عرض مشاركة واحدة
قديم 09-26-2010, 04:45 PM
المشاركة 3
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


الأخت الكريمة ناريمان

منذ مدة وأنا ألاحظ في منتدانا بأن هناك نصوصا ً يلفها الغموض المقيت وربما يتباهى أصحابها بأنه قد أتى

بجديد في اللغة العربية , أوينسبها الى الرمزية , ويتهم قارئه بأنه لا يفهم كلامه أو شعره , لأنه لا ينتمي لهذا

المستوى الذي يتكلم به هذا , الشاعر الجهبذ الغامض , الرمزي , كما يحب أن يوهم نفسه !

وأنا أراها وبرأي المتواضع بأنها : أفكار مهوشة مضطربة في رؤوس , أحب أصحابهاالتعبير عن أفكارهم بالشعر ولم

يؤتوا ملكته , ولا أعدوا له عدته , ولم يعطهم الله شعور الشاعر , ولطف حسه وصفاء نفسه , فاستعاضوا عن ذلك كله

بالانتماء إلى المذهب الرمزي أو الغموض . وهذا الذي يسمونه غموض , ليس بأدب , ما فيها إلا كلام

مصفوف بلا نظام , مرصوف بلا إحكام , ألفاظ لها مثل صوت الطبل , وهي فارغة مثل الطبل .

ومن بدائة العقل أنك تفهَم لتكتب , وتكتب لِتُفْهِم , ولكن من الكتاب من ينسج قبل فرز الخيوط ويكتب قبل درس الفكرة ,

فيلتاث عليه الأمر , وإن منهم من يجيب أن الوضوح ينافي العمق , والبساطة تجافي الدقة , فيغرب ولا يعرب ويجمجم

ولا يترجم , ثم يسمي هذا الغموض فنا ً , وذلك العجز رمزا ً.

الوضوح لازم من لوازم اللغة العربية , إن ذوقنا أقرب إلى الوضوح , على أننا لا نقصد بالوضوح أن يسفر لك الكلام عن

معناه كله لأول وهلة , إنما نقصد الوضوح الفني , الذي يتراءى خلال النقاب الشفاف والظلام المضيء , والعمق الصافي .

وهو بالطبع أكثر دلالة , وأشرق بيانا ً , وأورع جمالا ً , وأطول وحيا ً من ذلك الوضوح الساذج الذي يعرفه الكاتب الجاهل , ويطلبه القارئ الغبي .

وأما ذاك الغموض الذي يفتح آفاق الفكر وينبه أذهان السامعين , فليس معناه التعمية المظلمة كما هو حال

الشعر الحديث في كثير من أحواله .

موضوعك رائع يا ناريمان وجدير بالمناقشة والحوار لأنه يضع علامات للذين يودون أن يكونوا أدباء ً أو شعراء في

لغتنا العربية , وليس في لغة أخرى .

سلامي لك .