الموضوع: وليم شكسبير
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-22-2010, 12:51 PM
المشاركة 6
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(هاملت) (1600)‏

تجري الأحداث في الدانيمارك في القرن الرابع عشر، إذ يرى حراس القصر طيفاً في منتصف الليل، وهو طيف الملك الذي قتله أخوه، إذ وضع سماً في أذنه وهو نائم، ولكن الناس يظنون أنّ أفعى لسعته، وكان الملك المقتول قد تبارز مع ملك النيروج، وقتله أثناء المبارزة، إلا أن ابن ملك النيروج، واسمه فورتنبراس أخذ يجند جيشاً للهجوم على الدانيمارك للثأر لأبيه، ولاستعادة الأملاك التي فقدها والده. إذ من شروط المبارزة أن من يقتل يخسر أيضاً أملاكه. ولكن ابن ملك النيروج بعد مقتل والده، لم يعترف بهذا الاتفاق، وحشد جيشاً لاسترجاع ما ضيعه والده.‏

ويرغب لايرت بن بولونيوس في العودة إلى فرنسا لمتابعة دراسته، إذ جاء فقط لتقديم التهاني للملك الجديد بالعرش. ويخبر هوراشيو ـ صديق هاملت وزميله في الدراسة أنّ الحارسين رأيا طيفاً يشبه طيف والد هاملت، وهو في لباسه الحربي، وقالا لـه ذلك. ورأى هوراشيو في الليلة الثالثة معهما الطيف نفسه في منتصف الليل.‏

ويخبر الطيف ابنه هاملت أنّ عمه الملك الحالي، قتله إذ وضع السم في أذنه وهو نائم في الحديقة، بعد أن أقام علاقة مع الملكة، وبذلك قام الملك الحالي بقتل أخيه والجلوس على عرشه، والزواج من الملكة التي كانت سابقاً عشيقة لـه. أيّ سلبه حياته وعرشه وشرفه. ويطلب الطيف من هامت الأخذ بالثأر، ويعده هاملت بذلك. إنّ مأساة "هاملت" من المآسي التي تعتمد على سلسلة من الأعمال الانتقامية، فكلّ جريمة هي ثأر لجريمة سابقة.‏

وكان هاملت يشعر أنّ قصة زواج عمه الملك الحالي من أمه بهذه السرعة غير طبيعية، وكان يشعر بذلك قبل أن يبوح لـه طيف أبيه بالسر. والآن أصبحت الأمور واضحة، ويطلب منه الطيف الأخذ بالثأر، والكتمان عن رؤية الطيف. وكان ملك الدانيمارك قد أرسل إلى ملك النيروج يطلب منه عدم حشد الجيوش ضد الدانيمارك، وكان الملك بالوقت ذاته يشعر أن هاملت غير طبيعي. ويشرح لـه رئيس الديوان واسمه بولونيوس أنّ سبب ذلك هو حبّه لابنته أوفيليا. ولكن هاملت يقول لأوفيليا أنه لا يحبّها. ويطرح هاملت سؤاله المشهور "نكون أو لا نكون." (10).‏

واتفق هاملت مع فرقة مسرحية تمثيل مقتل أبيه، ووافق الممثلون، دون أن يعرفوا هدفه، ويشاهد هاملت مع أوفيليا والملك والملكة التمثيلية وهي حول ملك قتل بوضع السم في أذنه. ولا يستطيع الملك القاتل، عم هاملت، متابعة مشاهدة التمثيلية، التي أعدها هاملت، وبذلك يعرف أنّ طيف والده كان صادقاً، لأنّ الملك القاتل غضب، ولو لم يكن قاتلاً لما غضب من مشاهدة التمثيلية التي تصور فعلته الإجرامية.‏

ويختبئ بولونيوس وراء الستار ليتنصت إلى حديث هاملت مع والدته، ويشعر هاملت أنّ أحداً يتنصت عليه فيطعنه بسيفه دون أن يدري أنه بولونيوس ويقتله ظاناً أنه عمه الملك، وتفقد ابنته عقلها بسبب موت أبيها، ويخبر الملك لايرت أنّ القاتل هو هاملت. وتغرق أوفيليا في النهر حزناً على أبيها أيّ أنها تنتحر. ويتحدث هاملت مع أمه ويرى طيف أبيه ثانية ويظن أنّ أمه ترى الطيف إلا أنها لم تره. وكان هاملت قبل مقتل أبيه يدرس في جامعة وتنبرغ في شمال ألمانيا.‏

ويطلب الملك من هاملت السفر إلى بريطانيا، ويزود مرافقيه بكتاب إلى ولي العهد فيها، يطلب فيه أن يقطع رأس هاملت على فور وصوله بالبلطة، ويقرأ الرسالة، ويخفيها ويضع مكانها رسالة أخرى كتبها بنفسه، إذ كتب فيها باسم الملك: "الرجاء قتل حاملي هذه الرسالة بلا إبطاء" وختم رسالته بختم أبيه المقتول، الذي كان ما زال يحتفظ به ولم يسافر، أيّ حول الفخ الذي نصب لـه إلى فخ نصب لأعدائه.‏

ويتبارز لايرت وهاملت بتحريض من الملك الذي يريد التخلص من هاملت، وسيف لايرت مطلي بالسم القاتل، وكان الملك قد أحضر شراباً ساماً في حال عدم قتل هاملت بالسم فسيقتله بالشراب، وتشرب الملكة عن طريق الخطأ كأس الشراب السام، وتموت بعد أن صرحت أنّ سبب موتها هو كأس السم. ويتبادلان السيوف ويطعن كلّ واحد منها الآخر ويموتان ويقتل هاملت الملك بالسيف المسموم.‏

وبذلك يقتل ملك النيروج ويقتل ملك الدانيمارك مسموماً وابنه هاملت وزوجته الملكة بالسم ويقتل أخوه الملك القاتل، ويقتل رئيس الديوان بولونيوس وابنه لايرت وابنته أوفيليا غرقاً، ويقتل المرافقان اللذان حملا رسالة قتل هاملت إلا أنّ هاملت استبدلها برسالة أخرى. ونرى أشكالاً متنوعة للموت بالسم عن طريق الأذن أو الفم، الموت بالسيف العادي والمطلي بالسم، والموت غرقا بالنهر. ويصبح فورتنبراس ملكاً على الدانيمارك بعد انتصاره في بولونيا، ويبقى حياً من شخصيات المأساة هوراشيو ويقتل أكثر شخصيات المأساة، وعدد الذين قتلوا عشرة.‏

من أقوال هيجل (1770 ـ 1830): "الرجل العظيم يجشم الدنيا مشقة فهمه"، وهذا ينطبق على مسرحية "هاملت" من هو هاملت؟ هناك شبه بين هاملت ولايرت وفورتنبراس، إذ كلّ واحد من هؤلاء الشباب الثلاثة يحاول الثأر لوالده، فورتنبراس يريد قتل هاملت لأنّ والد هاملت كان قد قتل والده، ولايرت يريد قتل هاملت لأن هاملت قتل والده بولونيوس ـ رئيس الديوان الملكي. وهاملت يريد الثأر لوالده من عمه. طبيعة هاملت مترددة، لم يقتل عمه مباشرة، سبب قتل أوفيليا ووالدها وأخيها، لم يكن صادقاً في حبه، وبالوقت ذاته يثير الشفقة، وهناك رأي لفرويد (1856 ـ 1939) في سبب تردده، إنه داهية إذ استطاع أن يقلب الحفرة التي حفرت لـه إلى حفرة لغيره، إذ غير الرسالة التي كانت تتضمن ضرورة قتله بالبلطة.‏

المجتمع الذي يعيش فيه هاملت مجتمع فاسد، الزوجة خائنة، والأخ خائن وقاتل، وهذان هما أم وعم هاملت. كتب عن مأساة "هاملت" بشكل مفصل الدكتور حسام الخطيب وتوقف عند موضوع تلكؤ هاملت، وكذلك عند رأي فرويد (1856 ـ1939) (11)‏

وكتب عنها إيفان تورغينيف (1818 ـ1883) مقالاً بعنوان "هاملت ودون كيشوت": "إنه يعبر عن الأنانية ويحلل كلّ أمر، ولذلك لا يعرف الإيمان إلى قلبه طريقاً، يعيش بكل قواه من أجل ذاته" (12) هذا أحد آراء توغينيف عن هاملت.‏

ويتابع إيفان تورغينيف (1818 ـ 1883) مقارناً بين الدون كيشوت وهاملت: "رأينا في هذين النموذجين تجسيداً لطبيعتين إنسانيتين متناقضتين تناقضاً جذرياً، إنهما نهايتان لمحور واحد تدوران حوله، ورأينا أن كل إنسان ينتهي بنسبة أو بأخرى إلى واحد من هذين النموذجين، بحيث أنّ كلّ واحد منا إما يشبه دونكيشوت، وإما يشبه هاملت" (13)‏

وهناك وجهة نظر للشاعر الألماني غوته (1749 ـ 1832) الذي رأى أن هاملت يمثل ذلك النموذج من الرجال الذين شلت عندهم القدرة على العمل مباشرة، شلها نمو العقل نمواً مفرطاً.‏

ولقد رأى جبرا إبراهيم جبرا أنّ سبب تردد هاملت يعود لإيمانه بعبث النظام الذي يسود الكون، فلو قتل عمه لما استطاع اقتلاع الفساد من جذوره، مع أنه كان يتألم لأنه لم يفعل شيئاً لدرجة أنه تظاهر بالجنون لكي يحمي نفسه من الجنون الحقيقي، الذي كاد أن يصيبه بالفعل بسبب معرفته للفساد المحيط به، والذي يكاد يغرقه. يقول جبرا إبراهيم جبرا: "وتظاهره بالجنون محاولة إيجابية منه لدفع الجنون عن نفسه" (14).‏

ولا يستطيع هاملت أن يحبّ حباً متفانياً، مخافة أن تصبح زوجته، فيما لو تزوج، خائنة مثل أمه، التي يفترض أن تكون قدسية وشريفة، على الأقل بنظر ابنها. ويرى في رغبة أوفيليا بالزواج منه إقبالاً على الفجور، إنه ظنين ويظن في كل شيء، ولكن لظنونه مبررات، لأنه يعيش في مجتمع فاسد، الأم فاسدة، والعم فاسد، ولذلك فهو لا يثق بالآخرين، لأنهم فاسدون ومجرمون، وبالتالي فما هو العالم الذي يجسده الملك كلوديوس؟ إنه يجسد العالم الفاسد الذي يجب أن يزول. وكذلك والدة هاملت، أما هاملت فإنه يجسد تلك القوة المرشحة من قبل غيبية بالقضاء على الفساد، ويبدأ هاملت بالفعل بالقضاء على الفساد، فيقتل رئيس الديوان عن غير قصد، أيّ أنه يبدأ بالقضاء على حاشية الملك ولم تصل يداه إلى الملك إلا بعد أن قضى على الحاشية وعلى كل من يحيط بالملك، وكان ثمن القضاء على الملك الذي يرمز إلى عالم الفساد باهظاً، إذ دفع هاملت حياته ثمناً لذلك. وجاءت قوة ثالثة، تكاد تكون غير متوقعة، وهي من النيروج، فجاء فورتنبراس وتسلم زمام السلطة بعد أن قتل كلّ من في القصر الملكي الدانيماركي تقريباً.‏