عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2012, 10:37 AM
المشاركة 536
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
زياد أبو لبن حاور الطاهر وطار - ونشر الحوار في ملحق الدستور الثقافي
مجلة الرواية

التقيت الطاهر وطار قبل عشرين عاماً في القاهرة، تحدّثنا بحميمية معرفتي له من خلال مؤلفاته، وما يُكتب عنه في الصحف والمجلات، كان يتمتع بصحة تدفعه للحديث والشرب بصورة متواصلة، وبذاكرة تستعيد حكاياته الطريفة في مصر، ثم ينقطع الحديث عن حكاياته ليحدّثني عن تأسيس "الجاحظية"، وهي عبارة عن جمعية ثقافية فلسفية رئيسها الطاهر، وهي تضطلع بالفكر التنويري. وقد أهداني العدد الأول من مجلتها، وقمت بتسجيل حوار نُشر في ملحق الدستور الثقافي آنذاك، ومنذ ذاك الوقت أتابع أخبار "الطاهر"، وكتاباته، صاحب المجموعتين القصصيتين: دخان في قلبي، والشهداء يعودون هذا الأسبوع، وصاحب مسرحيات: على الضفة الأخرى، والهارب، وشهداء يعودون هذا الأسبوع. وصاحب روايات: عرس بغل، اللاز، والزلزال، وتجربة في العشق، والحوّات والقصر، والشمعة والدهاليز، ورمانة، والعشق والموت في الزمن الحراشي، والوالي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي، والوالي الطاهر يرفع يديه بالدعاء. وله من الكتابات النقدية والترجمات، منها: ديوان شعر مترجم للشاعر الفرنسي "فرنسيس كومب" بعنوان "الربيع الأزرق". أستعيد نشر حوارنا بعد رحيله.

■ الرواية عمل فنيّ خلاّق، كيف استطعتم رصد تحولات الواقع العربي من خلال تجربتكم الطويلة والمتميّزة في الرواية؟
¨ أنت سألت فأجبت. ولكن أنا أقول إن الرواية ليست عملاً فنياً خلاّقاً فقط، وإنما أقول: هي عمل حضاري لمواكبة كل شيء، حتى لو كنت أنا أو أي كاتب آخر روائي -عمل دائم، عمل صناعي تكنولوجي، ليس خلاّقاً فقط -كما قلت- وإنما نعبر عن مجتمعنا في الحالة الراهنة كما هي، عن الحالة الحضارية التي نؤمن بها ونعيش فيها وأنا عربي، فإذا ما قلت عربيّ فمعنى ذلك بدوي، وإذا شئنا بدائي، وإذا شئنا أيضاً ابتدائي -إذ صح التعبير- يعني منذ عشرين عاماً ونحن نعمل بأن نكون واقفين على أقدامنا ومتماسكين، وإن نكون في هذا اللون الفني الجديد في الأدب العربي والذي هو الرواية هذا شيء كثير من تماسك الإنسان العربي، وشيء من ذاتيتنا، ربما المتفردة.
■ كيف استفدتم من توظيف التراث العربي ضمن معطيات جديدة تندرج تحت مفهوم الحداثة؟
¨ نعم هذا سؤال يطرح على الذين لا يعرفون التراث العربي. أما بالنسبة لي شخصياً، فكما قلت من سنوات للصحافة المصرية وللصحافة العربية، أنا لا أستفيد من التراث العربي، إن التراث العربي فعلاً هو أنا. إذا ما تحدثتُ عن أبي زيد القرواني في رسالته، فأنا أبو زيد القرواني، وأنا ألفية بن مالك، وأنا كل الذي معروف في التراث العربي الإسلامي، نحن جميعاً -إميل حبيبي وسميح القاسم ومحمود درويش وتوفيق زياد.. وغيرنا- نحن التراث الآن. لا نستطيع أن نقول أننا استفدنا بل التراث هو الذي استفاد منّا، أنا أحفظ التراث، وأنا جزء منه، وأنا أتفاعل معه، أنا الوجه المغتسل والمتوضئ في التراث. وأكرر أنا لا أقول إنني استفدت من التراث بل التراث أنا، هو انعكاس مني، هو المتواجد فيّ، ولا أستطيع أن أقول أنني استفدت من التراث كذا، أو من عصر كذا، أنا القرن السادس الميلادي إلى القرن العاشر إلى القرن الثاني عشر، وأنا كل هذه القرون، وإنما ما ينبغي أن أسأل عنه، كيف استفدت من خارج التراث؟
■ كيف استفاد الطاهر وطار من تيارات النقد العربي وإشكالية هذا النقد في عمله الكتابي؟
¨ في النقد الأدبي العربي، هناك ما يمكن أن ينبغي أن نسميه بألا توازن في الحركة الإبداعية العربية، وهو ما يمكن أن نسميه بالوجدان العربي، بالوجدان التراثي الإنساني للمرحلة المتميّزة في خارطة إنسان ما، أو كائن ما، أنا شخصياً أرتبط بزكي مبارك وأبي شادي وإميل حبيبي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ونجيب الريحاني، وهذا جزء من تراثي أنا، مرتبط بامرئ القيس، مرتبط بكل التراث الذي مرّ والذي هو آتٍ، كمبدع، ويجيئني الآن ناقد عربي ما، ويستشهد بواحد مما ذكرته، وبمئة اسم مما لم أذكره، وهي أجنبية بالنسبة لي وأجهلها ويقول لي مثلاً أنا ناقد، فأنا ها هنا مضطر للعودة إلى شيء ما يمكن تسميته بالأصول، مضطر للتصديق والتكذيب، قل بصراحة إن الإبداع العربي شخصية عربية، شخصية ما، بشكل ما، ثقافية إسلامية، شخصية بشكل من الأشكال إفريقية وآسيوية، أنا عندما أبتدئ في الكتابة يجب الاحتفاظ بكوني مسلم، بكوني عربي، بكوني من آسيا، ومن أفريقيا، وبكوني هندي ذكي، بكوني لست فقط هذا الرجل المسلم بل ورجل أفرو آسيوي الذي له شخصية متميّزة لا أتنازل عنها بأي شكل من الأشكال، وهناك نقّاد مستلبون، أقول ذلك، فقد قرأوا نظريات بلغات مختلفة وخاصة بالفرنسية ففرضوا أنفسهم أساتذة للإنتاج، أساتذة للإبداع، أساتذة للنقد. وأنا بحق لا أومن بهم، أومن بنجيب محفوظ ومحمود عباس العقاد ومحمود أمين العالم، أومن بهذه الإضافات المرتبطة بالماضي والمرتبطة بالحاضر والمرتبطة بالمستقبل.
■ كيف يتلاقى الأدب في المغرب العربي مع الأدب في المشرق العربي ومصر في تكوين جمالي للنصّ المتفتق من بنائية خاصة للأدب العربي؟
¨ الظاهرة التاريخية الحضارية في رأيي هو أن الأدب العربي واحد، فإن كنت أبو تمام و ابن تيمية أو ابن زيدون وغيرهم، فأنت أديب عربي، ولحسن حظ هذه الأمة إنها من الخليج إلى الغرب العربي أدبها واحد وثقافتها واحدة سواء كانوا سنّه أو شيعة أو غيرهما فثقافتنا واحدة، ونحن لحسن حظنا كأدباء مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالمشرق ثم بالغرب ثم بإفريقيا الوسطى، فما لك هنا ومالك هناك، وأبو حنيفة وأبو تمام وابن تيمية وابن زيدون وابن خلدون هناك، ووحدتنا الثقافية الحضارية هي التي تشكل شخصيتنا، وفي رأيي هي مصدر قوتنا.
■ العملية الإبداعية قد تكون صعبة، وقد تكون سهلة، كيف يكون الإبداع لديكم، وما هي ومضة الإلهام عندكم؟.
¨ ومضة الإلهام هي لحظة ابتدائية ونضع بين قوسين كبيرين عبارة اللحظة الابتدائية، وأنا لا أبدع في وقت معين، في شهر، في أيام معدودات، في أسابيع معدودة، في جلسة ما، أنا أعتبر نفسي مبدعاً كل يوم أرى كل ما هو حولي يومياً، أعيش الحالة الإبداعية، ولكن تحرير الإبداعية أو كتابة الحالة الإبداعية، الكتابة التوثيقية أو التسجيلية، هذه تتم في ظروف مختلفة قد تكون خمس، في مفهومي أن هناك حالتين، حالة الإبداع والمعايشة وحالة التحرير والكتابة، وآخذ هذه الأخيرة وهي الكتابة، فأنا قد أكتب عملاً أبدعته وعشته سنوات عديدة في أشهر وأسابيع.
■ إذا كان لكم اهتمام في الأدب الأردني، كيف تنظرون إلى هذا الأدب مشاركة مع الأدب العربي عموماً؟.
¨ أنا ضد هذا التقسيم، كما بدأنا، الأدب العربي واحد وأصل واحد والوحدة العربية واحدة لهذه اللغة الصافية الأصلية الأصيلة التي تبتدئ من المحيط إلى الخليج، وبالنسبة لي الأردن هو الجزائر، والجزائر هي مصر والسودان وعمان وعدن وصنعاء، صحيح إنني أذكر من الأسماء فايز محمود وإبراهيم اليافي وغالب هلسه وغيرهم لا أستحضر أسماءهم الآن، فالأدب العربي واحد ونبعة واحدة وروافده المتعددة هي رافد واحد.