عرض مشاركة واحدة
قديم 07-13-2019, 02:44 AM
المشاركة 33
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
في المقهى

يجلس وحيداً يراقب الساعه التي تشير الى الحادية عشر وثمان وخمسون دقيقة ينظر الى الثوانِ بإسهام، يشعر بسخونة في أطراف أصابعه ينظر اليها ،، للأسف الساعة تجاوزت الثانية عشر بعشرين ثانية وهي اللحظة التي انتظرها منذ أن جلس بالمقهى، أصابه الإحباط أشعل سجارة.. انتظار يتلو انتظار، ربما موعد لم يكتمل بعد او غداء عمل او أي شئ آخر ، يمسك بالجريدة اليتيمة وينفضها ليرفعها امام وجهه ، بأصبعين يعدل نظارته على أنفه لتتضح له الرؤيه ، نفس العناوين البارزة والمقالات المبتذلة التي يقرأها كل يوم ، كتاب لا يمتون لمهنة الكتابة بصلة ، بعض الأخطاء اللغوية بالجريدة ، يبدو أن المدقق اللغوي كان يعمل تحت تأثير الكحول ، صور لفتيات شبه عاريات يستخدمهن رئيس التحرير كسلعة لإجتذاب القراء لشراء الجريدة ، في الجانب المقابل من المقهى تجلس ثلاثينية شقراء لوحدها على طاولة تتسع لشخصين ،، تطرق على الطاولة بشكل موسيقي بأطراف أظافرها وتراقب الشخص غريب الأطوار الذي يجيد الانتظار ، تابعت كل حركاته بإهتمام بالغ ،تعلم انه الآن قد وصل الى الصفحة الرياضية بالجريدة ، رفعت يدها للنادل ونادته بصوت عالي كي تلفت إنتباهه ، لم تنجح الخطة ، سألها النادل : ماذا تطلبين سيدتي ،
أربكها السؤال فلم يكن النادل من ضمن الخطة ، لا زالت تراقب وتبحث عن مناورة اخرى لإقتحام الغريب ، أعادت الكرسي الى الخلف لتقف أمام طاولتها ، ثم توجهت بالقرب من طاولته بخطوات ثقيلة ممزوجة بصوت أسفل الحذاء مع الأرضية الخشبية ، لم يلتفت حتى الأن ، أسقطت المفتاح بالقرب منه لتنحنحي ، سبقها بخطوتين ورفع المفتاح وقال : تفضلي
ليمسك بالجريده مجدداً ، لم ينظر لها جيداً أو ربما لم ينظر تماماً ، يتابع المقالات الرخيصة بشغف ولا زالت الحسناء واقفه لا تعلم ماذا تفعل ، تحدثت مع نفسها من أين أتى هذا الأبله ، أعجبت به أكثر لجموده ولأنه لم يعرها أي اهتمام ولكنها استنفذت جميع المحاولات المتاحة ولم تنجح حتى في الأخيرة (معرض شرف الوطن) ، قررت العودة لطاولتها ومعها ما تبقى من كرامة ، أدارت ظهرها له وتقدمت خطوات مبتعدة عنه ، سمعت صوت أجش خلفها ينادي سيدتي ، التفتت لتجده نفسه ، بدلت ملامح وجهها سريعاً كمكر أنثى، دهشةٌ وإستغراب يتلوهما سؤال: هل تتحدث معي ،
-نعم سيدتي ،
اقتربت قليلا وقالت ، ما بك ؟
بنفس الملامح ، قال هلٓا تشاركيني الطاوله فأنا أجلس وحدي أيضاً ؟
سألته : هل كنت تراقبني ؟
أجابها : نحن الرجال نجيد فن المتابعه عن بعد
بحرص اكثر ، ابتسمت وسحب لها الكرسي عرفها بنفسه : أنا ستيفن ماكوي ،
وعرفت بنفسها: أنا ليندا ،
-مرحباً بك ليندا هل أطلب لكِ قهوة إسبريسو فهم متخصصون في صنعها ،
- لا شكراً فأنا لا اشرب القهوة ،
سألته : لم تدخن بشراهة ،
ابتسم وأعاد لها السؤال نفسه : هل كنتِ تراقبينني ؟
ولم ينتظرها أن تجيب ، أردف ايضا : أنا هنا أجلس لأحسب خيباتي أنظر للساعة كمن يعمل بالبورصة لأتابع كم من الوقت مضى على أخر خيبة وأقراء هراء أنصاف الكتاب المتاحين ضمن الجرائد الرخيصة ، أستهلك نصف مخزون القهوة في الربع الاول من الشتاء ،
ضحكت حتى أدمعت عيناها فستيفن لم يكن يميز بين الضحك والبكاء وقالت : أظن انني أنتظرك أنت لنجمع خيباتنا سوياً ونفتح أكبر متجر لبيع الخيبات مجاناً ،
ضحكا كما لم يضحكا من قبل ، تبادلا النظرات والمواضيع المشتركة في ثلاث دقائق ، أخرج محفظته ليضع أضعاف سعر الفاتورة على الطاولة ، نظر الى الساعة المعلقة بالحائط ، تشير الى الواحدة الا ثوانٍ ، ، أدار محرك السيارة ، لحق بهما النادل وقال :سيدتي المشروب في الطاولة عذراً للتأخير ،
قالت : شكراً سأعود قريباً ،
ولا تنسى هنالك بقشيش على الطاولة من أجلك ،
مرت عدة سنوات ولا زال النادل ينتظر عودتهما ولم يعودا حتى الان.

هتان ضياء الدين الماحي.

الابتسامة هي قوس قزح الدموع