتمع من الأرض ليلزموه باتباع سنة الأولين ما أفلحوا .
جبران عقله ثائر ، لذلك عندما سألوه عن الجنون انطلق من هذه الأسطورة .
قبل ميلاد الآلهة يعني قبل ظهور مناهج الحياة المختلفة و قبل تحرر العقل من بساطته و قبل أن يصنع العقل الاستعباد ، فالبدائية عند جبران هنا نوع من البساطة .

السرقة هي التي جعلت الإنسان يثور و السرقة هنا بمعنى الألم ، ولك أن تأخذ من طفل صغير لعبته لترى مقدار الثورة التي يواجه بها الموقف ، فالألم هو من حرر الإنسان من بساطته و خرج بلا قناع ، واكتشف الشمس و الهواء و حقيقته الجمالية . واجهه السلفيون بتهمة الجنون ، أي الخروج عن الإجماع و التفرد كما يقع لكل حامل لفكر جديد .

جبران يمجد الألم الذي حرره من قيود الماضي والبساطة و جعله يتذوق طعم الحرية ، فيقول هؤلاء اللصوص مباركون ، لأنه نال قسطا من الاستمتاع بوجوده المنفرد والمتميز عن الغير ، فالوجود الحقيقي عند جبران هو مقدار التميز عن الغير ، و عدم الركون إلى ثقافة القطيع .

الجملة الأخيرة ربما زائدة وربما لها علاقة بالمستقبل ، فهو تحدث عن رقي العقل إلى درجة معينة ، لكن رقيه المنتظر رهين بآلام أخرى تأتي متى تحرر اللص من سجنه أو قام أصدقاؤه اللصوص بصناعة آلام أخرى .

ليكون محور الحياة ألم يقود إلى تحرر و هكذا دواليك .

فهل جبران هنا يتحدث عن الجنون أم يتحدث عن سيرورة العقل ؟