عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2011, 12:20 AM
المشاركة 32
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،

قراءة نقدية معمقة لقصة " المهلهل" لكاتبها القاص مبارك الحمود:

عندما نبحر في هذه قصة ( المهلهل ) للقاص مبارك الحمود، نجد بأنه قد اختار أسلوب الاسترجاع في سرد قصته، حيث نجد بطل القصة يعود بنا إلى يوم مولده ليصف لنا باستخدام ضمير المتكلم الظروف التي ولد فيها، وكيف كانت ردة الفعل على وصوله خاصة من قبل والده.
ونجد أن القاص قد بدأ قصته بحوار بين الأب والممرضة، ومثل هذا الحوار يدفع المتلقي للتورط في الحدث بسرعة كبيرة. ونجد أن موقف الأب من ولادة ابنه قد جاء مفاجئا، فبينما نجد الناس يرقصون فرحا وطربا لولادة ابن، خاصة إذا كان صبيا، نجد هذا الأب يعرض التخلي عنه للممرضة متسائلا ماذا يفعل به؟ وهذه البداية المغايرة والصادمة تحسب للكاتب، وتعتبر من أهم عناصر الشد للمتلقي..فلا بد أن وراء هذا الموقف قصة تستحق أن تروى.
اقتباس: " مباركٌ, رزقت بمولودكالقمر..قالتهاالممرضة ذات يوم لوالدي..
- ماذا أفعل به, خذيه أنت, اعتبريه هدية, ولتغنيللقمر..
هكذا بدأتحياتي, كنت الطفل الخامس, لعائلة أصبح مالكها الفقر منذ أزمانٍبعيدة. كنت أصيحأحياناً من جفاف ثدي أمي النادر التقامي له, وأحياناً أخرى من جفاففمي..
- يا للسخريةبدأ يتذمر منذ الآن..
يقولها والدي لترد عليه أمي:
- إنه يخبرك مقدارتذمري..
وكانت تلك آخرجملة تنطقها أمي قبل موتها كما يقول أبي, كان يضع اللوم علي, ويسألني "لماذاأتيت؟", وأقول:"اسأل روحك!؟."


ونجد أيضا بأن القصة ككل تبدأ بحدث (الولادة)، ولادة البطل، وتنتهي بحدث (الموت) موت البطل...وفي ذلك استثمار ذكي للتضاد من ناحية وتسخير لثنائية الموت والحياة كفكرة مسيطرة على الحدث في القصة ككل..وهي من أهم الأفكار والأكثر جذبا وأثرا على المتلقي.
ونجد أن القاص بدأ قصته بذكر الرقم خمسة (ألطفل الخامس) في تسخير للغة الأرقام هذه اللغة الكودية الأهم كونها لغة الكون. وفورا يتحدث عن صراع تلك العائلة مع الفقر الذي يمتد لازمان طويلة حتى أن الطفل الوليد كان هو أيضا يصارع من اجل البقاء والحياة كنتيجة لجفاف ثدي أمه، وأحيانا من جفاف فمه هو.
والصراع في القصة عنصر مهم للغاية من عناصر الشد والجذب، كونه يعكس الحياة التي تقوم في كل جوانبها على الصراع، وهو ما يجعل القصة هنا غاية في الحيوية...والذي يزيد حيوية القصة تلك الصورة المهولة التي رسمها قلم القاص لطفل يحاول الرضاعة من ثدي أمه لكنه يصرخ لجفاف ذلك الثدي..ولا شك أنها صورة غاية في التأثير على المتلقي، وهي تورطه عاطفيا مع ذلك الطفل الصغير (بطل القصة) الذي نجد بأن الحدث يتمحور حول حياته من الولادة حتى الممات...هذه الشخصية التي تظل نامية متطورة ديناميكية خلال الحبكة، وهو الأمر الذي يتقنه مبارك الحمود حيث دائما ما نجده يتقن بناء شخصيات قصصه بصورة فذة مما يدفع المتلقي إلى أن يتخذ موقف منها.
ثم نجد القاص يعود للغة الحوار من جديد في الأسطر التالية، وهذه المرة يسرد لنا ذلك الحوار القصير الذي دار بين الأب وألام، فكان دفاعها عن ابنها (المهلهل) آخر ما نطقت به من كلمات قبل موتها، لكن موت الأم لم يحل العقدة التي تشكلت بولادة الطفل، ولم يغير موقف الأب من الطفل، حتى انه صار يعتبر الابن السبب في موت الأم في قصة ظل يرددها الأب للابن طوال حياته مما أسس لصراع آخر في نفس الطفل.
ونجد أن القاص قد شخصن الفقر في هذه الفقرة من القصة وجعله وكأنه يملك العائلة كناية عن تلك الحالة الرهيبة من العوز التي كانت تعاني منها العائلة، كما انه استخدم كلمات تدل على الحواس، وكرر لذلك الغرض كلمة الفم (حاسة التذوق). لكن العناصر الأبرز هنا تظل محورة السرد حول ثنائية الموت والحياة، واستثمار التضاد بين الولادة والموت، إضافة إلى الصراع الرهيب المتعدد الجوانب،.بما في ذلك الصراع الفرويدي الخفي بين الأب والابن حول الأم، والذي ربما يكون احد الغايات من كتابة هذه القصة، حيث نجد الأب يرفض ولادة ذلك الابن الخامس منذ لحظة وصوله.
يتبع،،،