عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-2013, 02:19 AM
المشاركة 7
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
طاهر زمخشري

هو الشاعر و الكاتب طاهر بن عبدالرحمن زمخشري و يعرف بِـ (بابا طاهر ) ، ولد بمكة في المملكة العربية السعودية 1332هـ ـ 1906م، أنهى الدراسة من مدرسة الفلاح، عمل في مختلف أنشطة الدولة والدوائر الحكومية، بدأ بشؤون الصحافة والطباعة من مصحح إلى مراقب عام، وأشرف على جريدة " أم القرى "، ثم عمل في شؤون الجمارك في وزارة المالية فتقلد سكرتير الديوان وساهم في تنظيم اللوائح والأنظمة الأساسية، ثم شارك في تأسيس الإذاعة السعودية وكان من أوائل الذين عملوا فيها، أحب الطفولة والأطفال, وله مآثر مشهورة في ذلك, يقول: "الأطفال عشقي الأول والنهائي والأخير.. أنا عاشق البراءة وأحلام الطفولة وأمانيها, فالطفولة هي الوطن والحياة..)، فقدم مختلف البرامج الإذاعية والتمثيليات وبرامج الأطفال وكل ما يتعلق بالإنتاج الإذاعي حتى أصبح مراقباً عاماً لها، ثم انشأ أول مجلة سعودية خاصة بالأطفال وكان اسمها "الروضة"، وصدر العدد الأول من هذه المجلة يوم الخميس 14 ربيع الأول 1379 هـ، الموافق 17 سبتمبر 1959م وكانت تطبع في دار الأصفهاني وشركاه للطباعة في جدة، وهي أول مجلة سعودية ثقافية مصورة للأطفال وصدر عددها الأول تحت شعار " مجلة الطفل العربي السعودي " مقدمة نفسها أنها " مجلة ثقافية مصورة .. تصدر تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز وزير المعارف " .
صدرت " الروضة " بغلاف ملون عليه رسومات جذابة للأطفال في 16 صفحة مقاسها 22× 30 سم وثمنها نصف ريال سعودي والاشتراك السنوي فيها قيمته 25 ريالا داخل المملكة ، وقد ضمت المجلة في أعدادها حكايات وألعاب ومعلومات ورسومات تخاطب الطفل وتداعب اهتماماته .
وكانت نصف صفحات " الروضة " ملونة كما ضمت إعلانات تجارية ، وكان كل عدد يضم قصة مصورة بالألوان، وفي كل عدد جزءان من قصتين سرديتين مسلسلتين، كما ضمت صفحاتها الأخرى موضوعات ثقافية مختلفة تناسب عمر الأطفال .

لم تستمر طويلا، و توقفت بعد 27 عدد بتاريخ 1383هـ، كما شارك في إنشاء وتحرير معظم المجلات والجرائد في بلده.
نظم الشعر العمودي والحر ولم يكفه التشجيع الأدبي بل أنفق من جيبه الخاص على كل موهبة فنية تنبأ لها بالمستقبل الواعد، وكان يعتبر كل فنان أو فنانة أو مثقف تربطه به أواصر الصداقة إلا ويكون الترجمان له والمحامي الذي لا يكل ولا يمل، صارع الأيام وصارعته وصارع المرض حتى صرعه ولم يشك ولم يهن ولم يغصب ولم ييأس, والزمخشري شاعر وجداني, بل أبرز شعراء الوجدان في المملكة بشهادة النقاد, أصدر طاهر ديوانه الأول " أحلام الربيع" 1946م، وكان أول ديوان يصدر في السعودية بعد فترة طويلة من غياب المطبوعات عنها وعن منطقة الخليج، وترك بعد رحلته الشعرية الطويلة مجموعة مؤلفات ودواوين وترك اثنين وعشرين ديواناً شعرياً, ومئات القصائد الشعرية المنشورة في الدوريات, وكتب عنه وعن آثاره عدة دراسات وأبحاث.

من أعماله:
1. أحلام الربيع 1946م، الديوان الأول.
2. أنفاس الربيع.
3. أصداء الربيع.
4. أغاريد الصحراء.
5. على الضفاف.
6. ألحان مغترب.
7. لبيك.
8. أحلام.
9. ورمضان كريم.
10. عبير الذكريات.
11. من الخيام.
12. بكاء الزهر.
13. أوراق الزهر.
14. أصداء الرابية.
15. مع الأصيل، مجموعة من التأملات والدراسات النفسية مع بعض الرباعيات الشعرية.
16. العين بحر، بحث يتضمن ما قاله بعض الشعراء في العين.
17. ليالي ابن الرومي، دراسة لبيئة ابن الرومي وعصره مع عرض نماذج من أشعاره.
18. حبيبي على القمر.
قبل حصوله على جائزة الدولة التقديرية 1983م عاش الزمخشري حياة المعاناة والبؤس والغربة وأقام طويلاً في مصر، ثم انتقل بعدها إلى تونس حيث كرمته الحكومة التونسية ومنحته وساما رفيعا، وتوفي هناك 1407هـ ـ20 يوليو 1987، كابد مرضاً قدمه لنا صورةً من المعاناة والمصابرة، لم يسلمه بؤسه فيها إلى يأس، وإنما إلى يقين بأن الحياة قدر، وأن الحي اقتدار لا يرقى إلى درجة القدر، وإنما يتعامل معه بالصبر.. والإيمان، فلكل إنسان مهمة حياتية ينجح فيها وقد يفشل.. وكلٌ ميسر لما خلق له.
كان الزمخشري أحد الذين حملوا مشعل تجديد الرسالة الفكرية في الجزيرة العربية، ونجح في إخراج الشعر السعودي من دائرة المحلية وأطلقه إلى مصر ولبنان وسوريا والعراق ثم إلى المغرب.
كتب عبدالله حمد القرعاوي في رثاء الزمخشري الأبيات الشعرية التالية:
بسمة كنت في قلوب الحزانى
كيف أصبحت دمعة في القلوب
عشت للحب والوفاء شراعاً
ترتخي في ذراه كل الخطوب
وتعلمت من دموع اليتامى
كيف تأسو مشاعر المكروب
صاغك الله رقة وحناناً
وحنيناً على شفاه الحبيب
فتلفعت بالعذوبة شعراً
وترنمت بالنشيد الطروب.

جوائزه:
حصول على جائزة الدولة السعودية التقديرية في الأدب 1404هـ ـ 1983.
كرمته الحكومة التونسية بمنحه وساما رفيعا.
نماذج من شعره:
قصيدته «إلى المروتين» نشرت في عام 1377هـ :
أهيم بروحي على الرابيه *** وعند المطاف وفي المـــروتين

وأهفو إلى ذكر غــاليه *** لدى البيت والخيف والأخشبين

فيهدر دمعي بآمـــاقيه *** ويجري لظــاه على الوجنتين

ويصرخ شوقي بأعمـاقيه *** فأرسـل من مقلتي دمــعتين

أهيــم وعبر المدى معبد *** يعلـــــق في بابه النيرين

فإن طاف في جوفه مسهد *** وألقى على سجـــفه نظرتين

تــراءى له شفق مجهد *** يواري سنـــا الفجر في بردتين

وليس له بالشجـا مولد *** لمغترب غــــــائر المقلتين

أهيم وقلبي دقـــاته *** يطـير اشـتياقاً إلى المسجــدين

وصدري يضج بآهــاته *** فيسري صداه على الضــفتين

على النيل يقضي سويعاته *** يناغي الوجوم بسـمع وعــين

وخضر الروابي لأنــاته *** تردد من شـجوه زفـــرتين

أهيم وحولي كؤوس المنى *** تقطر في شفتــــي رشفتين

فأحسب أني احتسبت الهنا *** لأسكب من عـــذبه غنوتين

إذا بي أليف الجوى والضنى *** أصاول في غـــربتي شقوتين

شقاء التياعي بخضر الربى *** وشقوة سهم رمــــاني ببين

أهيـم وفي خاطري التائه *** رؤى بلد مشرق الجـــانبين

يطـــوف خيالي بأنحائه *** ليقطع فيه ولو خطـــوتين

أمـــرغ خدي ببطحائه *** وألمس منه الثرى باليــدين

وألقـــي الرحال بأفيائه *** وأطبع في أرضـــه قبلتين

أهيم وللطـــير في غصنه *** نواح يزغرد في المســمعين

فيشدو الفــؤاد على لحنه *** ورجع الصدى يملأ الخافقـين

فتجري البــوادر من مزنه *** وتبقي على طرفه عــبرتين

تعيد النشــــيد إلى أذنه *** حنيناً وشوقاً إلى المــروتين
قصيدة "الموعد المنتظر":
حديث عينيكِ قد أفضى به الخَفَرُ لما تأوَّد في أعطافك الخَفَرُ
يا منية النفس قد طاف المراح بنا فراح ينشر من أفراحنا السمر
فبادليني الهوى فالبحر موجته عنا تُحدِّث لا ما ينقل الخبر
وفي الشواطئ للأصداء هينمةٌ يضمها في شُفوفِ الفتنة السَّحَر
والليل أغفى فأرخى من غدائره سودًا تهادى على أطرافها العمر
والصمت يسكب في سمع الدجى نغمًا الحب صدَّاحه والخافق الوتر
وإن أحلامنا في الشط غافية وفي الحنايا لهيب الشوق يستعر
والذكريات رؤاها كلما هتفتْ بنا استراحت إلى آمالنا الصور
فيا طيوف المنى.. فاض الحنين بنا وزادنا شجنًا أن النوى قدر
ولا نزال على الأثباج من لهب يسري بنا شوقنا والوعد ينتظر

قصيدة "في الأصيل":
أقبلَتْ في الأصيل والبسمْةُ العذراءُ في ثَغْرِهَا تُنيرُ صباحَا
وعلى قدِّها من الهَيف الراقص حسانةٌ تجيد المزاحا
غادةٌ .. زانها التورُّدُ في الخدِّ وناغت بالعطر منه الإقاحا
أتلَعتْ جيدَها وفيها من الإغراء ما يكسر العيون الصحاحا
وأماطت لثامها عن جمالٍ زاده الظُّرف رِقّةً ومَراحا
وتغنت بطرفها واستدارت بعد أن رف هدبُها صدَّاحا
جاذبَتْني الهوى بهمسة أجفان تجيد الإعراب والإفصاحا
عن فتون الدلال، عن سطوة الحسن، وعن خافق سَبَتْه فناحا
وانبرت ترسل الحديث أغاريدًا، أذابت في رجْعها الأرواحا
قيدتني ولم أكن أعرف القيد ولكن حملْتُه مرتاحا
****
أقبلتْ في الأصيل، والخصلة الرعناء تلتف بالمحيَّا وشاحا
فإذا بالصباح يضحك بالإسفار، والليل قد غفا واستراحا
عند مجرى السنا ليرتشف العطر وقد مدَّ بالظلال جناحا
في فتونٍ يعابث النور بالسحر بلحظٍ قد أشهرتْه سلاحا
والتعابير باللحاظ سهام فتحت في الضلوع منا جراحا
والفؤاد المجروح من حرقة اللوعة عانى وما تشكَّى وباحا
واللقاءُ المقدور كان على الدرب قطعناه غُدوةً ورواحا
لحظة واختفت وراء المسافات وما زال شوقنا مِلْحاحا
وعلى جسرِ وجْدِنا في دروب الحب نرجو لوَصْلِنا أن يُتاحا
فنذوق الهوى ، وننعم بالنجوى وبالصفو نُترعُ الأقداحا
****
قال عنه د.عبدالله باقازي في جريدة الرياض، في العدد (13492)، 25 ربيع الآخر 1426هـ:
)أبرز الشعراء عفوية الأستاذ الشاعر طاهر زمخشري.. لا زالت جملته الشهيرة: «أنا كومة الفحم السوداء.. تلبس الثياب البيضاء، وتقول: «أشعاراً: حمراء وصفراء وخضراء».. لا زالت هذه الجملة ترن في الآذان تذكر بفنان عفوي بسيط منفتح على بهجة الدنيا، يشرع نوافذ الأمل نحو ساحات الحياة الواسعة.. ويجعل من الحياة بسمة عريضة من التفاؤل!
عندما كتبت كتابي: «مظاهر في شعر طاهر زمخشري» عام 1408ه الموافق 1988م، كان طاهر زمخشري قد مات.. وقبل ان اكتب الكتاب وأشرع في تأليفه.. هزني شعر الزمخشري.. في كل الفنون التي قال فيها: كان مبدعاً من نوع خاص.. كان شعره الرثائي في أبيه.. وأمه.. وزوجته من أجمل شعر المراثي من الشعر السعودي الحديث بل العربي بعامة.
وقد اعتمدت قصيدة: «إلى المروتين» أنموذجاً شعرياً تحققت من خلاله كل المظاهر الشعرية في شعر.. كانت قصيدة «إلى المروتين» - في رأيي - هي قصيدة الاغتراب ومحاولة الوصول إلى «التوازن النفسي» في رحلة الاغتراب المرضية.. كانت الدلالات الثنائية ا لتي تفوقت على الدلالات المفردة تؤمي إلى محاولة «التوازن» التي كان الزمخشري يقوم بها.. ونشرت القصيدة في عام 1377ه وطنها الموسيقار: طارق عبدالحكيم بلحن شجي بعد ذلك، لعل ذلك اللحن من مقام «البياتي» فهو المقام الذي يفعل فعلته التأثيرية في المتلقى، ولعله من «السيكا» أو من الراست. المهم ان الموسيقار طارق قد أخذنا في لحنه إلى عوالم الزمخشري الخزينة.. من الوحدة والاغتراب:
- أهيم وقلبي بدقاته - يطير اشتياقاً إلى المسجدين
- وصدري يضج بآهاته - فيسري صداها على الضفتين.
- على النيل يقضي سويعاته - يناغي النجوم بسمع وعين
- وخضر الروابي لآناته - تردد من شجوه زفرتين.
لكن ما لفت نظري في شخصية الزمخشري - فضلاً عما سبق - جانب «الطفولة» فكل ما في هذا الشاعر يوحي بالطفولة الكامنة والتي تعبر عن نفسها في كثير من الحالات.
من جوانب هذه الطفولة الإنسانية.. تقديم الأستاذ طاهر زمخشري لأول برنامج إذاعي سعودي عن الأطفال عام 1369ه ابان بداية الإذاعة السعودية بجبل هندي بمكة المكرمة.
ومن جوانبها: إصداره لأول مجلة للطفل السعودي عام 1379ه بعنوان: «الروضة».. ولعل لفظة الروضة بعفويتها الدالة على الطبيعة البكر النقية هي التي أغرت الزمخشري بهذا العنوان وبعنوان البرنامج المسائي الذي قدمه طويلاً في الإذاعة بعنوان: «روضة المساء».
ومن جوانب الطفولة - أيضاً - تخصص ابنه «فؤاد» في «طب الأطفال»!
ومن مظاهرها صوته الطفولي عندما يتكلم هذا الصوت الذي جعل أحد زملائه في فترة نهاية السبعينات الهجرية في حدود 1378- 1379ه يقترح ان يقدم الزمخشري برنامج: «المرأة» - في الإذاعة - حيث لا نساء يقدمن - وكان صوت الأستاذ الزمخشري في عفوية وتلقائية ينطلق باستهلاله المعهود: «سيدتي.. ربة البيت»!
.. إنها الطفولة الكامنة في أعماق شاعر كبير.. ورمز من رموز الشعر السعودي المعاصر.. أسهم إعلامياً.. إذاعة.. وصحافة وفنياً.. شاعراً مزدوج العطاء.. بين الفصحى والعامية.. وراعياً للفن والفنانين.. وأبرزهم محمد عبده.
و من الجميل أن نختم هذه الترجمة بهذه القصيدة الفاخرة:
تقسوعلي بلاذنب أتيت به*** وماتبرمت لكن خانني النغمُ
أعاده شجنٌ باح الأنين به *** فهل يلام محبٌّ حاله العدم
حسبي من الحب أني بالوفاء له*** أمشي وأحمل جرحٌ ليس يلتئم
وماشكوت لأني إن ظلمت فكم قبلي من الناس في شرع الهوا ظلموا
أبكي وأضحكـ والحالات واحدة*** أطوي عليها فؤادن شفه الألم
فإن رأيت دموعي وهي ضاحكة*** فالدمع في زحمه الالام يبتسم
وفي الجوانح خفاق متى عصفتْ*** به الشجون تلوى وهو مضطرم
فاظلمْ كما شئتَ لا أرجوك مرحمةً ***إنَّا إلي الله يوم الحشـر نحتكـم.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا