الموضوع: قسطنطين كفافيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2010, 02:36 PM
المشاركة 10
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إنه يقسم





في بعض الأيام يقسم أن يبدأ حياة أفضل


ولكن عندما يأتي الليل بأفكاره


ومصالحاته ووعوده


عندما يتسلل الليل بقواه الفريدة


برغبات الجسد وشهواته


يعدو خاسرا إلى الملذات المهلكة ذاتها




ديسمبر 1905








إيثاكا






عندما تبدأ رحلتك إلى إيثاكا


تمنّ أن يكون الطريق طويلاً


مليئاً بالمغامرات والأشياء المثيرة


ولتكن الرحلة فرصة لإشباع شغفك بالمعرفة


لا تخف من الغيلان والمردة آكلي لحوم البشر


الذين يظهرون في العتمة


أو تلك المخلوقات ذات العين الواحدة


مفتوحة في انتظار الفرصة


وواجه بلا خوف غضب بوسيدون


وأنت لن تقابل هذه الأشياء التافهة في رحلتك


إذا ما بقيت رؤيتك ثابتة نحو الأفق الذي تريد


إذا ما بقيت روحك على شهامتها


لن تقابل هذه الغيلان آكلة لحوم البشر


ذات العين الواحدة


ولن تعاني من تقلبات بوسيدون


إذا لم تحمل كل هذه المخاوف معك


في أعماق نفسك


لن تقابل هذه الأشياء


ما لم تستحضرها روحك أمام عينيك


تمن أن تكون رحلتك طويلة


أن تكون صباحات الصيف عديدة لسنين طويلة


فتبحر إلى مرافىء لم تحلم بها ولم ترها من قبل


ستبحر إليها في فرح وسلام ويقين


هادىء تجول في كل الأسواق التي تقابلها


واشتر من الأشياء كل ما قد تحتاج إليه:


من المرجان واللآلىء الجميلة والعطور الشهوانية


التي تمتع حواسنا والوصول إليها هو هدفك النهائي


لا تتعجل في رحلتك بأي حال


الأفضل أن يدوم السفر لسنين طويلة


إلق بمراسيك عند الجزر الصغيرة


عجوزاً بالثروة التي جمعتها أثناء رحلتك


لا تتوقع أن تعطيك إيثاكا أي شيء


لقد أعطتك إيثاكا الرحلة


وبدونها ما كنت بدأت


وليس لديها شيء آخر لتعطيك


وإذا وجدت إيثاكا فقيرة ومعوزة


فهي لم تخدعك.. فمن الحكمة التي اكتسبتها


والمعرفة التي حصلتها


والخبرة التي صارت جزءاً منك


سوف تفهم معنى أي إيثاكا




يناير 1894







ذات مساء




لم تكن لتدوم على أي حال


هكذا علمتني خبرة السنين


أن ضربة القدر لقاسية ومؤلمة


حين يتوقف كرم الحياة وعطاؤها السخيٌ


آه كم كانتْ العطور نفاذة


والسرير الذي نمنّا عليه.. كم كان متواضعا


والملذات التي أغرقنا فيها أنفسنا.. كم كانت رائعة


....


إن صدي من أيام المتعة تلك


يعود إلى وميضاً


من تلك النار، نار الحب الفتيٌ


أخرج خطاباً مرة أخرى


وأقرأ مرات ومرات.. حتى يشِحبْ الضوء


مغموراً بالحزن خرجت إلى الشرفة


لكي أبعد هذه الذكريات وأنا أحدق


مرة أخرى في هذه المدينة التي أحبها


الحركة في الشوراع، وفي الحوانيت



مارس 1916






ذهبت




لم أتردد ومضيت


إلى داخل الليلة الحافلة بالأضواء


لكي أشبع وأرتوي .. مرة في الحقيقة


ومرة في الخيال


شربت كثيراً، كما يفعل الإنسان الخير


بالشراب الشهواني



يونيو 1905

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)