الموضوع: فوائد لغوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2019, 09:43 AM
المشاركة 27
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: فوائد لغوية
الفائدة السادسة
( رغيف )

رَغيف: (اسم)نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
والجمع : أَرغِفَة و رُغُف و رُغْفان
الرَّغِيفُ : قطعةٌ من العجين تُهيَّأُ وتُخبَزُ
والفعل رغف فعل متعدٍ أي يأخذ مفعولاً به ..
نقول : رَغَفَ العَجينَ : جَعَلَهُ رَغيفاً
ونقول :
يَشْتَغِلُ فلانٌ مِنْ أَجْلِ رَغيفِ أَبْنائِهِ :- : أي يشتغل من أجل كَسْبُ قُوتِ أَبْنائِهِ ، مَعيشَتُهُمْ
ويقولون في المثل الشعبي عندنا في فلسطين ( حلم الجيعان - الجوعان - رغيف )
أما في مصر فيقولون : ( حلم الجيعان - الجوعان - عيش )
يسمى رغيف الخبز في مصر ( عيش ) بالتأكيد لأنه لولاه لما عاش الإنسان وسدّ جوعه .
للرغيف حكايات وروايات ..
( الرغيف ) رواية تكاد تكون رواية «الرغيف» التي أصدرها الروائي اللبناني الرائد توفيق يوسف عواد عام 1939 هي الرواية العربية اليتيمة التي دارت أحداثها كلها حول الحرب العالمية الأولى التي انطلقت شرارتها عام 1914. الحرب هذه، تشكل فضاء الرواية ومحور أحداثها ومرجع أبطالها أو شخصياتها. وفيها تحضر الحرب بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، اللبنانية والعربية، عطفاً على خلفيتها الدولية بصفتها حرباً عالمية. كان عواد سباقاً فعلاً في استعادته هذه الحرب روائياً بعدما شغلت هموم الشعراء النهضويين وشعراء المهجر، وهم كتبوا فيها قصائد ذات بعدين، بعد مأسوي وآخر بطولي، لا سيما بعدما اندحرت جيوش الدولة العثمانية التي سيطرت على العالم العربي أكثر من أربعة قرون، كانت الأشد ظلاماً في التاريخ العربي.
كتب شعراء النهضة وأدباؤها قصائد ونصوصاً عن المآسي التي شهدها العالم العربي خلال أعوام الحرب، بؤساً وجوعاً ونزوحاً، ولما سقطت الهيمنة العثمانية راح الشعراء يمتدحون الثورة العربية الكبرى وأبطالها. غير أن ما كُتب، من نثر وشعر، كان سليل اللحظة التاريخية ورد فعل عميق في أحيان، إزاء الحرب ونهايتها التي خلعت النير العثماني الذي كان ثقيلاً على الشعب العربي.

أما أشهر قصة عن الرغيف فهي قصة ( صاحب الرغيف )
قصة أبو موسى الأشعري رواها بن أبي شيبة في المصنف وبن أبي عاصم في الآحاد والمثاني وإسنادها صحيح :لما أغشي على أبي موسى الأشعري وكان حوله أولاده، أبو برده وعبد الله
وغيرهم ، فقال لهم يا بَنيّ أذكروا صاحب الرغيف وأغمي عليه ، لما أفاق قالوا له يا أبانا منْ صاحب الرغيف ؟ فحكي لهم قصة رجل مثل جريج ،
تقول القصة :
(( رجل من بني إسرائيل عبد الله سبعين سنة ، عابد وكان ينزل مرة كل سنة إلى البلد .
ففي مرة من المرات التي نزل فيها رأى امرأة جميلة قلبت لبه خطفت عقله فكان معها سبعة أيام في الفاحشة ، ثم انكشف عنه الغطاء فهام على وجهه في البرية ، صار يمشي من هول ما انكشف عنه الغطاء ، كيف بعابدٍ سبعين سنة ويواقع الفاحشة ؟ ونزوله البلد يجعله يعمل هذا فصار يمشي ، كلما يخطو خطوة يسجد سجدة ، ثم يقوم يخطو خطوة ويسجد سجدة ،
كل هذا وهو يريد أن يكفّر عن الذنب الذي عمله ، وظل على ذلك حتى وجد جماعة من المساكين يجلسون جميعهم على مكان مرتفع وكان قد تعب جدًا يمشي بلا طعام ولا شراب و يخطو خطوة يوسجد سجدة ,فلما وجدهم هكذا ألقى بنفسه بينهم .
وكان هناك راهب يرسل لهؤلاء الاثني عشر مسكيناً ، اثنا عشر رغيفاً كل يوم ، فأصبح هؤلاء الجماعة ثلاثة عشر، وكان الرجل كالعادة يرمي له الأرغفة واحد اثنين حتى اثني عشر ، وهذا رمى نفسه بينهم ، فلما ألقى الأرغفة فتبقى آخر واحد دون رغيف ، فقال له أين رغيفي ، فقال له أنا لم أكتمك شيئًا ، فقال له أنا لم آخذ رغيفي ، فقال هل أخذ أحدكم رغيفين ، ولم يخطر بباله أن يَعدّ الرؤوس ، فقال أنا لم آخذ وحلف عليه بالله أنه لم يعطِه أي شيء اليوم .
سمع الراهب الحوار وعرف أنه أخذ الرغيف الذي يأخذه كل يوم فرماه له ثم مات من ليلته ،
فوُزنتْ عبادة سبعين سنة بالسبع ليال فرجحت السبعُ ليالي ووزن السبع ليالي بالرغيف فرجح الرغيف ، لذلك كان أبو موسى الأشعري يقول: ( يا بني أذكروا صاحب الرغيف )وهذا مما يدل على أن العبد قد ينجو بأهون شيء : فالعاقل لا يحتقر شيئًا من عمل الخير مهما كان صغيراً .. وكما قيل: إنك لا تدري أي عمل يدخلك الجنة
وما أجمل ما قاله أبو العتاهية عن رغيف الخبز :
رغيف خبز يابسٌ ** تأكله في زاويه
وكوز ماء باردٍ ** تشربُه من صافيه
وغرفةٌ ضيّقةٌ ** نفسُك فيها خاليه
ومسجدٌ بمَعزِل ** عن الورى بناحيه
تدرس فيها دفترا ** مستندا بساريه
معتبرا بمن مضى ** من القرون الخاليه
خير من الساعات في**فيء القصور العاليه
تعقُبها ندامةٌ ** تُصلى بنار حاميه
فاسمع لنُصح مشفِق ** يُدعى أبا العتاهيه
قيلت هذه الأبيات دعوة للزهد في الدنيا والرضا بالقليل حتى لو كان رغيف خبز يابس ..

==تختلف أشكال وأحجام وألوان رغيف الخبز وطريقة تحضيره من بلد لآخر
ففي فلسطين لرغيف الخبز على الطابون غارق بالزيت والزعتر طعم لا يقاوم
وأصبح الخبز والزيت والزعتر رمزاً وطنياً فلسطينياً
ولرغيف الخبز تأثير على الحياة وعلى المشاعر .. ففي الدول الفقيرة تنتفض الشعوب لرغيف الخبز ولقمة العيش إذا ما رفعتْ حكوماتها سعر الدقيق ( الطحين )
وفي فلسطين .. كم من عامل استشهد على حاجز اسرائيلي برصاصهم الغادر من مسافة صفر وهو ذاهب إلى عمله من أجل رغيف الخبز .. حتى أن الفلسطينيين صاروا يسمون هؤلاء ب ( شهداء لقمة العيش ) أو ( شهداء رغيف الخبز )..
لله أنت يا رغيف الخبز ..لا غنى عنك لا في سلم ولا في حرب

التوقيع / رغيف خبز