عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-2013, 09:33 PM
المشاركة 110
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشاطر 2
يعود كل يوم وقد تلطخت ملابسه ، فيجد أمه هيأت له حماما وطعاما ، يلهو بألعابه الالكترونية قليلا ، يشاهد حلقة صديق الأطفال ، ثم تتسلل أصابعه إلى الخزانة فيسيح بين أحضان قصصه في انتظار قدوم والده .
أبوه يحبه حبا مجنونا ، رغم ذلك يفرض عليه نظاما صارما ، غسل الأسنان ، تقليم الاظافر ، تهوية الغرفة ، ساعات اللعب ، أوقات المذاكرة ، يرافقه إلى البحر وهناك يجده الشاطر إنسانا مغايرا ، يخيل إليه أنه طفل في حجم كبير ، يتراشقان بالماء ، يرميه على الأمواج ، يعلمه ركوبها على صهوة اللوح فيتزحلقان بندية الصبيان ، يصطادان الأسماك قرب الصخرة الجاثمة على بساط الماء الأزرق عند مصب النهر . يستطيب علي مخادعة الحيتان بصنارته الحادة التي يختار لها طعما أخاذا ، يحرك القصبة بمهارة الصياد ، تتهافت عليه الأسماك لترصع مائدة العشاء .
الجار مصطفى ميسور الحال ، لديه قارب جميل ، يخت فيه غرفة نوم و مطبخ و حمام*وبهو صغير بأريكتين و مائدة و مقصورة القيادة بأجهزة وشاشات مختلفة الأحجام ، في شرفته مقاعد مذهبة تحت ظلة قزحية الألوان ، هناك يستشرف الجارمع زوجته طامو هذه الصفحة الزرقاء .
ركبوا البحر و قد تبن الخيط الأبيض من الأسود ، أمه تظهر اليوم أكثر جمالا بجسمها الرشيق و فستانها الوردي . طامو تتحرك ببطء ، فاض وجهها على عنقها ، وتكوم ظهرها فغابت رقبتها ، باسمة الملامح ، وديعة الصوت ، صعدت اليخت بصعوبة و زفرات متتابعة ، ترغمها الأم في فسحتهما أحيانا على السباحة رغم تحرجها من عيون تشد إليها الرحال كلما شلحت ملابسها ، فتصبح كتلة لحمية بدينة تمشي الهوينى نحو الماء كفقمة سمينة .
لم يحس غربة كبيرة رغم اقتحامه عالم الكبار أحيانا يرى فيهم براءة أطفال المدارس ، أحب أن يمثل في حضرتهم دور راشد حقيقي ، فيحاولون استنطاقه وأخذ رأيه فيجرهم إلى شغب الطفولة فتنطلق قهقهاتهم ، يحب استثارة ضحكاتهم فيظنون به قصورا ، يغتنمها فرصة لاستكشاف سذاجة الكبار ، قالت له الخالة طامو : "هل تود أن تلعب معي الغميضى؟"*رد عليها متهكما :" طبعا ولكن لا تستطيعين الاختباء تحت المائدة " فثارت ثائرتها واحمرت وجنتاها الممتلئتان ،فاستطرد قائلا:" عذرا خالتي لست كمشرفة برامج الأطفال ، يوما أرادت أن تمازح قطها الذي تقوس ظهره وانتفخ ذيله ، فغرز مخالبه في وجهها ، فاضطرت لارتداء قناع طيلة أسبوع كامل " انطلت الكذبة على الخالة المبتسمة على إيقاع ضحكات الجمع ، فضمته بقوة طابعة قبلة على جبينه ، فأحس ضغطا يعصر جسمه الفتي كما لو أنه بين فكي كماشة .*