عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-2019, 04:53 AM
المشاركة 32
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
" مقهى السعادة "

كراسي خشبية قديمة..وطاولات مزخرفة فارسية..
أباريق ماء تغلي وأقداح الشاي المعلقة وفناجين القهوة والصحون المقلوبة
مع أشكال البخار المبعثر الذي يشكل غيمة بيضاء

الكل يبحث عن ما يريد في المقهى الصغير
واحد يسال نفسه عن مستقبله متناسيا ماضيه وما يكسوه من ستار الظلام الحزين
وغير مبالي بالحاضر ولا ما يوجد فيه .. بل ويكاد يجزم بأنه يعرف مستقبله مقدما
لكنه يحاول أن يعطي لنفسه تفاؤلا بما سيأتي..

وأخر يجلس على طاولة وحيدة منفردة خارج المقهى ومعه
قدحا من الشاي مع النعناع وهو واضع ساقا على ساق منتظرا امرأة تخلصه من عزوبيته و من وحشة المساء

التي لطالما تكابر عليها في شبابه و قال..
مالي بهم الزواج وهم النساء وغيرتهم
فلأبقى عزب بلا هم وغم..أدور من مرسى إلى مرسى ومن قلب لقلب
بلا حسيب أو رقيب يسألني أين كنت ومع من ولماذا والخ..
لكنه حين فات قطار العمر مسرعا والشيب غزى الرأس
شعر بوحدة قاتلة وهو جالس بين أربع جدران بلا أنيس أو ونيس

وهناك في هذا المقهى عشرات الحكايات والقصص
التي تتناقلها الكراسي والطاولات عن الذين مروا وكانوا هنا
وعن الذين مازالوا يضاجعون الأيام المتبقية في رحلتهم
إلى هذه الدنيا ومن بين هؤلاء...شاب في العشرين من عمره
طلق حياته بالثلاثة وجاء مقهى السعادة
راميا حقيبته البنية التي يحمل في داخلها أوراق أشعاره وكلماته المملئة
بالحزن والدموع بسبب فتاة تكبره سننا أحبها بكل ما يملك
وهي رفضته بداعي المحبة التي ترسلها عيناها..
كالتمثال وقف ساكنا فما عسى يفعل سوى أن يتناسى منذ عدة أعوام ولم يفلح
وها هو في مقهانا يجلس والشرود يغرقه..!...

وفي ختام جلستنا عند هذا المقهى المزعوم بمقهى السعادة
نصادف بان صاحب المقهى..قد كان من أتعس الأشخاص على الإطلاق
فهو من من أقدارهم دائما ما تكون نهايتها الموت..بلا رفيق أو صديق يزور القبر
سوى الحزن الذي يهدي نعشه وردا ذبل.....
صاحب المقهى: ولد يتيما وعاش وحيدا إلى أن أحب امرأة وعاش معها قصة حب خيالية لم يشهد لها الزمان مثيل , لكنها ولسوء الحظ لم تكتمل..جلس على الكرسي الوحيد الذي يطل على البحر والشمس عند الغروب
هذا المكان الذي تواعدوا أن يجلسوا فيه الساعة السادسة عصرا
وكان صديقنا قد جهز نفسه وتعطر و تهندم
وخبئ الخواتم لتكون لحبيبته مفاجأة..
دقت السابعة ولم تأتي بعد.. لقد تأخرت
بدء يقول في نفسه وأفكاره..لم تهدئ
ينظر بساعته مرة أخرى إنها الثامنة...فأين هي أين؟؟
قبل أن يكمل جملته رن هاتفه..فعرف إنها هي لأنه كان قد خصص لها نغمة خاصة
ترددهل يجيب أم لا..وكأنه تخوف من الرد لكنه في النهاية أجاب
فقالت له..تعبر عن مشاعرها له بصوت غريب متعب..وراحت وراح صوتها ولم يبقى سوى صداها في إذنه
وجأة أجابه صوت أنوثي آخر إتضح أنها ممرضة قالت له
أنا آسفة فقد ماتت .. لأن حالتها كانت خطرة بسبب حادث سير تعرضت له اليوم
وهي تمشي مسرعة لتصل إلى موعد تأخرت عليه
فجلس من شدة الصدمة يبكي ويبكي..
وعلبة الخواتم بقربه وفي لحظة غضب و ثورة مسك علبة الخواتم ورماها بالبحر..
وراح يبكي ويسير ما بين الشوارع ويتكئ على القناديل
يندب حظه ويشكي لأرصفة الطرقات

لكنه رغم الألم حاول بعد مدة أن يكمل حياته حاملا حزنه وكآبته على أكتافه
حتى قرر أن يفتح مقهى..يدعوه مقهى السعادة..يأتي إليه كل من له حزن في قلبه
يريد أن يلقيه..ويشكي ما جرى له في الماضي والحاضر
ويحاول أن يفتح صفحة جديدة..حين يدخل المقهى
ويلامس جدرانه المزخرفة بنقوش أكدية.....

كانوا هنا..وكنا هنا..وها نحن كلنا هناك

قصة قصيرة نقلتها لكم

الابتسامة هي قوس قزح الدموع