الموضوع: قسطنطين كفافيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2010, 02:18 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عينان رماديتان




وأنا أنظر بإعجاب إلى حجر أجوبال شبه رمادي


تذكرت عينين جميلتين رماديتين


منذ عشرين عاما بالضبط


....


كنا عاشقين لمدة شهرين


ثم رحل من أجل العمل.. إلى سميرنا على ما أتذكر


ولم أره منذ ذلك الحين


هاتان العينان الرماديتان قد شاختا الآن


هذا إذا كان ما يزال حياً.. وقد دبَّ الكبر في


ملامحه أيضاً


آه أيتها الذاكرة، احفظي هاتين العينين


كما كانتا


أرجعي لي كجلّ ما تستطعين، أعيدي إلي


أيٌ شيء بإمكانك إعادته.. الليلة




فبراير1917





في شهر هاتور




أتبين بصعوبة على هذا الحجر القديم:


'سيّدي يسوع المسيح'


وأّتبين أيضاً: 'روح'


'في شهر هاتور


رقد ليفكيوس'


وعن عمره قرأت:


'عاش.. سنوات'


ويشير الحرفان 'كابا' و'زِتا'


إلى أنه مات شاباً


وفي موضع مطموس أتهجى:


'كان سكندريا'


ثم تجيء ثلاثة سطور


مطموسة تماما


ولكني بالكاد أقرأ:


'دموع أحزاننا'


ثم مرة أخرى: 'دموع'


ثم: نحن أصدقاؤه الحزانى'


يبدو أن ليفكيوس


كان محبوباً للغاية


وفي شهر هاتور


رقد ليفكيوس رقاد الموت




مارس 1917





قّبر ياسِيس




أنا ياسيس، أرقد هنا.. في هذه المدينة العظيمة


كنت مشهوراً بوسامتي


أعجب بي الحكماء وذوو الفطنة


كما أعجب بي الأجلاف من العامة


وكنت أطرب لإعجاب هؤلاء وهؤلاء


وعلى مدى الزمن، ولكثرة ما لعبت دور ناركيسوس


وهرميس، ونضبت الدماء في عروقي


وأصابني الدمار


يا أيها المسافر، إذا كنت اسكندريا


فلن تلومني


أنت تعرف حمية حياتنا هجناً


وما بها من عواطف متأججة، وتفسخ بهيج




أبريل 1917




ذلك المنزل



أمس، وأنا أتجول في إحدى الضواحي


مررت بذلك البيت


الذي كنت أتردد عليه أيام شبابي


وكان الحب، بقوته الرائعة، يتملك


جسدي في ذلك المنزل


وأمس


عندما كنت أتسكع في الشارع القديم


حدث فجأة أن تحولت أرضية الشارع الحجرية


والحيطان، والشرفات


تحولت كلها بقوة الحب


ولم يبق أيّ شيء قبيح


وعندما وقفت وحدقت في الباب


ووقفت متردداً خارج ذلك المنزل


أشرق كياني كله وتألق


بما اختزنه من رغبة وهوى جامح




يوليو 1917




البقاء في القصيدة



كانت الساعة حوالي الواحدة صباحاً


أو الواحدة والنصف


'ركن في البار


خلف الساتر الخشبيٌ


لم يكن في المكان سِوانا


وضوء شاحب


والساقي يغالب النوم جنب الباب


ما كان بوسع أحد أن يرانا


وكنّا نحترق بنار الرغبة


ولم نكن نبالي


كانت ثيابنا الخفيفة نصف مفتوحة


ويوليو المقدس ينفث الصهد


تعرية سريعة للأجساد


ولذة شهوانية بين ملابس نصف مفتوحة


وعودة للماضي.. إلى ستِ وعشرين سنة مضت


مضت ولكنها باقية


في هذه القصيدة




مارس 1918

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)