عرض مشاركة واحدة
قديم 03-18-2013, 05:29 PM
المشاركة 7
آية أحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
إن من مساوئ البنوية التي سيطرت على النقد ردحا من الزمن، إكتفاؤها ببنية النص دون الغوص داخله والولوج في معانيه، مما جعلها تعزل النص عما حوله، بل وتنادي بموت المؤلف كي تبتره عن كل ما يمكن أن يمت بصلة اليه، وهي في الحقيقة فكرة فلسفية كغيرها من المدارس النقدية الغربية التي كانت منطلقاتها فلسفية، لكن وبظهور المناهج التي سميت ب"المناهج مابعد البنوية" استطاع النص أن يتخلص من عزلته ويرتبط بمؤلفه والظروف التي أنتجته وحتى بقارئه لينفتح بعد ذلك على التأويل وسبر أغواره لافتكاك مختلف الدلالات والمعاني التي أرادها الكاتب وأيضا تلك التي يقرؤها القارئ حسب ظروفه وثقافته و... وكل ذلك قد أثرى الدراسات النقدية ومنحها طعما آخر وجمالا مختلفا.
لكن الحديث عن التفكيكية يجعلنا نقف وقفة أخرى أمام هذا المنهج المفكّْك لا البنّاء، ذلك أن دريدا صاحب الفكرة عرف بتمرده وثورته على القيم مما جعله يتبنى فكرة التفكيك في المجتمعات ولتكن البداية -حسبه- من الأسرة باعتبارها المركز الاساس الذي يدور في فلكه المجتمع، لينقلها بعد ذلك للنص كهدف ثانويي.فالامر إذا هو نزعة نفسية تهديمية منطلقها فلسفي بحت.
لذا كان حري بنا -كمجتمع عربي له خصوصياته التي لا تنطبق على الغربيين- أن ننتبه لمثل هذه الأفكار.
وما يراد بأسرنا العربية، يراد بنصوصنا أيضا وعلى رأسها النص القرآني.
إن المناهج ما بعد البنوية قد أغنتنا عن تفكيكية جاك دريدا، وإن كان رولان بارث قد أبدع تفكيكية بعده تقوم على هدم النص ثم إعادة بنائه، وهي تفكيكية محمودة مقارنة بتفكيكية دريدا.
ومهما يكن، فإن النقد العربي في غنى عن هذه المناهج الغربية جملة وتفصيلا باعتبارها مناهج غير بريئة، لأن منطلقاتها فلسفية، والفلسفة الغربية لا يمكن أن تتماشى مع فلسفتنا للاختلاف العقائدي الموجود بيننا.
فمتى نستعيد زمان عبد القاهر الجرجاني وغيره من الأوائل الذين وضعوا حجر الأساس النقدي العربي، وتركوه لنا على أمل استكماله من بعدهم.
أخيرا: أوجه شكري الجزيل للأستاذ: طارق فايز العجاوي
الذي أثار هذا الموضوع الثري.