عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-2013, 07:20 PM
المشاركة 2
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع : مبحث في الفصاحة العربية
وحكي عن المأمون أنه سأل يحي بن أكثم عن شيء ، فقال : لا ، وأيد الله أمير المؤمنين ، فقال المأمون : ما أظرف هذه الواو وأحسن موقعها .
ودخل الحسن بن الفضل على بعض الخلفاء وعنده كثير من أهل العلم ، فأحب أن يتكلم ، فزجره وقال : يا صبي تتكلم في هذا المقام ؟ فقال : يا أميرالمؤمنين إن كنت صبياً ، فلست بأصغر من هدهد سليمان ولا بأكبر من سليمان عليه السلام حين قال : أحطت بما لم تحط به ، ثم قال : ألم تر أن الله فهم الحكم سليمان ولو كان الأمر بالكبر لكان داود عليه السلام أولى .
ولما أفضت الخلافة إلى عمربن عبد ا لعزيز، أتته الوفود ، فإذا فيهم وفد الحجاز ، فنظر إلى صبي صغير السن وقد أرا د أن يتكلم فقال : ليتكلم من أسن منك ، فإنه أحق بالكلام منك، فقال الصبي : يا أمير المؤمنين لو كان القول كما تقول لكان في مجلسك هذا من هو أحق به منك. قال صدقت . فتكلم ، فقال يا أمير المؤمنين ، إنا قدمنا عليك من بلد تحمد الله الذي مَنّ علينا بك، ما قدمنا عليك رغبة منا ولا رهبة منك ، أما عدم الرغبة ، فقد أمنا بك في منازلنا ، وأما عدم الرهبة فقد أمنا جوارك بعدلك ، فنحن وفد الشكر والسلام.
فقال له عمر رضي الله عنه : عظني يا غلام . فقال : يا أمير المؤمنين إن أناساً غرهم حلم الله وثناء الناس عليهم، فلا تكن ممن يغره حلم الله وثناء الناس عليه، فتزل قدمك وتكون من الذين قال الله فيهم : ( ولا تكونوا كالّذين قالوا سَمعنا وهم لا يسمعون ) . فنظر عمر في سن الغلام فإذا له اثنتا عشرة سنة.
وحكي أن البادية قحطت في أيام هشام بن عبد الملك فقدمت العرب ، فهابوا أن يكلموه ، وكان فيهم درواس بن حبيب وهو ابن ست عشر سنة ، له ذؤابة وعليه شملتان ،فوقعت عين هشام عليه ، فقال لحاجبه : ما شاء أحد أن يدخل عليّ إلا دخل حتى الصبيان، فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقاً فقال : يا أمير المؤمنين إن للكلام نشراً وطياً ، وإنه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره ، فإن أذن لي الأمير أن أنشره نشرته ،فأعجبه كلامه ، وقال له : أنشره لله درك ، فقال : يا أمير المؤمنين إنه أصابتنا ثلاث سنون سنة أذابت الشحم وسنة أكلت اللحم ، وسنة دقت العظم ، وفي أيديكم فضول مال، فإن كانت لله ففرقوها على عباده ، وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم ، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم ، فإن الله يجزي المتصدقين ،
فقال هشام ، ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثلاث عذراً فأمر للبوادي بمائة ألف دينار وله بمائة ألف درهم ، ثم قال له : ألا حاجة ؟ قال : ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين ، فخرج من عنده وهو من أجل القوم .

فصاحة أعرابي:لقي الحجاج أعرابياً في البادبة فقال له ما بيدك؟ قال: عصا، أركِزُها لصلاتي، وأُعِدُّها لِعُداتي،وأسوقُ بها دابَّتي، وأَقوى بها على سَفَري، وأعتمد عليها في مشيتي؛ لِيتَّسِعَ بها خَطْوي، وأعبُرُ بها النهرَ فتؤمِّنُني، وأُلْقي عليها كِسائي؛ فيستُرُني من الحَرِّ، ويقيني من القَرِّ، وتُدني ما بَعُدَ مني، وهي مِحْمَلُ سُفْرَتي، وعَلاقة إدَاوَتي، ومِشجب ثيابي، اعتمد بها عند الضَّراب، وأقرع بها الأبواب، وأتقي بها عَقور الكلاب، تنوب عن الرُّمح في الطِّعان، وعن الحَرْبة عند منازلة الأقران،ورثتُها عن أبي، وأورِّثُها بعدي ابني، وأهشُّ بها على غنمي، ولي فيها مآرب أخرى،كثيرة لا تحصى .

عن الأصمعي قال: سألت أعرابياً من بني عامر بن صعصعة عن مطر أصاب
بلادهم :
فقال : نشأ عارضاً فطلع ناهضاً ثم ابتسم وامضاً فأعس في الأقطار فأسجاها وامتد
في الآفاق فغطاها ثم ارتجز فهمهم ثم دوى فأظلم فأرك ودث وبغش وطشث ثم
قطقط فأفرط ثم ديم فأغمط ثم ركد فأشجم ثم وبل فسجم وجاد فأنعم فقمس الربا
وأفرط الزبى سبعاً تباعاً ما يريد انقشاعاً حتى إذا ارتوت الحزون وتضحضحت
المتون ساقه ربك إلى حيث شاء كما جلبه من حيث شاء
.
أضل أعرابي الطريق ليلا ً، فلما طلع القمر اهتدى، فرفع رأسه إليه متشكراً قائلاً
له :
ما أدري ما أقول لك وما أقول فيك، أقول رفعك الله ، فقد رفعك، أم أقول نوّرك الله فقد نوّرك،
أم أقول حسّنك الله فقد حسّنك، أم أقول: عمرك الله ، فقد عمرك ، ولكني أقول: جعلني الله فداك
.