الموضوع: قسطنطين كفافيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2010, 02:05 PM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في انتظار البرابرة




لماذا ننتظر كجلنا، هنا في الميدان؟


لأن البرابرةّ يصلون اليوم


لماذا لا يحدث شيء ج في مجلس الشيوخ؟


كيف يجلس الشيوخ ولكن


هم لا يسنون القوانين؟


لأن البرابرة يأتون اليوم


فما معنى أن يسنّ الشيوخ القوانينّ الآن؟


عندما يأتي البرابرة، سوف يضعون القوانين


لماذا صحا الإمبراطوْر مبكراً اليوم؟


ولماذا يجلس على عرشه، مزيناً بالتاج، عند البوابة الرئيسية؟


لأن البرابرة يصلون اليوم


والإمبراطور ينتظر ليرحب بقائدهم


وقد جهز كل شيء ليقدم له شهادة فخرية، مليئة بالألقاب والأسماءالهامة


لماذا ظهر قناصلنا وحكامنا اليوم


في مسوحهم الحمراء الموشاة؟


لماذا لبسوا أساور مرصعة بالجواهر، وخواتم


من الزمرد البراق؟


ولماذا يمسكون فرحِين بالعصي


المشغولة بالفضة والذهب؟


لأن البرابرة يصلون اليوم


ومثل هذه العصي تخلب لّبٌّ البرابرة


أين خطباؤنا المفوهون


ليلقوا خطبهم مثل كل يوم؟


لأن البرابرة يأتون اليوم


وهم يملٌونّ الخطب وتضجرهم البلاغة


لماذا هذا الفزع والقلق الآن؟


(ترتسم علامات الجّدِ على وجوه الناس)


لماذا تقفر الميادين؟


لماذا يعود الجميع إلى بيوتهم


وقد استبد بهم الغم؟


لأن الليل قد أقبل ولم يأت البرابرة


ووصل بعض جنود الحدود وقالوا


إنه ما عاد للبرابرة من وجود


والآن؟ وبدون البرابرة، ما الذي سيحدث لنا؟


هؤلاء البرابرة كانوا حلاً من الحلول




نوفمبر 1898






واحد من آلهتهم





عندما كان واحد منهم يعبر ميدان 'سلفكيا'


عند هبوط الليل


شاب طويل القامة بالغ الوسامة يتألق في عينيه الإحساس بالخلود


ويلمع شعره الأسود المضّمْخ بالعطور


كان يحدث أن يراه اثنان من المارة


ويسأل كل منهم الآخر إن كان يعرفه


وعما إذا كان يونانياً من سوريا أو زائراً


ولكن البعض ممن كانوا أكثر ذكاء.. يتنحون جانباً


وحين كان يغيب عن الأنظار تحت البواكي


بين الظلال وأضواء المساء


متجهاً إلى ذلك الحيٌ الذي لا يحيا إلا في الليل


في الشراب والملذات الحسية


كانوا يتساءلون: أيٌ واحد منهم


يكون هذا الفتى، وأي الأهواء الشهوانية


قد جاء من أجلها إلى شوارع 'سلفكيا'


قادما من تلك 'الديار المقدسة'.



يونيو 1899

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)